تواصل الكشف عن فحوى المراسلات بين الرئيس السوري بشار الأسد والحلقة الضيقة المقربة منه، التي وضعت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية يدها عليها ونشرتها وسائل إعلام عدة حول العالم. ففي واحدة من الرسائل، تذكر السيدة الأولى أسماء الأسد حكاية، نقلا عن شخص اسمه عبد الهادي، تشير إلى أن «انصار النظام لديهم أسلحة في ضاحية جرمانا بالعاصمة دمشق، ولكنهم لا يستخدمونها لغاية الآن، وإنما يستخدمون في الوقت الحاضر الذبح والأسلحة البيضاء». وتعتبر هذه الرسالة الأوضح لجهة معرفة رأس النظام شخصياً بقتل المتظاهرين وذبحهم واستهدافهم بالأسلحة. وكان من اللافت تردد اسم فتاة في العشرينات من عمرها تدعى هديل العلي كثيرا، مثلت حلقة وصل بين الأسد والعديد من الأشخاص، ومنهم الإعلامي حسين مرتضى الذي يعمل في قناة «العالم» الايرانية، والذي نقل بدوره تقديرات إيرانية ومن حزب الله اللبناني إلى الرئاسة السورية، عبر هديل، في 26 ديسمبر الماضي. وقال مرتضى حينها إن «على النظام ألا يتهم تنظيم القاعدة في التفجيرات بالمدن السورية. وهذا رأي إيران وحزب الله». ونصح مرتضى الرئاسة السورية ب«الحرص على عدم إظهار شخصيات البعث العراقي مراعاة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي». كما اقترحت هديل تعيينات طائفية، حيث كتبت في 26 نوفمبر الماضي إلى الأسد تقترح تعيينات طائفية في المديريات بعد اجتماعها مع من سمتهما «حسام ووالده». كذلك، فإن خالد الأحمد هو أكثر الأسماء التي تخاطب الأسد في الشأن الأمني. ففي 20 نوفمبر، يشير الأحمد في رسالة إلى الرئيس السوري إلى صحافي أميركي يقيم في بيروت ويعمل لصالح قناة عربية بالإنجليزية تمكن من دخول حي بابا عمرو في حمص وعمل جاسوساً للنظام، مزوداً إياه بمعلومات عن صحافيين غربيين دخلوا تهريباً إلى بابا عمرو. هذا الصحافي ذاته، سبق وأرسل سيرته الذاتية في 13 نوفمبر الماضي إلى هديل، والتي قامت في حينه بإرسالها إلى الأسد مباشرة، قائلة ان الاحمد هو الذي زكاه لها، لأنه «يكتب مقالات في صالح النظام السوري، لا سيما وأنه يقدم الطائفة العلوية بطريقة جيدة في كتاباته الصحافية». وأرسل الأحمد رسالة إلى الأسد يقترح فيها «تشديد القبضة الأمنية أكثر على حمص، كرد على قرارات الجامعة العربية التي يراد منها دفع الشارع السوري إلى مزيد من التحرك»، كما أفادت رسالته. ويعود الأحمد ليضيف إلى الأسد: «اتفقت مع أبو زياد على خطة عمل للتعاطي مع الشارع العلوي، وسأعود إلى دمشق خلال ثمان وأربعين ساعة لزيارة بسام لاطلاعه على موضوع الدرع الشبكي»، دون أن يتبين في الرسالة ما يقصده ب«الدرع الشبكي». وتعود الشابة هديل إلى تصدر الواجهة مجدداً، حيث يتبين توليها الشؤون الحزبية بناء على طلب من الأسد شخصياً. ففي أكثر من رسالة، ترسل أسماءً بعينها تقول إنه يجب إزاحتها وإحلال أسماء معينة أخرى مكانها، كما في رسالة وصلتها من شخص اسمه «حسام» وتتعلق بضرورة استبدال المحامي العام السابق في طرطوس بآخر، وتقترح المحامي كمال جينات بدلا منه، لتقوم هي بإرسالها إلى الأسد، الذي ما كان منه إلا أن حذف اسم الشخص المرسل وحولها بنفس صيغتها إلى وزير شؤون الرئاسة منصور عزام، ليظهر الأمر كأنه قرار واجب تنفيذه من الأسد، فيما هو في الواقع صدر من هديل. القضية الفلسطينية كانت حاضرة، لكن إقحاماً على ما يبدو. فبحسب الرسائل المسربة، أرسل المدعو حسام، رسالة إلى شهرزاد الجعفري، ابنة مندوب دمشق في الأممالمتحدة، يقترح فيها أن «تستخدم وزارة الخارجية السورية لهجة حادة ضد إسرائيل في هذه الفترة، لأجل إحراج قادة حماس والجهاد الإسلامي». فقامت شهرزاد بتحويل الرسالة إلى الأسد وفيها: «الغاية من هذه الخطوة، هي دغدغة مشاعر الإسلاميين في الداخل والخارج نظراً لمكانة المسجد الأقصى وإحراج القياديين في حماس والجهاد الذين يتجنبون أخذ مواقف واضحة من الأزمة السورية». 5