مخيم "خان يونس "بيوت بلا مطابخ و دورات مياه مشتركة ، قصف عشوائي و تشريد مستمر لنذكر قراء (جازان نيوز )بالحلقة الماضية والتي شاركنا فيها الحاج أبو حسين وهو أحد اللاجئين الفلسطينيين عن المعاناة التي عاشها اللاجئون أثناء الهجرة وكيف عاشوا بسببها داخل الخيام ومن ثم انتقالهم إلى المساكن والتطور الذي حدث فيها من قبل وكالة الغوث الدولية التي أشرفت على المخيمات بعد الهجرة القصرية التي تعرض لها أهالي المدن الفلسطينية من قبل قوات الاحتلال الصهيونية . ويتابع أبو حسين " لم تكتفِ إسرائيل في تهجيرنا من موطننا الأصلي وهدم منازلنا والاستيلاء عليها فقد عاد الاحتلال مرة أخرى إلى استخدام أسلوب القمع والتهجير وهدم المنازل حيث عانى المخيم كثيراً بسببهم, فأصبح وجودنا في المخيم في تلك الفترة أي قبل انسحاب إسرائيل في عام 2005م جحيماً بفعل عدم توفر الخدمات الحياتية و الاستهداف المستمر والمتكرر من قبل الاحتلال للمخيم وللاجئين الذين يقطنوه". الاحتلال والتشريد مرة أخرى ويبين أن العديد من سكان المخيم فقدوا كل شيء ولم يعد هناك ما يملكونه فقد فاجأتهم الدبابات والجرافات وبدأت بهدم منازلهم في عام 2003م فاضطروا إلى الهرب وإنقاذ أطفالهم وأحفادهم دون أن يخرجوا شيئاً من ممتلكاتهم ومحتويات منازلهم وعاشوا فترةً طويلةً في العراء ,حيث عاد السكان إلي الخيام مرةً أخرى بعد أن تحسنت الأوضاع المعيشية,إذ تم صرف خيمة إلي كل عائلةٍ هدم منزلها من قبل وكالة الغوث وتنصبها فوق ركام وأنقاض المنازل وحتى هذه الخيمة لم تسلم من جبروت المحتل , لقد كان أصحاب المنازل يقضون نهارهم في الخيمة ويضطرون إلى اللجوء لمنازل الجيران لقضاء حاجاتهم أما في ساعات الليل فالأولاد مشتتون عند الجيران والأصدقاء . مؤكداً "أبو حسين " أن معاناتهم مع الاحتلال لم تتوقف مع هدم منازلهم إذ واصل جنود الاحتلال قصف الخيام التي نصبت على أنقاض المنازل المهدمة بالرشاشات الثقيلة بصورةٍ شبه يومية في ساعات الليل والنهار بهدف إرهابهم ودفعهم إلى الرحيل عن المنطقة,ولكن الجميع أجمع أنه رغم المعاناة التي عاشوها لم يبق شيء لكي يخسرونه وإذا نحج المحتل بأن يهجرهم من مواطنهم الأصلية فإنهم باقون ولن يغادروا المكان ليتم تهجيرهم مرةً أخرى ولو كان ذلك علي جثثهم . مستوطنة "غوش قطيف " وكانت تسيطر مستوطنات "غوش قطيف"في خان يونس على حوالي 37% من مساحة خان يونس الإجمالية، مما أعاق كل عمليات التنمية والتطوير والنهضة في المناطق الشمالية، والغربية، والجنوبية بحكم أنها مجاورة للمستوطنات ، والتي حولت بدورها إضافةً إلى المواقع العسكرية حياة السكان في المحافظة إلى جحيمٍ ومعاناةٍ لا توصف خلال أحداث الانتفاضتين، فسقط الشهداء وتشرد الآلاف من منازلهم، وحُرم المزارعون من الوصول إلى أرضهم الزراعية. ولقد كانت خان يونس المستفيد الأكبر من عملية الانسحاب الإسرائيلي في 15/ أغسطس /آب عام 2005م، لا سيما وأن الجزء الأكبر من مستوطنات قطاع غزة يتواجد بشكل أساس فيها. وأكد "العديد" من المواطنين الذين قابلناهم من سكان المخيم أن يوم انسحاب إسرائيل بالنسبة إليهم كان رمزاً للحرية والخلاص من الاحتلال، وشكل مرحلةً جديدةً في حياتهم بعيداً عن أجواء القتل والرعب والاعتقال والتدمير وهدم المنازل وعمليات الاغتيال وإغلاق الطرق، التي سادت طوال فترة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة منذ 38 عاماً. وأشار سكان المخيم ل"جازان نيوز "إلى أن الانسحاب الإسرائيلي يعد نصراً حقيقياً لنضال وكفاح أبناء شعبنا على مدار خمسة أعوام من الانتفاضة الثانية في وجه الاحتلال الظالم لأرضهم وهوائهم ومياههم، مؤكدين أن الانسحاب جاء نتيجة تضحيات ودماء الآلاف من الشهداء والجرحى والنضال ضد سياسة تجريف آلاف الدونمات الزراعية، وهدم المنازل، واعتقال الآلاف وزجهم داخل سجون الاحتلال. ويقول أبو حسين "حاولت الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد عمليات الهدم، حيث قامت بتقديم الخيام والبطانيات والطعام والمياه الصالحة للشرب، إلى المشردين الجدد بسبب هدم قوات الاحتلال لمنازلهم ، كما تكلفت لبعض الأسر بدفع تكاليف السكن لديهم في أحد البيوت بالإيجار ولكن ليس جميع من شردوا بسبب قلة الإمكانيات لدى الوكالة ". ويؤكد قيام الوكالة بعد تعهدها بإيجاد سكن جديد لجميع من فقدوا منازلهم، بإنشاء عدة أحياء سكنية تقوم حاليا بتشطيبها وتسليمها إلى أصحاب البيوت الذين هدمت بيوتهم ولقد سلمت أول دفعة من المنازل وفقا لعدد أفراد الأسرة وهي مقامة على أرض المحررات من المستوطنات السابقة ,وتقوم بتشطيب عدد أخر لتسليمه .وتقدر تكاليف مثل هذا التعهد بحوالي 21 مليون دولار فقط لمساعدة الذين تأثروا بعمليات الهدم من قبل إسرائيل. وأحصت دائرة الإغاثة والخدمات الاجتماعية التابعة للأونروا منذ شهر أيلول عام 2000 م ,752 منزلا تم تدميرها جراء العمليات العسكرية التي قامت بها القوات الإسرائيلية في مخيم خان يونس بلوك "1" الذي يأوي ( 1115 عائلة / ما يقارب 5990 شخص) . تفيد تقارير الأونروا بأن هناك 790 عائلة بحاجة للمساعدة في إعادة تسكينهم حيث سلمت الأونروا 135 منزلا ل 146 عائلة ، وهناك 121 منزلا تحت الإنشاء لتضم 135 عائلة في منطقة خان يونس . ونظراً لعدم توفر الميزانيات اللازمة فقد بقيت مجموعة من الأسر بلا مأوى لحين توفر الميزانيات لإعادة تسكينهم). القانون الدولي والإنساني على الرغم من تأكيد اتفاقية جنيف الرابعة على ضرورة أن يبقى المدنيون وممتلكاتهم والأعيان المدنية بمنأى عن أي استهداف، حيث نصت المادة (33) من الاتفاقية على أنه "لا يجوز معاقبة أي شخص محمي بسبب مخالفة لم يقترفها هو شخصياٌ، تُحضر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب،أو السلب ، كما و تُحضَر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم." كما تَحضر المادة (53) من الاتفاقية تدمير الممتلكات حيث تنص على أنه "يُحذَر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير." ولا يقتصر تدمير الأعيان المدنية على كونه انتهاكاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة، وإنما يشكل انتهاكاً لمعايير حقوق الإنسان، لاسيما تلك التي يؤسس لها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصة المادة (12) من العهد، التي تؤكد على حق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته. والمادة (10) التي تؤكد على وجوب منح الأسرة أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة، ما يتنافى بالتأكيد مع قصف وتدمير المنازل السكنية وتشريد سكانها. وكذلك المادة (6) التي تؤسس للحق في العمل، الأمر الذي ينتهكه استهداف المنشآت الصناعية والتجارية، التي تفقد مئات العمال لفرص عملهم. ويبين أبو حسين أن إسرائيل ضربت بعرض الحائط كل الاتفاقات في كل الأزمنة والأمكنة حيث لم تحافظ نهائياً على أي من حقوق الشعب الفلسطيني علي مدي السنين السابقة فانتهكت جميع المواثيق الدولية بل كانت تصر علي هذا الانتهاك بسبب صمت العالم علي جرائمها ولكن في النهاية انسحب الإسرائيليون من أهم مستوطنات القطاع بعد مقاومة شرسة من أصحاب الأرض . ويتابع "بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة أصبح الوضع أفضل بكثير حيث نشعر ولأول مرةٍ بأننا من طردنا الإسرائيليين من أرضنا وليس هم من طردونا من أرضنا ,فتحسنت الظروف والمساكن وأصبح هناك عمران وإن كان بشكل طولي بسبب ضيق المكان ولكن الاستقرار والأمن هو سمة هذا العهد ". المعاناة والذاكرة القوية ورغم وصول عمر أم محمد 79 عام إلا أنها فاجأتنا بقدراتها البالغة في حفظ الأرقام حيث قالت" إن مخيم خان يونس يقع على مسافة كيلومترين من البحر جنوبي قطاع غزة,وأنشئ المخيم عام 1949 غربي مدينة خان يونس،وأقام 35000 ساكن أصلي، من قرى في منطقة بئر السبع في النقب ويافا والمجدل واسدود وغيرها من القرى المهجرة ، في خيام على مساحة 549 دونم". وتعتبر أم محمد أن مخيم خان يونس مركزاً تجاريا ًكبيراً وكان على مدار التاريخ نقطة توقف على الطريق التجاري القديم المؤدي إلى مصر,و ينقسم المخيم إلى 13 بلوك، البعض منها في مناطق منخفضة يغطيها الفيضان شتاءً بسبب انخفاضها عن مستوى سطح البحر وعدم وجود مصارف صحية للمياه وهذا بسبب التقصير وعدم وجود الإمكانيات المتاحة لعمل التوصيلات المناسبة . وتذكر أن معظم المساكن في المخيم من الطوب الإسمنتي المغطى بالإسبستوس , ولا يوجد نظام صرف صحي بالمخيم وان أصبح الآن بشكل أفضل مما كان عليه سابقاً حيث تحاول بلدية خان يونس توصيل المخيم بشبكة مجاري لتخفيف الضغط علي الآبار الذي كان من سمات المخيم وسبب بالعديد من المشاكل الصحة . وتتابع "عانينا كثيراً في المخيم منذ أن سكنا فيه حيث لم يكن هناك مطابخ , فقط يوجد في الخيام التي كنا فيها "بابور الكاز" حيث كنا نطبخ عليه وكذلك يستخدم للتدفئة من برد الشتاء , وانتقل معنا إلى المساكن كذلك وفي الأيام التي كان لا يوجد فيها الكاز وهو المادة التي تستخدم لإشعال البابور كنا نضطر إلي أن نجمع الحطب لنطبخ علية ونخبز ,لم يكن هناك العديد من الأثاث داخل الخيمة والمنازل فهو في الغالب معدوم ويقتصر على بعض الفرش الأرضية والأغطية وأدوات المطبخ القليلة جداً وكنا نتبادلها في كثير من الأحيان فيما بيننا لقلتها ولعدم قدرة العديد من الأسر من شرائها أو امتلاكها ". وتقول أم محمد "إن المياه كانت من أصعب الأمور التي عانينا منها بسبب قلتها وعدم نظافتها أو حتى صلاحيتها للشرب حيث كان يوجد خزانات مياه خاصة بأهل المخيم فقد كنا نتوجه لها صباحاً لجلبها إلي الخيام أو جلبها للمساكن من أجل القيام بأعمال المنزل ,كما ولم يكن هناك دورات لمياه خاصة في كل عائلة بل كانت عامة وهذا الأمر سبب بالعديد من الأمراض المزمنة في بعض الأحيان بين إفراد المخيم ". وتذكر أن معظم اللاجئين في المخيم عملوا كعمال في إسرائيل أو في الزراعة المحلية وصيد الأسماك, ومن أجل الوصول إلى البحر أو المزارع في منطقة المواصي بالقرب من البحر، يتعين على العمال المرور من خلال نقطة تفتيش إسرائيلية عند مدخل مستوطنة غوش قطيف الإسرائيلية وهنا كانت الأزمة الحقيقية للعمال ,كما ويدير بعض اللاجئين محلاتهم وورشهم الخاصة بهم . إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل 1