بات معروفا لدى الإعلاميين أنه في حالة عدم توفر صورة للمادة المراد نشرها عن منطقة ما, أن يكون البديل اختيار صورة لأبرز المعالم التي تشير إلى مكان الخبر وبحكم متابعتي كإعلامي وبصفة مستمرة في وسائل الإعلام لما يستجد نشره من مواد إخبارية . حيث استوقفتني كثرة الأخبار عن محافظة صبياء والتي يضطر أصحابها لوضع صورة لأبرز معلم فيها فأدهشتني الصورة المكرورة المصاحبة للأخبار كونها لكبري لا يتجاوز طوله عدة أمتار. فبت أخشى عليهم عندما ينشدون تغيير هذا المعلم كي لا يَملَّ المتابع أن لا يجدوا بديلًا آخر إلا المقبرة وبقايا القلاع التاريخية التي تنسب كما يروى للأدارسه للتعبير عن ما يميز هذه المحافظة . وسألت نفسي ما هو المعلم الحضاري في ( العيدابي بني مالك العارضة فيفاء ...الخ ) ؟ حتى مدينة جازان حاضرة المنطقة ليس بها إلا ما يسمى دوار التوحيد الذي لا يوجد فيه ما يستحق الإشادة إلا اسمه أما الباقي فمجرد مجسم أقل من العادي من حيث الشكل والفكرة. من المقدمة السابقة ربما تتضح الرؤية حين ننشد الحديث عن التنمية بمنطقة جازان وهي ذاتها التي تؤكد أننا ما زلنا نقبع بآخر الركب بشتى المجالات ومن باب الإنصاف نستثني جامعتها المتهالكة التي ننتظر اكتمال انتقالها بكافة فروعها إلى مقرها الجديد ومع ذلك فهي تضم بداخلها كوكبة من المفكرين والمتخصصين المبدعين والباحثين المتميزين على المستوى المحلي والإقليمي بل وصلوا إلى العالمية رغم الفترة الوجيزة منذ إنشائها. فما يحدث من قصور في أداء الجهات المكلفة بالبنية التحتية والمناط بهم النهوض بتنمية منطقة جازان يعتبر أمرًا مخجلًا للغاية إذا ما قورنت بما وصلت إليه باقي مناطق المملكة وعلى سبيل المثال لا الحصر مقارنتها مع أقرب نقطة لها منطقة عسير. وحتى لا أتهم بالتجني والمبالغة سأقارن بين مكانين كانا يعودان في مرجعيتهما الإدارية إلى منطقة جازان فشاءت الأقدار والتقسيمات الإدارية أن ينفصلا وهما (الربوعة وتشوية ) . فالربوعة انتقلت مرجعيتها الإدارية إلى عسير وفي غضون عام تحولت جذريا إلى حاضرة تمتع بجميع الخدمات مما جعل قاطنيها ينعمون بالراحة والاستقرار أما تشوية بمركز دفا التابعة لمحافظة الداير فما زالت مرجعيتها الإدارية إلى جازان. وللأسف من يطلع على ما يعيشه أهالي تشوية من عدم توفر طرق ومستوصف وكهرباء وغيرها من الخدمات يشعرك عند زيارتها أنك في القرون الوسطى ,زد على ذلك اقتصاص ما يزيد عن عشرة كيلومترات من أراضيهم وإهدائها إلى اليمن وذلك بخطأ فادح ارتكبه أحد الضباط المسئولين سابقا عن تلك المنطقة ليزرع في نفوس الناس اليأس والإحباط وينمي بؤرة الفتنة القبلية مع القبائل اليمنية المجاورة لتشوية وليس هناك من يقبل منهم لو التلفظ عن الموضوع لو بمجرد رأي ، وفي المقابل وعلى مرمى حجر منهم يشاهدون الربوعة المضمومة إلى عسير في وقت قريب ومعها نفس الحدود مع اليمن ولم يحصل معهم كما حصل مع أهالي تشوية ليس إلا أن هناك من يفكر أبعد من أنفه. ولكم أن تتخيلوا أهالي تشوية وهم يشاهدون بجوارهم الكهرباء والطرق المسفلتة وكل الخدمات وعندما يذهبون إلى هناك يقال لهم أنتم تابعين لمنطقة جازان ' ولكم أن تتخيلوا أن أقرب مستشفى لهم بسبب المرجعية الإدارية على مسافة تزيد عن 50 كيلومترا عبر طرق لا تعدو كونها مسالك أودية ويقبعون تحت وطأة الجهل والفقر والأمراض ويعانون كمًا هائلا من المشاكل الله وحده العالم بنتائجها , ولكم أن تتخيلوا علامات الاستفهام التي ترتسم على وجوههم محاولين البحث عن أسباب ضنك العيش عندهم بينما جيرانهم ينعمون برغد العيش والحياة الكريمة فلا يجدوا إلا إجابة واحدة رسخت لديهم قناعة بأن المرجعية إلى جازان هي الجحيم وإلى عسير هي النعيم وكأن كلا منهما بدولة مستقلة . وإذا وسعنا دائرة المقارنة لتشمل منطقة جازان سترى المرضى يغادرون جازان للبحث عن مستشفيات مسئولة وخدمات رائعة وحسن تعامل في كل شيء لذا فالمقتدرين من أبناء جازان عندما يذهبون ينتابهم شعور أنهم بالفعل مواطنين سعوديين حُفظتْ لهم قيمتهم الاجتماعية أفرادا وجماعات . بينما للأسف بمنطقة جازان ما زال إلا من رحم الله المسئول لم يشعر بالمسئولية نحو منطقة سعودية أو ينتابه الخجل على أقل تقدير من باقي زملائه في المناطق الأخرى والذين تجاوزوه بمراحل متقدمة في تنمية مناطقهم مُوظفين ما تهبه الدولة لهم لخدمة البلاد والعباد ، وهم ما زالوا في مراحل متأخرة يختلقون العقبات تلو العقبات والتي تعثر سبل التنمية وخدمة المواطنين والرقي بمنطقة جازان . فمنهم من يلوم وكيل الإمارة أو يلوم الأنظمة أو يلوم الوزارة أو.... الخ ,وهي حيلة العاجز فكريا وعمليا ، فقد ذهب وكيل وجاء وكيل وتغيرت مواد في النظام وجاءت أخرى وذهب وزير وأتى وزير وما زال الحال على ما هو عليه. حتى الجبال التابعة في مرجعيتها لمنطقة جازان تحولت لحقول ألغام بسبب الانهيارات وحقول لتجارب الجهات الخدمية بسبب سوء التخطيط والتي غيرت تضاريسها وعبثت بالبيئة وأخذت من المواطنين أكثر مما أعطتهم فكما ينظر الوزراء وغيرهم من المسئولين لجازان من التهميش وألا مبالاة فكذلك حال المسئولين في جازان وهم ينظرون لأهالي الجبال. فضعف المسئول في جازان عند تعاطيه مع الجهات المسئولة عنه يُولد لديه نقصا لا يجد تعويضا يجبره إلا بالتسلط على بعض الضعفاء من أعيان ومسئولي القطاعات الجبلية الذين ما زالوا لا يفرقون بين الجندي والضابط وبين الموظف العادي والمسئول صاحب القرار وبين صلاحية هذا أو ذاك وقد يتسابق بعضهم لكسب الود منهم والثناء عليهم بل يصل الحال ببعض مسئوليهم التظليل ومحاولة إيهام المواطن البسيط بأنهم المرجعية الوحيدة من خلال التعقيدات والعقبات التي يضعونها وربما لي عودة لتسليط الضوء على كثير من الجوانب الحيوية التي تفتقد إليها المنطقة . بقلم الإعلامي / يزيد بن حسن الفيفي