قطر لن تفلت هذه المرة.. بهذه الكلمات ينطق لسان حال السياسة الخارجية لمصر التى تقود تحركات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب فى مقابل "الضب القطرى" الذى بات منشغلا ولأول مرة منذ سنوات بتهيأة جحره الذى سيعزل فيه لفترة طويلة. التنسيق والتشاور بين الدول الداعية لمكافحة الإرهاب متواصل على أكثر من صعيد، وهناك ترتيبات تجرى حاليا لعقد اجتماع وزراء الخارجية المقرر فى المنامة خلال أيام، كما أن هناك اتصالات ولقاءات يجريها الوزراء مع نظرائهم بعدة دول اتصالا بالأزمة، لكن ما يميز التناول السياسى المصرى للأزمة هو التنوع، ففيما تجرى الدولة اتصالاتها بالشركاء العرب والدوليين لفضح الدور القطرى، تتحرك الدبلوماسية المصرية بما لديها من أدوات فى استغلال جميع المناسبات والمحافل الدولية من أجل تقديم الأدلة الدامغة على دعم قطر للإرهاب ومن ثم الاستمرار فى محاولات تقويضها دوليا وإجهاض "التحركات المظلومية" لوزير خارجيتها. البداية كانت فى مجلس الأمن حيث كان الهجوم الأول فى اجتماع مشترك مفتوح حول "تحديات مكافحة الإرهاب فى ليبيا" والذى عُقد بمبادرة مصرية، وخلال الاجتماع وجه مساعد وزير الخارجية المصرى للشؤون العربية السفير طارق القونى اتهامات موثقة حول دعم قطر للإرهاب وتقدمت مصر بطلب إلى مجلس الأمن لتوثيق تلك الانتهاكات. اللافت فى هذه الاجتماع كان اتهاما آخر وجهته مصر إلى تركيا لدعمها أيضا جماعات التطرف فى المنطقة، لكن الاتهام المصرى لتركيا لم يكن صريحا حيث لم يسمها الوفد المصرى واكتفى بيانه بأن دولة أخرى بخلاف قطر تدعم وتمول الإرهاب فى ليبيا وغيرها. أما الهجوم الثانى المرتقب، فمن المقرر أن يشنه وزير الخارجية سامح شكرى اليوم فى العاصمة الإيفوارية أبيدجان حيث يشارك فى الدورة الرابعة والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامى والمقرر عقدها اليوم الإثنين وغدا الثلاثاء. وقبيل مغادرة شكرى مصر كان للقاهرة بيان حول المشاركة فى المؤتمر ذكرت من خلاله أنه يكتسب أهمية خاصة كونه يأتى فى ظل تزايد محاولات البعض سواء من خارج أو داخل عالمنا الإسلامى تقويض استقرار الأمة بحثاً عن مصالحه الضيقة. البيان أيضا حمل إشارة إلى الدول الأعضاء فى المنظمة وهى أنه يجب ألا تقتصر المواجهة على مرتكبى الهجمات الإرهابية فقط بل يتعين أن يمتد لمن يقدم لهم يد المساعدة تمويلاً أو تسليحاً أو إيواءً. شكرى سوف يعقد اليوم عدة لقاءات مع نظرائه بالدول الإسلامية وسوف يكون على رأس مباحثاته كيفية مواجهة الدول الداعمة للإرهاب، لكن هذا لا يعنى أنه من المتوقع أن يصدر عن المؤتمر قرارات أو توصيات تتعلق بتلك الدول حيث إن منظمة التعاون الإسلامى تتعمد منذ اندلاع الأزمة القطرية التزام الصمت وعدم إقحام الأمانة العامة فى تلك الأزمة. أما الهجوم الثالث فسوف تشهده العاصمة الأمريكيةواشنطن الثلاثاء المقبل، حيث تشارك مصر ممثلة فى وزارة الخارجية فى اجتماعات مجموعة الاتصال الاستراتيجى بالتحالف الدولى ضد داعش واجتماعات كبار المسئولين المعنيين بمكافحة الإرهاب بالدول أعضاء التحالف والتى تستمر حتى الخميس المقبل. ويكتسب هذا الاجتماع أهمية خاصة كونه يأتى بعد التطورات الأخيرة فى العراق والانكسارات التى يتعرض لها تنظيم داعش، كما أنه يأتى فى ظل رغبة مقدمة من مصر والسعودية والإمارات والبحرين بطرد قطر من عضوية التحالف الدولى ضد داعش باعتبارها دولة راعية للإرهاب وليست مؤتمنة على جهود الدول التى تكافح داعش أو غيرها من التنظيمات. وسوف تقدم مصر خلال الاجتماع عدة أدلة على تورط قطر فى دعم الإرهاب، كما تحيط الدول الأعضاء بآخر تطورات الأزمة القطرية وكذلك التحركات التى تبذلها الدول المقاطعة فى أعقاب رفض الدوحة لقائمة المطالب المقدمة إليها. وزارة الخارجية أكدت بصورة واضحة أن استمرار عضوية قطر يمثل تناقض قد ينال من مصداقية عمل التحالف ذاته وقدرته على تحقيق أهدافه، وذكرت أن الوفد المصرى يعتزم فى اجتماعات واشنطن تقديم مزيد من الأدلة التى تبرهن على دعم دول بعينها للتنظيمات الإرهابية وضرورة بلورة موقف حازم تجاه تلك الدول، والتوقف عن سياسة المهادنة أو إنكار الواقع.