وصف رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، البيان الذي صدر عن جلسة مجلس الوزراء اللبناني بالأمس بأنه "شعر بشعر" بعد اجتماع امتد لأكثر من 7 ساعات، في وقت رفض المنطق الذي برز في كلام وزير الخارجية جبران باسيل حول ترجيح "الوحدة الوطنية" في مقابل اتخاذ أي قرار عربي يشكل تهديداً لهذه الوحدة. جعجع وفي مؤتمر صحافي عقده في مقر إقامته (معراب)، صباح اليوم الثلاثاء، فند ما جاء في البيان الوزاري حول الأزمة التي ساهم القرار السعودي بوقف الهبة المقدمة للجيش اللبناني بتسليط الضوء عليها ووضع الإصبع على مكمن الداء، فأكد أن المطلوب من الحكومة هو "معالجة جوهر الأزمة"، معتبراً أن الأزمة "الفعلية" هي مشاركة حزب الله، ووصفهم حسب تعبيره - بالأصدقاء- "الذين يخوضون معارك عسكرية كاملة شاملة، بالأخص في سوريا وبشكل أو بآخر في العراق والبحرين واليمن". واعتبر جعجع أن هذا التمدد لحزب الله في المنطقة وضعه في "مواجهة مع السعودية ودول الخليج ودول عربية أخرى"، ما وضع لبنان حسب تقدير جعجع في "المواجهة" مع هذه الدول من منطلق أن حزب الله يشكل الجزء الأكثر تأثيراً في الحكومة اللبنانية. واعتبر جعجع أن جوهر المشكلة اللبنانية "أبعد من مشكلة سياسة خارجية بل استراتيجية"، وأن هذه الأزمة لا تحل في إدراج عبارة "التضامن العربي أو عدمه" في بيان رسمي عن الحكومة. وأكد جعجع أن استعراض الإنجازات السعودية التاريخية لصالح لبنان من اتفاق الطائف إلى كل الخطوات التي قامت بها "لا تقدر بالإشارة إلى أن لبنان لن ينسى هذه الأمور"، وتساءل عن الخطوات التي ستقوم بها هذه الحكومة "حتى لا ننسى هذه المساعدات السعودية"، مشيراً إلى أن هذا الكلام يتعارض مع سلوك الحكومة اللبنانية "التي تركت أحد الأحزاب المشاركة في هذه الحكومة يواجه المملكة ودول الخليج ودولا عربية أخرى"، في إشارة لحزب الله الذي يشارك في معارك متعددة في سورياوالعراق والبحرين واليمن، معتبراً أن هذا السلوك لحزب الله هو "جوهر المشكلة" الذي لم يتطرق له بيان الحكومة. جعجع أكد أن الوضع في المنطقة "ذاهب من سيئ إلى أسوأ"، وأن الأزمة اللبنانية المستمرة في الشغور الرئاسي وهذا "ناتج جزئياً عن القتال خارج لبنان، وكلياً عن مصادرة قرار الدولة في مجالات عديدة". واستهزأ جعجع مما جاء في بيان الحكومة حول "تمسكها بالبيان الوزاري لحكومة المصلحة الوطنية"، معلقاً: "لا أعرف مدى هذه المصلحة الوطنية"، خاصة في ما يتعلق بسياسة النأي بالنفس وتحصين البلد من الأزمات المجاورة، متسائلاً حول هذه النقطة عن كيفية النأي في النفس: "وهناك حزب يقاتل في سوريا بشكل استراتيجي وهو جزء من الحكومة"، وهي تسمح لهذا الحزب "أن يخرق هذا البند بشكل فاضح وعلني". وتوقف جعجع أمام ما أكد عليه بيان الحكومة عن ضرورة تصويب العلاقة بين لبنان وأشقائه وإزالة أي من الشوائب التي ظهرت في الآونة الأخيرة، معتبراً أن تصويب العلاقة بين لبنان وأشقائه يمكن "في طلب الحكومة من حزب الله الانسحاب من كل المواجهات العسكرية والأمنية وغيرها التي يشارك فيها في كل الدول العربية" لقطع الطريق أمام "تنامي الإشكالية مع اتساع ونقاط المواجهات في الشرق الأوسط". وتساءل جعجع: "بأي حق يزج لبنان من خلال أحد أحزابه في هذا الصراع الدموي الهائل والمؤسف في الشرق الأوسط"، وأكد أن من واجب الحكومة "تصويب هذا الخلل وليس أي مؤسسة خيرية أخرى"، مضيفاً: "أن لا أحد يمكنه اللعب بأمن البلد واستقراره نتيجة مشاركة هذا الحزب في معارك خارج لبنان". جعجع هاجم حليفه الجديد وزير الخارجية جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، من دون تسميته، وانتقد المعادلة التي استخدمها باسيل لتفسير موقفه في اجتماع وزراء خارجية الجامعة العربية عندما وضع معادلة "الوحدة الوطنية مقابل الاجتماع العربي"، معتبراً أن هذه المعادلة "لا تصح"، لأنها جاءت استرضاء لفريق من اللبنانيين على حساب أطراف أخرى يمثلون شريحة واسعة في لبنان. واستطرد جعجع: "هل هناك وحدة وطنية من مشاركة حزب الله في المعارك في سوريا وكل الدول العربية"، وأضاف: "هل هناك وحدة وطنية في التهجم على المملكة العربية السعودية"، لذلك اعتبر جعجع أن المشكلة أعمق مما جاء في بيان الحكومة، حيث "تكمن في قتال حزب الله ضد الدول العربية خاصة المملكة العربية السعودية". واعتبر جعجع أنه "من الأفضل ألا تكون هذه الحكومة إذا كان دورها تأمين الغطاء لبعض الفرقاء للقتال في سوريا وبعض البلدان العربية". .