يعد مشروع حقل الشيبة واحداً من أكبر المشاريع الفريدة من نوعها، وشاهداً حقيقياً ومِصداقًا واقعياً لمدى قدرة أرامكو السعودية وموظفيها ومقاوليها على إنجاز ما هو في حكم المستحيل . وتجسد المشروع واقعاً على رمال صحراء الربع الخالي؛ المنطقة صعبة المِراس حيث تعزلها كثبانها الرملية الشاهقة عن العالم وتقل فيها فرص الحياة بل تكاد أن تكون معدومة، وبدد الحقل تلك النظرة ، وأوجد انسجاماً رائعاً بين تناقض بساطة البداوة وطبيعة الصحراء ؛ وبين زخم التقدُّم الصناعي والتقني المعقَّد راسماً بذلك لوحة جميلة مشرقة تستحق أن تخلّد سيرتها. وفي حقل الشيبة ، لا تتوقف الرؤية عند مدّ البصر ، بل تمتد متوازية مع الطموحات المشروعة لاقتصاد بلدنا الذي ينطلق الآن إلى آفاقه المستقبلية محملا بأهداف رؤية 2030 التي ستنقله إلى اقتصاد مستدام ومتنوع ، حيث عملت أرامكو السعودية ، بكل ما أوتيت من ثقة ودعم من لدن القيادة الرشيدة ، وبما تفخر به من قدراتٍ موظفيها ، على إطلاق برنامجٍ يهدف على المدى البعيد لجعل المملكة قادرة وبمرونة على مواجهة تحديات الطاقة في المستقبل على الصعيدين الوطني والعالمي ، وعلى الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها وعلى إيجاد مزيدٍ من القيمة مقارنة بأي وقتٍ مضى . وخير مثال على ذلك تنفيذ الشركة في الماضي القريب لمشروعين كبيرين في حقل الشيبة هما ؛ مشروع توسعة حقل النفط الخام ، ومشروع استخلاص سوائل الغاز الطبيعي. بحسب وكالة الأنباء السعوودية (و ا س ). ويُبرهن مشروع توسعة حقل النفط الخام على قدرة أرامكو السعودية على تعزيز أعمالها الأساس ومدى التزامها بذلك، لكي تكون قادرة ومستعدة لتلبية الطلب العالمي على الطاقة على المدى القريب والبعيد، وأيضًا لتحافظ على حصتها في السوق العالمية للطاقة وتُثَبّت دورها كمورّد موثوق للطاقة على مستوى العالم. ويتضمَّن المشروع إنتاج كميات إضافية من النفط الخام العربي الخفيف جدًا ذو القيمة العالية بمقدار 250 ألف برميل في اليوم ، لتصل بذلك الطاقة الإنتاجية إلى مليون برميل في اليوم، لتعادل ضعف طاقة مرافق فرز الغاز عن الزيت المبدئية عندما تم تشغيلها في عام 1998م . وجرت خطة الحفر لهذا المشروع على استراتيجيتين أساسيتين ، أولاهما تختص بتحديد مواقع الآبار في أماكن أكثر عمقاً وبُعداً عن قبة الغاز لتعظيم استخلاص النفط ، والثاني بزيادة متوسط مساحة التماس بين الآبار والمكمن في حقل الشيبة من 6 إلى 10 كيلومترات، الأمر الذي يعزز بدوره الإنتاج من الأجزاء العميقة والأقل نفاذية في المكمن. واشتمل المشروع على توسعة المرافق القائمة في معملي فرز الغاز عن الزيت رقم 1، و رقم 3 و رقم 4، ولأن معمل فرز الغاز عن الزيت رقم 4 سيتحمل جزءًا كبيرًا في إنتاج الكميات الإضافية من النفط الخام ، فقد شهدت هذه المعامل إضافة أربع وحدات لفرز الغاز عن الزيت ، وسلسلة من وحدات مناولة النفط الخام الرطب ، ومضخات التعبئة والتصريف والنقل ، و23 وحدة وسيطة لزيادة ضغط الغاز ، و7 وحدات لتجفيف الغاز الطبيعي إلى جانب المرافق الأخرى المرتبطة بها . وتضمَّن المعمل إنشاء مرافق إضافية لنقل النفط الخام مع المرافق المرتبطة بها في معملي فرز الغاز عن الزيت رقم 1 ورقم 3، حيث أسهمت هذه التوسعة في تعزيز الطاقة الاستيعابية إلى 4400 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز المصاحب ، ما انعكس بدوره إيجابياً في القدرة الإنتاجية من النفط العربي الخفيف جداً في جميع معامل فرز الغاز عن الزيت في الشيبة . وفيما يتعلق بالمرافق التي تعمل بتقنية الدائرة المركّبة حولت مولدات الغاز الستة ذات الدورة البسيطة التي كانت موجودة اساساً في المعمل، إلى مجموعتين من مولدات الطاقة ذات الدائرة المركّبة ، بواقع 3 مولدات في كل مجموعة، وتقترن كل مجموعة من هاتين المجموعتين بمولّد بخار تروبيني لإنتاج ما مجموعه 240 ميقاواط من الطاقة الكهربائية ، بالاستفادة من الحرارة المُهدَرَة. وتتضمن عملية التحويل تركيب واقتران كل مولّد بخار توربيني ووصْلِه بثلاثة مولّدات بخار آنية التسخين ، ومرافق التبريد ومعالجة المياه المرتبطة بها ، وتركيب محطة فرعية جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية بجهد 13.8 كيلو فولت ، وتوسعة محطة فرعية ، قائمة اساساً ، لمجموعة مفاتيح معزولة بالغاز بجهد 230 كيلو فولت ، ومبنى جديد للمعالجة البينية ، بالإضافة إلى الأنظمة المساعدة الأخرى . وفرض المشروع تحديات هندسية هائلة دفعت أرامكو السعودية إلى تبنّي أفكارٍ ابتكارية جديدة في تخطيط مراحل تنفيذ المشروع ، مما أسهم في تقليص الوقت المطلوب لاتخاذ القرارات اللازمة للتنفيذ، كما تبنّت الشركة أيضاً أسلوب عمل الفريق المتكامل حيث اختير العاملين في المشروع من بين موظفي إدارة أعمال الإنتاج ، بصورة رئيسة ، لأنهم هم من سيقومون فعليًا بتشغيله . ويصب مشروع استخلاص سوائل الغاز الطبيعي في استراتيجية أرامكو السعودية الرامية إلى تقليص اعتماد المملكة على الوقود السائل في توليد الكهرباء ، و توفير طاقة أنظف لتلبية الاحتياجات المحلية من اللقيم اللازم للمنتجات البتروكيميائية المضيفة للقيمة ، التي تساعد بشكل ملموس على تنويع الاقتصاد الوطني . ويشمل المشروع كذلك مرافق لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي في الشيبة ذات القيمة العالية متضمناً إنشاء معملٍ جديدٍ لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي بطاقة معالجة تبلغ 2.4 بليون قدم مكعبة قياسية لاستخلاص ما يعادل 275 ألف برميل في اليوم من سوائل الغاز الطبيعي المحتوية على الميثان ، والعناصر الأثقل من الغاز المُنتَج ، وإعادة ضغط وحقن الغاز الخفيف في المكمن. وسيوفّر المشروع كميات كبيرة من الإيثان وهو من أهم أنواع الغاز الذي يساعد في التنمية الصناعية بالإضافة إلى سوائل الغاز الطبيعي الأخرى . و يشمل مشروع حقل شيبة إنشاء مرافق ووحدات لمناولة ، وتنقية الغاز ، وأخرى لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي، إلى جانب مشروع يعمل على مرافق لإزالة الماء ، وضغط الغاز الرجيع ، والحمضي ، وتخزين وشحن سوائل الغاز الطبيعي ، إضافة إلى تحسين مرافق مناولة الغاز في معامل فرز الغاز من الزيت الأربعة القائمة حالياً في الشيبة، و بناء مرافق للمنافع الكهربائية وغير الكهربائية ذات الصلة ، و وحدتين لمعالجة الغاز ، و وحدات لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي ونزع ثاني أوكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين ، وشبكة خطوط أنابيب بطول 638 كيلومتراً وقطر 36 بوصة ، من أجل ربط هذه المرافق بشبكة خطوط أنابيب سوائل الغاز الطبيعي القائمة حالياً بالقرب من معامل بقيق . واشتمل المشروع تحسيناً رئيسًا يهدف إلى زيادة قدرة توليد الكهرباء إلى أكثر من 1 قيقاواط عن طريق تركيب أربع وحدات للتوليد المشترك ، وسبع وحدات أحادية الدورة ، وتمديد خط لنقل الكهرباء بجهد 230 كيلو فولت وبطول 50 كيلومتراً ، إضافة إلى ما يرتبط بذلك من منافع كهربائية وغير كهربائية ، وسيكون للمشروع دور في تلبية الطلب المتنامي على اللقيم البتروكيميائي وسيفتح آفاقًا جديدة لنمو الصناعات البتروكيميائية في المملكة . وعالجت أرامكو السعودية في عام 2014م 11.3 بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز الخام ، أي بزيادة تناهز 3% مقارنة بالعام 2013م ، كما سجّلت الشركة، في العام ذاته ، احتياطيات من الغاز تبلغ 294 تريليون قدم مكعبة قياسية .