لم يكن لدى اليمنيين مايستفيدون منه من خدمات حكومية ويثنون على القائمين عليه قبل الإنقلاب الحوثي غير مكاتب البريد التي تصرف مرتبات موظفي القطاع العام بسهولة ونزاهة لم نعتد عليها في بقية المرافق الحكومية ،لكن هذه الخدمة الحكومية النادرة والمتميزة لم تسلم من العبث الميليشاوي ولم تكن بمنأى عن الوباء الانقلابي الذي دمر آلية عملها وأفقدها أهميتها كما فعل بالبنوك والمصارف الحكومية . لذلك عندما قررت حكومة اليمن الشرعية في عدن صرف مرتبات موظفين حكومين في صنعاء بدايةً لم تجد بداً من التعامل مع شركة صرافة خاصة غير حكومية .الأمر الذي أثار حفيظة العديد من المعنيين لانتقاد حكومة بن دغر لعدم صرفها المرتبات عبر مكاتب البريد الحكومية في صنعاء . والحقيقة ان مكاتب البريد رغم سمعتها الحسنة سابقاً إلا إنها لم تعد صالحة البتة للاستخدام المالي بمعاييره القانونية السابقة ؛فالتدخل الميليشاوي في ادارة البريد قد وصل حد إفساد إلية عمل الخدمة وحرمان منتفعيها منها بطرق واساليب بالغة الهمجية ومنها على سبيل المثال لا الحصر :أن ياتي احد جهابذة الميليشيات إلي مكتب بريد مديرية او محافظة ويقوم باستلام مرتبات العشرات وربما مئات موظفين وخصوصا المدرسين بذريعة انه سيقوم بتسليمهم مرتباتهم بنفسه . ومثل هذه الممارسات كانت محظورة تماما في مكاتب بريد صنعاء سابقاً مهما كانت المبررات ،إضافةً اليها استحدثت الميليشيات نظام تحويل مرتبات إلى حسابات جهات وهمية وفق الية غير قانونية وغير ادارية ،ناهيكم عن الاستقطاعات الاجبارية من مرتبات الموظفين لصالح مايعرف بالمجهود الحربي . وليت العبث وقف عند هذا الحد بل تعداه إلى حالات بالغة الغرابة ومنها :قيام مندوب اللحوثيين بإيقاف مرتبات أحد الموظفين في مكتب التربية حتى لايستطيع الموظف نفسه استلام مرتبه ثم ياتي مندوب الجماعة ويسحب مرتب الموظفين من البريد رغم استمرار حالة التوقيف ،ناهيكم عما قام به عناصر ميليشاوية من تغيير وتبديل للعناصر الادارية ذات الكفاة . و بعد هذا كله كيف نطلب من حكومة شرعية يهمها إنقاذا ماتبقى من حقوق الناس من العبث الميليشاوي ،ان تصرف مرتبات الموظفين عبر خدمة واقعة تحت هيمنة العبث الميليشاوي . وحريٌ بنا ان نطالب حكومة بن دغر ان تتعامل مع قنوات مصرفية أهلية غير خاضعة للهمجية الميليشاوية لا من قريب ولا من بعيد حتى يتسنى للمصارف الخاصة ؛ عدم صرف مرتب أي موظف إلَّا للموظف نفسه و وإبرازه لهويته كما هو متعارف عليه ،وما عدا ذالك ، يُعَدُّ تواطُأ حكوميًّا مباشرًا مع الميليشيات وتمكينها من التحايل بطرق ملتوية لنهب مستحقات الموظفين.. .