د/ فايز بن عبدالله الشهري من حقائق الحياة التي نرى شواهدها كل يوم أنك قلّما تجد ناجحاً بلا خصوم، ولا تكاد تسمع عن صاحب نعمة سلم من أذى الحسّاد والمنافسين ، فهل ينطبق هذا الكلام على أحوال شركة "قوقل" عملاق البحث والخدمات الالكترونية الأشهر في ظل المناكفات التي تواجهها الشركة كلما سجلت قصة نجاح جيدة. نعم هذا هو واقع الحال ولعل آخر مظاهر هذه المضايقات رسالة تضمنت أربعة وعشرين سؤالا مفصلا وجّهها للشركة هذا الشهر (ديسمبر 2007) السناتور الجمهوري Joe Barton احد أقطاب لجنة الطاقة والتجارة بالكونجرس الأمريكي. وتتعلق الأسئلة في مجموعها بطبيعة ممارسات "قوقل" وقضايا الخصوصية والقلق من نية استحواذ الشركة على مجموعة DoubleClick -أكبر شركة إعلانات على الانترنت- بمبلغ يتجاوز ثلاثة بلايين دولار . إن شركة في حجم ونشاط "قوقل" لا شك ستظل مثار أسئلة المؤسسات الحكومية والخاصة في العالم كله وبشكل خاص منظمات حماية الخصوصية ومجموعات الدفاع عن الحريات الشخصية لمستخدمي الانترنت. هناك من يسأل هل يتجسس "قوقل" علينا؟ والجواب على هذا السؤال يدعونا أيضا للرد بسؤال عن طبيعة وحجم المعلومات التي يمكن أن يجمعها عنّا هذا الباحث الالكتروني العملاق بحكم هيمنته على عالم الانترنت. هل تعلم أن محرك "قوقل" يجمع ويحلل كل المعلومات التي تبحث عنها، ويرصد المواقع التي زرتها، والبلد الذي قدمت منه وعاداتك المختلفة من خلال خاصية Google Toolbar وغيرها. وفي قطاع الأعمال يمكن لشركة "قوقل" من خلال خدمات Google AdSense وغيرها من الخدمات التجارية الحصول على معظم الأسرار التجارية عن المعلنين وعملائهم . المثير أن فكرة "قوقل" العملاقة ولدت بسيطة على يد طالبين جامعيين حاولا من خلالها تطوير محرك للبحث لمنافسة محركات كانت ضخمة مثل "AltaVista" أواخر التسعينات "وياهو" الذي بدا تلمس طريقه حينها في عالم البحث لينتهي الأمر و"قوقل" شركة عملاقة تساوي في سوق المال العالمي اليوم حوالي 216بليون دولار متربعة على عرش شركات الانترنت ببرامجها وخدماتها التي تجاوزت 120خدمة وبرنامج على كافة المستويات. ولعل هذا النجاح يفسّر كثرة خصوم "قوقل" ولكنها كما يبدو لا تلتفت للوراء بل واصلت نجاحاتها سنة تلو سنة تحفّها نظرات غيرة وحسد شركات التقنية مثل إمبراطورة البرمجيات "ميكروسوفت" التي حاول مستشاروها القانونيون اعتراض صفقة دمج "دبل كلك" مع "قوقل" وإثارة مسائل نظامية تتعلق بالاحتكار وعدم احترام معايير حريّة المنافسة في سوق الإعلانات والخدمات الالكترونية. المشكلة الطريفة في هذه القضية أن فريق "ميكروسوفت" المعترض بدا ضعيف الذاكرة أو متناسيا أن متصفح "نتسكيب" الذي بدأت الانترنت من خلال خدماته انتهى "ذبيحا" على يد زملائهم الجشعين في "ميكروسوفت" الذين فرضوا متصفحها " إكسبلورر" بذات سلاح "القوة والهيمنة" الذي يخشونه اليوم من "قوقل". من أجل "قوقل" تكون كل هذه الجلبة مبرّرة لأن موضوعها احد اكبر قصص النجاح في عصر المعلومات التي جعلت صفحة الشركة هي ذاتها صفحة (بوابة) الانترنت الأولى عند معظم مستخدمي الانترنت عبر العالم. زد على ذلك أيضا أن حوالي 70% من زوار المواقع على الانترنت يأتون عبر طريق "قوقل" السريع. أما منافسا "قوقل" التقليديان: "ميكروسوفت" "وياهو" فما زالا يقفان أول "طابور" المتربصين ولكن المراقبين يعلمون أن هناك تهديدات أخرى تواجه "قوقل" مثل خدمات إعلانات مكتبة "أمازون" الالكترونية التي تنذر بمنافسة شرسة خاصة وقد اعتمدت "أمازون" نظام Clickriver للإعلانات كذراع تجاري مهم ضمن خدماتها العديدة. وفي جانب آخر قدمت دول الاتحاد الأوروبي دعما يبلغ 120مليون يورو لشركات أوربية لتطوير محرك بحث جديد ربما يحدث ثورة في خدمات البحث وقد تنهار معه إمبراطورية "قوقل". وقبل أن يحصل الانهيار لعلّ جامعة الدول العربية! تتبنى مشروعا مماثلا للمشروع الأوروبي لخدمة العرب بلغتهم..من يدري؟