يقول سفيرُ امريكي سابق عَمِل بالمملكة العربية السعودية ( منْ ارادَ انْ يتعلمْ ضبط َالمشاعرِ وسياسةَ النفسِ الطويل فليذهب الى السعوديين ) وهو مُحِق في ذلك ؛فسياسة ُالمملكة العربية السعودية لم تكنْ يوماً مبنية على ردّاتِ الفعلِ العنيفة ، او على مبدأ أكون او لا اكون او مقولةَ لابُد ان انْتصر مهما كلّف الامر، ولكنها سياسةُ الصبرِ والنظرُ بعينٍ ثاقبةٍ للمستقبلِ البعيد وفي الاخير تتحولُ الهزيمة إلى نصرٍ ويتضحْ للجميع ان السعوديين دائماً محقون وأنهم الكاسبُ الحقيقي في كلِ الازماتِ السياسية . ولعل افضل مثال هو (مِحْنةُ مصر ) حيث ُظنّ الجميعُ ان مَصرَ العرب تهاوَت وفقدت دورها كمُلْهِم للأمُة العربية , فكان عملٌ دءوب مع صمتٌ رهيب من اصحابِ النفسِ الطويل اعادَ لمِصر مكانتها وحفِظ لأرضَ الكنانة قيمتها . الطائفةُ الشيعية الاثنا عشرية تختلفُ عن بقيةِ الطوائفِ الشيعيةِ في ايمانِها المطلق بولايةِ الفقيه ؛والتي لا تعترفْ بوطنٍ او مجتمعٍ ويظّل ُالولاءُ للفقيه، الذي وضع عرشه في ارضِ فارس ، ورغم محاولة الدولة صهر شيعة الشرقية ليكونوا كياناً مِن المجتمع السعودي إلّا انّهم فشلوا في ذلك لأنّه كمَا قُلنا لا اِعتبار ولا وُجود للوطن في المذهبِ الاثْنا عشري . وكانَ مِن اصعبِ الامُور انْ تظلّ عُقوداً من الزمن وشَريحة ٌ من شعبك تنعم بخيرات الوطن وتُعطي ولائها وطاعتها لدولةٍ اخرى كانت ولازالت خطراً على الوطن ومُكتسباته . لم يقتصر الامر على لِبس العمَامة وتعليق صُور الخُميني في البيوت والشوارع , بل تعداه لمواجهة الحكومة وتأليب الشارع وبث الفوضى وقتل رِجال الامن !! ويظهرُ شخصٌ مغمور متدثرا بعباءتهِ السَوداء , خالط َالشيطانُ مِنه السّمع والبصر والفؤاد وجرى مِنه مَجرى الدّم وقال له اذهب يا نِمر النِمر فأنت رسولي في حاجتي !! لقد كانَ ثمةَ عدم رِضا منْ الشّخصيات الّدينية السلّفية والتي كان لها صولات وجولات مع الحكومة، وكان منْ اهم اسباب عَدم الرِضا هو ان الحكومةَ زجّت ببعضِ مُثيرى الفوضى من المدرسة السلفية في سُجون الّداخلية َبينما هُناك صمتٌ غريبٌ تجاه المدعو نِمر النِمر والذّي وصلَ به الامر لِقذفِ رُموز الحكم على منبرهِ الآثم . وبدأ حديثُ يدور ان نِمر النِمر لا يستطيعَ احدٌ ان ينَال مِنه فهو تحت الحصانة ِوالحماية الايرانية !! ووصلَ السّخط والغضب الى افرادِ المجتمع من هذا الصمتِ الغريب تجاه مغامرات (النِمر ) .... وجاء الّردُ الذي لا يتوقعه احد وتم القاء القبَض عليه في ساعات , وثارت ابواقَه المُناصرة وشَجبت ايرانُ وإذنابها ذلك الاعتقال فكان الرد صمت عجيب يَجعلهم يموتون غيظاً فهم يعلمون ان الصّمت هذا يتماشى مع قول الشاعر: اذا نطَق السفيهُ فلا تُجبه ....................فخيرٌ من اجابته السكوتُ تَتِم مُحاكمة (النمِر الوَرقي ) ويصدار حُكم الاعدامِ فتثورُ الطائفةُ الاثنا عشرية وتتساءل وتُلمِح انّ الاعْدام مبني على اُسس طائفية بحته , وكأنها تَناست رُؤوسا سَلفية تمّ قطافُها عندما ارادت المَساس بهيبةِ الوطنِ وجرّه الى مُنزلق الفوضى .. فالوطن خط ٌاحمر لكل طائفة ولكل متربص بالسوء . ورغم ان قناة البي بي سي اصدرت برنامجا ًوثائقيا ًعنْ شيعة ِالقطيف وكأنهم طائفة مسلوبة الحقوق مهضمومة المصير وامتلأ البرنامج بالأكاذيبِ والمُغالطات وتوقّعَ الجميع ُرداً على تلك الاكاذيبِ إلّا انّ سياسة الصمتِ ظهرتْ مرّة اٌخرى لِتتماشى مع مقولةِ عٌمر بن الخطاب ( اميتوا الباطلَ بالسكوتِ عنه ) وقد مات باطلهم مِيتةً جاهليةً ولم تكن له مراسِم عزاء .. وتعجبت كل العجب وانا اشاهد نفس القناة ليلة امس وهي تنشرُ على شريطها الاخباري : الحكم باعدام رجُلِ الّدين الشيعي نِمر النِمر (بعد ثبوتِ ادانتهِ ) بإثارة الفوضى وتهديدِ المجتمع !! لا تتعجبوا منْ سياسةِ النّفَس الطويل ولا تعدوها جٌبنا أو تخَاذلُا واحذروا غَضَب الحليمِ , ومنْ كان لديه ذرةٌ من شكٍ فليعُد الى التاريخِ فكُلهّ مواعظٌ وعِبَر .. اين صدّام الذي اراد اكِتساح الخليجَ في ثلاثةِ ايام , وأينَ المالكي الذي كانَ ينعق بأنّ السعودية هيّ من تُثير الفِتن في العراق ِوهو لم يكنْ إلاّ قطعةَ حجر ٍعلى رُقعةِ الشطرنجِ الايرانية , وأين القذّافي الذي اتّهم السّعودية بأنها عَميلٌ للعدو الاجنبي , وأين بشارَ الاسد الذي قال عن حُكّامنا اشباه الرجالِ ولا رجال . ذهبً المجعجعون وزهقً الباطل وانتصرت سِياسة الحُلم والتغافُل والنّفس الطويل وأثبتت الايام منْ همْ رِجالٌ الافعالِ ومنْ همْ (طُبولُ ) الاقوالِ .