نشر موقع الأممالمتحدة الرسمي، الخميس، نص الاتفاق الموقع بين مصر واليونان لترسيم الحدود البحرية جزئيا، فيما يعد اعترافا رسميا بالاتفاق بعد إيداعه من قبل وزيري خارجية البلدين في شعبة الأممالمتحدة لشؤون المحيطات وقانون البحار. وقال الموقع الذي نشر الاتفاق ممهورا بختم المنظمة، إن الاتفاق تم توقيعه في 6 أغسطس 2020، ويحدد المنطقة الاقتصادية الخالصة في شرق البحر المتوسط بين البلدين، والتي تمنح القاهرة وأثينا حقوقا في الموارد الطبيعية بالمنطقة. وتعليقا على الأمر، قالت وزارة الخارجية اليونانية في بيان لها، إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، التي تم توقيعها في السادس من أغسطس الماضي بين البلدين في العاصمة المصرية القاهرة، تم نشرها على موقع الأممالمتحدة لشؤون المحيطات وقانون البحار، من قبل مكتب الشؤون القانونية بالمنظمة. وجاءت هذه الاتفاقية بعد مباحثات استمرت لسنوات بين خبراء مصر واليونان، وتم التصديق عليها من قبل برلماني البلدين. وتحدد الاتفاقية منطقة اقتصادية خالصة في شرق البحر المتوسط، تمنح بدورها البلدين حقوقا على الموارد الطبيعية في المنطقة. ونقلت وكالة الأنباء اليونانية عن مصادر دبلوماسية قولها، إن "هذه هي المرة الأولى منذ 4 عقود، التي تنشر فيها الهيئة الدولية اتفاقية بين اليونان وإحدى الدول المجاورة لها بشأن المناطق البحرية". وأشادت صحيفة "كاثميريني" اليونانية بنشر الاتفاقية، معتبرة أن "نشرها بشكل سريع للغاية، جاء نتيجة جهد طويل من قبل وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس، واتصالات منتظمة مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس". والتقى ديندياس مع غوتيريس 3 مرات خلال الأشهر الأخيرة، مرتين في جنيف والمرة الثالثة في نيويورك في سبتمبر الماضي. ويرى أستاذ العلوم السياسية المصري، طارق فهمي، أن اعتراف الأممالمتحدة بالاتفاق البحري بين مصر واليونان "أمر طبيعي، لأنه إيداع لنص تم بين الدولتين بشكل رسمي، كما حدث مسبقا بين مصر وقبرص، فالأممالمتحدة هي التي تتولى تنظيم القانون الدولي". وأضاف فهمي، في تصريحه أن تركيا "ترفض كعادتها هذه الاتفاقية ولا تشارك في منتدى غاز شرق المتوسط". وتابع: "سبق للأتراك أن حاولوا التواصل مع مصر وقبرص في هذا السياق، لكن الإشكالية في أن أنقرة لا تعترف بقبرص ولا تعتبر لها وجودا، مما يعمق الأزمة". وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن "ترسيم الحدود البحرية المصرية مع قبرص واليونان، سيترتب عليه مستقبلا رسم الحدود مع إسرائيل، ثم بين سوريا ولبنان، وسيشمل اليونان وقبرص وغيرها، وهو أمر بالغ الأهمية في إحداث الاستقرار الكامل شرقي المتوسط، مما سيترتب عليه آثار مهمة في عمليات البحث والتنقيب عن الثروات في هذه المنطقة". ويقول الباحث المصري في الشأن التركي، صلاح لبيب، إن توقيع اتفاق ترسيم الحدود، وما تلاه من اعتماده في الأممالمتحدة، "أنهى إلى حد كبير كافة المساعي التركية؛ وذلكمن أجل الحؤول دون تمددها على حساب جيرانها اليونانيين". وأضاف لبيب أيضاً : "أتصور أن الاتفاق سيزيد من عزلة تركيا في المتوسط، لأن الاتفاقيات المصرية مع عدد من الدول، ومنها اليونان وما سبقها، ساهمت في زيادة عزلة تركيا متوسطيا وحصرها في جانب محدود من حدودها". وأشار إلى أن مصر "لم تكن تسعى إلى الإضرار بتركيا عندما وقعت هذه الاتفاقيات، بل التزمت بالقوانين الدولية المنظمة لعملية ترسيم الحدود البحرية، رغم السياسات غير الودية وربما العدائية من جانب أنقرة للقاهرة في كثير من الملفات الإقليمية". وتابع: "رغم إلحاح تركيا على مدى السنوات الماضية، من أجل توقيع اتفاق ترسيم حدود مع القاهرة، فإن الأمور تبدو أشد صعوبة اليوم بعد الترسيم مع عدد من الدول، إذ لا يمكن مناقضة اتفاقيات سابقة بترسيم حدود مع أنقرة لا تراعي القانون الدولي". ويأتي الإعلان عن نشر الاتفاق المصري اليوناني بعد يوم من إعلان تركيا عودة سفينة "أوروش رئيس" إلى استئناف عمليات التنقيب عن الطاقة في البحر المتوسط. وتعرضت تركيا لعقوبات من الاتحاد الأوروبي على خلفية أنشطتها في البحر المتوسط وتصاعد التوتر بينها واليونان.