جبل الإنسان على الارتباط بمكان مولده وعيشه في سهل أو جبل أو وادٍ ، ويرتبط بربوع قبيلته حول نبع ماء ، أو موضع كلأ , وارتباط الإنسان عاطفياً بمكانه الذي ألفه وبمجتمعه وبيئته وتعلقه بهم يعد أمراً فطرياً ، يبقى ما بقيت المشاعر والأحاسيس ، وهو ظاهرة مشتركة بين البشر كافة ، يقول الجاحظ في كتابه الصغير الموسوم " بالحنين إلى الأوطان": ( وكانت العرب إذا غزت وسافرت حملت معها من تربة بلادها رملاً وعفراً تستنشقه عند نزلة أو زكام أو صداع ) فالوطن ارتبط بالإنسان ووجد معه ولازمه ، في مختلف الأزمنة والبيئات وإذا فارقه يشعر بحنين وغربة وأشياء عديدة يفتقدها ويمني نفسه بتقبيل أرض موطنه في أقرب وقت حتى ولو لم يكن له بها أهل , ؛ لذلك سعت الشعوب إلى بذل الغالي في سبيل الحفاظ عليه , أو دعمه بكل ما من شأنه يعلي مكانته , التعبير عن هذا النوع من الارتباط بشتى الصور وفي الأزمنة الحديثة تفنن البشر المحبين لأوطانهم المتعلقين بها ولاء وانتماء إلى التنافس في إظهار مكنوناتهم بكل السبل , في بلادنا يرتبط المواطن بوطن غييييير وطن يحوي بين جنباته الحرمين الشريفين, تحققت على أرضه الكثير من الانتصارات التاريخية العظمى لديننا الإسلامي وعلو شأنه , وأية إنسان يتشرف بانتمائه إلى وطن يجمع مزايا عديدة لم تجتمع لأية بلد آخر أهمها وطن أسس على منهج كتاب الله , وأول صور هذا الانتماء مقترنة بطاعة الله ورسوله " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم " ( سورة النساء : 59 ) وفقا للمنهج الرباني في تنظيم حياة البشر على الأرض , فإذا رغب الإنسان في حياة آمنة مستقرة عليه الإسهام بكل ما في وسعه من أجل نمائه ورخائه ,ورفعة شأنه لكل موطن جذب . إن المواطن السعودي مثله مثل شعوب الأرض يعتز بانتمائه وولائه لوطنه وحكومته يعبر عن ذلك بالفعل من خلال العمل والتفاني في أدائه و وتربية الأجيال والحرص على تعلمهم أعلى مستويات التعليم وغرس روح الوطن في ذواتهم سواء كانوا آباء وأمهات أو مربين والحفاظ على كل مقدرات الوطن من أيدي العابثين بحراسة حدوده ويقظته الملحوظة لكل مخطط يعمل على تقويض نهضته , والنيل من أمنه , فتسلح المواطن بسلاح الإيمان في علاقته بوطنه وحكومته وفي حالة الأخذ والعطاء , وحين نتحدث روح المواطنة في ذات كل مواطن سعودي سنكسب الرهان , في روح كامنة وتتضاعف تظهر ملامحها في كل مناسبات الوطن , وما أن تعطي الدولة الإذن للمواطن في التعبير عن تلك الروح حتى يهب الجميع للاحتفاء والتعبير بلغة واحدة , منشدين كل القصائد الوطنية مرددين كل الأغاني الحماسية , تتحرك شجونهم ويتنافسون في إظهار مشاعرهم, الكل يريد أن يكون الأول في تجسيد صور ذلك الانتماء والولاء د. عائشة يحيى الحكمي أستاذ مساعد الأدب الحديث جامعة تبوك عضو مجلس إدارة النادي الأدبي