***مقدمة *** حين يفترُّ الفم بضحكة أو ابتسامة فيكشف عن أسنان منتظمة مصفوفة صفاً كحبات اللؤلؤ في عقد جميل رائع لا نملك إلا أن نقول : سبحان الخلاق المبدع لما تضفي تلك الأسنان على الوجه من مسحة جمالية بديعة تتناسق مع بديع خلق الله في باقي أجزاء الوجه . وقد شاعت في أيامنا وانتشرت ظاهرة عدم انتظام الأسنان والفكين لدى الكثيرين مما يخل أحيانا بمنظر الوجه الجميل ويسبب بعض الإزعاج والحرج لقسم من أصحاب هذه الأسنان غير المنتظمة وهذا يحدونا إلى أن نبحث عن أسباب هذه الظاهرة وما تقتضيه من طرق لعلاجها . وأيضاً ظهرت ظاهرة شائعة وبكثرة في أيامنا نراها بين الناس خاصة فئة الشباب والفتيات والأطفال هي ظاهرة عدم انتظام الأسنان . ما هي العوامل المؤدية إلى هذه الظاهرة ؟ هناك عدة عوامل تؤدي إلى ظاهرة عدم انتظام الأسنان فمنها العوامل الوراثية اخرى عوامل خارجية غير وراثية . العوامل الوراثية : فهي غالبا ما تنتقل إلى الأبناء عندما تكون هذه الظاهرة موجودة لدى أحد الوالدين أو كليهما وأكثر هذه الظواهر هو نمو الفك العلوي بشكل أكثر من الفك السفلي حيث انه يؤدي بالتالي إلى عدم التطابق والتناسق بين الفكين ، كما وأن هناك بعض الظواهر لعدم انتظام الأسنان نابعة عن حالات مرضية عند الإفراد مثل مرض ( التلاسيميا ) والذي بدوره مرض وراثي ويسبب بالتالي إلى مشاكل في الفك والأسنان . العوامل غير الوراثية : أ) فقدان مبكر لأسنان الحليب والذي بدوره يؤدي إلى عدم انتظام وترتيب بروز الأسنان الثابتة وبالتالي يؤدي إلى عدم انتظام الأسنان . ب) عادات سيئة وخاطئة مثل ) مص الإصبع والقلم ) وهذا يؤدي إلى بروز في الأسنان الأمامية خاصة في الفك العلوي كما يؤدي إلى عدم إغلاق تام للفكين في القسم الأمامي . ج) التنفس عن طريق الفم - وغالبا ما يحدث أثناء النوم والسبب يعود لعائق في مجرى التنفس عن طريق الأنف ، وهذا بدوره يؤدي إلى عدم انطباق الفكين في القسم الأمامي أيضا . ما هي أكثر إشكال التشوهات انتشارا في الفكين ؟ - تشوهات الأسنان والفكين متعددة وأسبابها كذلك متعددة ومختلفة . أما بالنسبة لأكثر التشوهات في الفكين انتشارا فهو بروز الفك العلوي على الفك السفلي بشكل كبير وملحوظ ، ومن المعلوم انه في الحالة الطبيعية فإن الفك العلوي ينطبق على الفك السفلي حيث يبرز عنه بشكل قليل جدا وهذا النوع من التشوهات قد يكون ناجماً عن أسباب عديدة منها الوراثية وغير الوراثية فإذا كان السبب وراثيا فإنه يكون تشوها صعبا وعلاجه صعب ومحدود ، أما أن كانت العوامل غير وراثية فإن التشوهات تكون أسهل وعلاجها أسهل وانجح . تشوهات اخرى وهي بروز الفك السفلي وبشكل بارز على الفك العلوي وغالبا ما تكون أسبابه وراثية وعلاجه أيضا صعب. ما هو السن المثالي لبدء العمل بتقويم الأسنان ؟ لا يمكننا الحديث عن سن معين لبدء تقويم الأسنان ، فهناك عوامل كثيرة تحدد ذلك منها : 1) نوع المشكلة : هناك مشاكل عديدة تحتاج إلى بدء علاج تقويم الأسنان في سن مبكرة لا نتركها إلى سن معين يمكن أن يفاقم المشكلة وبالتالي العلاج يكون أصعب ، وحالات اخرى لا يمكن البدء بها بسن مبكرة لان هذه المشاكل مرتبطة بالنمو ، ولهذا فإن عملية تشخيص مبكر للحالة هي الأساس في تحديد سن بدء التقويم . ب) طريقة العلاج : فهناك طرق لعلاج الاعوجاج تحتاج إلى البدء مبكراً ، وخاصة إذا كانت المشكلة غير مرتبطة بالنمو . أما إذا كانت طريقة العلاج مرتبطة بالنمو فيجب أن ننتظر إلى سن معين حيث نراقب فيه عملية النمو ومن ثم نبدأ بتقويم الأسنان . الطب الخاص بتقويم الأسنان قد اوجد طرق كثيرة لتقويم الأسنان : - هناك طرق عدة لتقويم الأسنان فمنها العلاج بأجهزة ثابتة وأجهزة غير ثابتة ( متحركة ) أ- العلاج بأجهزة متحركة . وهي عبارة عن أجهزة مركبة من الأسلاك والبلاستيك والتي توضع في الفم بدون أن تكون مثبتة بالأسنان وإنما يمكن أن يضعها الفرد ويخرجها بنفسه ، وهذه طرق عادة تستعمل لدى السن المبكر والحالات السهلة . ب- الأجهزة الثابتة : هذه الأجهزة عادة ما تستعمل في تقويم الأسنان في سن غير مبكر ، وذلك لأنها تكون ملصقة على الأسنان الثابتة فقط. هذه الأجهزة لا يمكن للمعالج أن يخرجها لوحده ، وإنما هي مثبتة بطريقة ما على الأسنان ، أن هذه الأجهزة ، بشكل عام تستعمل للحالات الصعبة نسبيا والتي تحتاج إلى تفعيل بعض القوى على الأسنان لكي يتم تنظيمها وتقويمها ، وهنا أود القول بان الكثير من الناس قد يرون في هذه الطريقة الانجح والأحسن في علاج التقويم حتى إنهم لا يريدون التطرق أو السماع عن طرق بديلة ، وهذا بدوره يعود إلى النتائج السريعة والملحوظة التي يرونها من خلال العلاج بهذه الطرق ولكن لا يمكن القول أن هناك طريقة أفضل وأحسن وإنما الأفضل هو أن يتم العلاج بالشكل الصحيح وبالطريقة الصحيحة والتي تخلق اقل إضرارا جانبية لان تقويم الأسنان لا يعني فقط ترتيب الأسنان بشكل مظهري جميل وإنما الحفاظ على صحة وسلامة الفكين وما يرتبط بهما من أعضاء اخرى . هناك سؤال يدور في أدهان الناس ؟ عن كبار السن . هل لهم أمل في تقويم أسنانهم ؟ إذا كانت غير منتظمة . نعم إن علاج تقويم الأسنان لا يقف عند سن معين بل هو ممكن لدى كبار السن أيضا وهنا أود أن الفت الانتباه إلى الكثير من الشائعات بأن تقويم الأسنان هو الممكن للأطفال أو الشباب فقط ، ولكن هذا غير صحيح فمن ناحية طبية لا يوجد هناك أي مبرر لعدم تقويم الأسنان عند متقدمي السن ولكن بشروط : 1 ) أن لا يكون لدى هؤلاء الأشخاص أمراض لثة أو تفكيك في الألياف التي تربط الأسنان بالفك . 2 ) أن لا يكون لدى هؤلاء أمراض اخرى مثل مرض السكري أو أن يتعاطوا أدوية التي بدورها تؤدي إلى أمراض اللثة مثل : ( أدوية لتمييع الدم ) فعندها لا يمكن إجراء تقويم أسنان لدى هذه المجموعة . الفترة الزمنية اللازمة حتى يتم التقويم وننزع جهاز التقويم عن الأسنان ؟ كثيرا ما نسمع بأن تقويم الأسنان يحتاج إلى سنة أو أكثر ، ولكن لا يمكن أن نتكلم عن فترة زمنية محدودة وكل ذلك مرتبط طبعاً بالحالة التي نعالجها وبالطرق المستخدمة للعلاج ، فهناك حالات تحتاج وقتاً كبيراً جداً بينما اخرى يتم الانتهاء من معالجتها خلال وقت اقصر بكثير . كما انه عندما نتكلم عن فترة العلاج لا يمكن أن ننسى الفترة الزمنية التي تتلو العلاج فهناك حاجة إلى عدة أشهر بعد العلاج يستعمل فيها أجهزة معينة لكي تثبت لنا ما قمنا به من تقويم وإلا فإن الطبيعة الأولى قد تؤدي إلى فشل العلاج إذا لم نأخذ ذلك بعين الاعتبار . نرى ونلاحظ من نظرتنا إلى من يستخدمون جهاز التقويم أن هناك عدة أنواع من الأجهزة ، فما هو النوع الأفضل ( من ناحية علاجية ، من ناحية مادية ، من ناحية الوقت اللازم حتى الحصول على نتائج ايجابية ) لا يمكن الحديث عن جهاز بأنه هو الأفضل من جميع النواحي ، أي الناحية المادية ، العلاجية أو من ناحية الوقت الكافي للحصول على نتائج ايجابية ، فلقد ذكرنا بأن لكل حالة يوجد الجهاز المناسب الملائم لها ، ولا يمكن لنا أن نربط الناحية المادية بالعلاجية أو غير ذلك ، لان هذا يودي إلى فشل العلاج ، كما انه لا يمكن الحديث عن النواحي المادية في علاج تقويم الأسنان ولا يمكن أن نأخذ ذلك في عين الاعتبار في حال تشخيص الحالة والبحث عن الطرق للعلاج . وكما وانه لا يمكن القول بان الجهاز الأكثر ثمنا هو الأفضل وبالعكس ، أما من ناحية الوقت الكافي للحصول على النتائج الايجابية فإنه حسب رأيي لكل جهاز يوجد الوقت اللازم ، ولكن ذلك مرتبط بالتخطيط السليم لاستعماله وبالحالة المناسبة لذلك. ماذا عن الأسنان الغير منتظمة من الناحية النفسية ؟ نرى أن الكثير من الأشخاص الذين يعانون من عدم انتظام في الأسنان بأنهم يمرون بأزمة وعدم راحة نفسية وهذا يبرز بطرق معاملتهم مع الناس حتى أن الكثير من هؤلاء لا يريدون الظهور بشكل مباشر مع الناس ، أو إنهم يتجنبون المراكز والتجمعات التي يتواجد فيها الناس بشكل كبير وإنهم يحرصون على عدم التكلم كثيرا ، وإظهار هذه المشاكل بشكل واضح وخاصةً للمقربين وهذا طبعاً يؤدي إلى عدم الثقة بالنفس وبالتالي إلى تغيرات نفسانية قد تؤدي إلى نوع من النقص عند هؤلاء الأشخاص . ونرى في الآونة الأخيرة أن الكثيرين أصبحوا يقدمون على تقويم الأسنان في جيل متأخر وخاصة لدى النساء اللاتي بدأن يشعرن بأن تقويم الأسنان هو نوع من العلاج الذي يعطي للإنسان عدا عن المظهر الخارجي نوعا من الاطمئنان الداخلي . إجراء جراحة في الفكين لتنظيم الأسنان ؟ عندما تكون هناك مشكلة مستعصية أي أن استعمال الأجهزة لتقويم الأسنان لا تحل المشكلة بالكامل هناك طرق مكملة وهي العمليات الجراحية والتي من خلالها تتم عملية تطابق الفكين وتكون هذه العملية مكملة بأجهزة لتقويم الأسنان وإذا تطرقنا إلى مدى نجاح هذه العمليات فهذا بالطبع متعلق بعملية التشخيص السليمة وعملية التنسيق المتكامل بين إجراء العملية الجراحية وعملية تقويم الأسنان من بعد ذلك . النصيحة والوقاية من نشوء التشوهات في الأسنان . إن الوقاية دائما هي خير من قنطار علاج ، ولهذا من الواجب على جميع الأهالي أن يتخذوا خطوات كثيرة لكيْ لا تصل بهم الحاجة إلى تقويم الأسنان أو حتى الوصول إلى العلاجات الأصعب مثل العمليات الجراحية . ولذلك فإنه من الواجب على الأهالي أن يعرضوا أبناءهم من سن مبكر لفحص كامل في عيادة الأسنان حيث يمكنهم الكشف المبكر عن الحالات التي تحتاج إلى علاج ومن ثم علاجها بطرق سهلة ومبسطة وقليلة التكلفة . د / مجدي أيوب أخصائي طب تقويم أسنان