بعد توقيع الاتفاق في غزة على البدء في إجراءات تطبيق بنود اتفاقي القاهرة والدوحة للمصالحة الفلسطينية والشروع في مشاورات تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني التي يطلق عليها البعض حكومة التكنوقراط أو حكومة الوحدة الوطنية , يبقي الأمل المنشود أن تكون هذه الحكومة هي حكومة مهنية لا حكومة أحزاب أو حتى خليط من التكنوقراط والأحزاب ليرضي هذا الحزب أو ذاك لان المطلوب إصلاحه بالدرجة الأولى هو العلاقة بين الشعب والأحزاب ولان الأحزاب والفصائل أفسدت هذه العلاقة إلى حد ما بسبب الحكم , ولعل تدخل الأحزاب والفصائل في شكل الحكومة و وضع انفهم في ترشيح الوزراء يعني لنا شيئا مهماً أن هذه الأحزاب تبحث عن ذاتها وإيجاد قاعدة لهم في هذه الحكومة وهذا يعنى أن الفصائل تقف خلف الستار أو تنام تحت سرير الحكومة وتثقل كاهلها عبر الآلاف من الوظائف المكررة , هذا يعني أن الحكومة سيتم تقيد يديها بجملة من التوجيهات الخفية والمخيفة لكل فصيل وبالرغم من أن الأخبار تتداول أن الرئيس أبو مازن سيكون رئيس هذه الحكومة فإن حجم التخوف من حزبية وفصائلية هذه الحكومة ينخفض إلى درجة ما لكن ليس بالمستوي المطلوب. وهنا توجب علينا أن نقول أن أي حكومة تريد إخراج الفلسطينيين من حالة الانقسام الأسود الذي الم بالكل الفلسطيني وشوه سمعة الفلسطينيين الوطنية ومازال إلى هذه اللحظة بالرغم من إطلاق بعض الحريات وبدء انفراجه في ملفات عدة منها إعادة بعض المقرات لسلطة الرئيس المباشرة , لابد وان تبتعد عن تمثيل الفصائل الفلسطينية ويجب على الفصائل أن تحترم إرادة هذه الحكومة وبرنامجها لان برنامجها هو برنامج الكل الفلسطيني وتبقي وتعمل هذه الفصائل على تمثيل الفلسطينيين في الحركة النضالية والمقاومة المستمرة . ويبدو أن اتفاق تطبيق المصالحة الفلسطينية الذي وقع بين وفد منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس أواخر الشهر الماضي يواجه تحديات ليست بسيطة قد تعيق تنفيذ بعض الإجراءات, وما نخشاه أن تتشكل حكومة حزبوقراط أي حكومة نصفها تكنوقراط والنصف الأخر أحزاب أي النصف بالنصف , وهذا يعتبر من المعيقات لتتحقق المصالحة بالكامل على الأرض لأنه بات مؤكدا أن الأحزاب السياسية والفصائل العاملة على الساحة لا تبحث عن راحة المواطن وخدمته بقدر ما تبحث عن مصلحة أبنائها في الحكومة و سيادتهم على الأرض و وجودهم بالمؤسسات والوزارات الفلسطينية, وهنا نطرح سؤال هل نريد حكومة تخدم الشعب وتحقق طموحاته وتحمي إرادته في الأمن والاستقرار والنمو والتطور أو حكومة فصائل تصبح عبارة عن مراكز قوي لهذه الفصائل ..؟ لا اعتقد أن هناك حالة وسط يمكن أن تجمع الاثنتين معا لان الشعب جرب انفراد الفصائل في الحكم وجرب اجتماعها في الحكم وكلاهما جعل من المواطن مجرد خادم لأصحاب الحكم دون الالتفات لمستقبل تطوره ونموه وتعليم أبنائه وصناعة مستقبلهم , فأما حكومة مهنية تتشكل من أصحاب الخبرات الوطنية الفلسطينية لا علاقة لها بالأحزاب ولا يعمل وزراؤها من خلف الستار مع أي من الفصائل أو يكونوا محسوبين على أي فصيل أو حتى سبق لهم مناصرة أي فصيل أو حزب سياسي معين إلا فإن القادم قد يكون أسوء من الحالي بكثير لان المرحلة القادمة هي مرحلة تجهز فيها للصورة الفلسطينية الكاملة لان تكون للكل الفلسطيني ولا يهيمن فصيل بقوته السياسية أو العسكرية على مقاليد الحكم وبالتالي تصادر الحريات من جديد وتصادر إرادة الشعب من جديد. وبدلا عن الإنقاذ الوطني نقدم على إغراق أنفسنا في مستنقع الحزبية والمحاصصة القاتلة ونؤخر مسيرة هذا الشعب نحو البناء ونحو رص صفوفه لمواجه المحتل الغاشم وإيقاف استفراده بهذا الطرف أو ذاك, وبالتالي فإن الشعب يريد حكومة شعب مهنية تخرجه من ظلمات القهر الوطني وترسم مستقبل أبنائه المحرومين من الوظائف والمناصب وتوفر له حقه في إدارة مؤسساته الوطنية وتحكم بالعدل وتوفر ما يلزم المواطن لينمو ويترعرع في أحضان الحرية والديمقراطية والمساواة , الشعب يريد حكومة لا تتصف بالمطلق بالحزبية أو الحزبوقراطية , وإنما يريدها حكومة خبراء خالصة لا علاقة لها بالأحزاب لا من قريب ولا من بعيد , تمهد وتجهز للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني , حكومة تزيل كافة مظاهر وعوالق الانقسام الأسود لا زيادته ,حكومة ترمم الشروخ والتصدعات المجتمعية . نريد حكومة ترفع المعاناة الاقتصادية والحياتية عن كاهل المواطن ,حكومة تجهز المؤسسات الوطنية للدولة المستقلة , ومن هنا توجب على الأحزاب إلا تشرع في رفض آو موافقة الأسماء التي ترشحها دائرة الرئاسة إلا إذا تبين انتمائها لأي فصيل كان أو افتقارها للقدرات القيادية التي نحتاجها في مرحلة الانتقال إلى الحكم الرشيد ,ومن هنا أتمنى على الفصائل أن تنسي شيئا اسمه الحكومة ونصيبها من المقاعد في هذه الحكومة بل تكرس وقتها لمراقبه عمل الحكومة وتهيئة الظروف والمواقف والمواقع لتنجح الحكومة التي ينتظرها الشعب في مهامها التي وجدت من اجلها وأولها طي صفحة الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية وإعادة المؤسسات إلى الشعب , ولابد وان تعرف كل الفصائل الفلسطينية المقاومة منها والسياسية أن مكانها الوحيد ليس داخل الحكومة الفلسطينية بل داخل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني لتمثل كل الفلسطينيين في مسيرته النضالية و مقاومته المستمرة . ولن يتأتى ذلك إلا من خلال العمل داخل الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية لرسم الإستراتيجية الوطنية التي ترسم خريطة التحرير وتضع الآليات والأساليب وتوفر الأدوات لهذا الغرض ,وترسم معالم الدولة وتوجه الحكومة في عملها وتراقب برنامجها السياسي على المستوي الداخلي والعلاقات مع دول العالم والهيئات الأممية ,بالتالي فإن منظمة التحرير الفلسطينية تصبح المرجعية الوطنية للحكومة الفلسطينية الحالية و حتى الحكومات القادمة بعد مرحلة الانتخابات واستعادة الوحدة الوطنية . [email protected] 1