(السجن في اللغة: بفتح السين مصدر سجن، يعني الحبس الواقع على الشخص المحكوم عليه بالسجن، وبكسر السين: اسم للمكان الذي يسجن فيه، وقرئ قوله تعالى: قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه 33 {يوسف: 33} وتعريفات السجن في مجملها تحتوي على ثلاث خواص رئيسية له: الأولى - إعاقة المسجون عن التصرف المطلق بنفسه. وهذه الخاصية واضحة من تعريف السجن وواقعه؛ فإن السجن بأي إطلاق كان، يلازمه المنع من التصرف بالنفس. الثانية – منع السجين من مخالطة الآخرين مخالطة مطلقة ومنع الآخرين من مخالطته.) الثالثة - الإهانة والإذلال في الظاهر. (وقد دل العرف على أن السجن مكان للإهانة والذل الظاهري أو الرمزي، ولذا قالت امرأة العزيز: ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم 25 {يوسف: 25}، ولو لم يكن مكاناً للإهانة الظاهرة ما قابلته بالعمل الذي وصفته بالسوء، قال البقاعي: السجن سبب ظاهر في الإهانة(18).) وعند هذه الخاصية اتوقف متسائلا ماذا لو كان السجن والذي هو مكان للإهانة (الظاهرية أوالرمزية) يقع داخل الحيز السكني ؟ كيف سيكون تأثير هذا الرمز الحي على نفوس الساكنين بصفة عامة وعلى الناشئة منهم على وجه الخصوص ؟ وبالتأكيد هذه الاسئلة لا توجد لدي أي اجابة علمية عليها لأنني لم اجد دراسة محققة تجيب عن تساؤلاتي تلك , لكنني وقفت على أرض الواقع على معاناة أهالي مركز الطوال من وجود سجن الطوال داخل الكتلة السكنية واحسست بها , فتخيلوا معي طفل في كل صباح وهو ذاهب للمدرسة يمر أمام اسلاك السجن ويرى العسكريين ومركباتهم والمساجين وزوارهم يراهم حد الملامسة وليس من خلف الشاشة ؟وفي المساء يسمع جلبتهم من خلف الجدران التي تلامس جدار بيته!, ويلهو بكرته امام بوابة السجن ويحلق بخياله الخصب في عوالمه البريئة وصورة السجن تلاحقه في كل مكان حتى قصصه الطفولية التي يسردها من خيالة لا تخلوا من السجن أو مصطلحاته وابجدياته. ويزداد الأمر سوءا عند ملاحقته للمحيطين به بتساؤلاته البريئة عن هذا المكان ولماذا هؤلاء فيه وهو يلحظ الدموع والزفرات والزائرين والقيود و الحراس ولربما يتبرع احدهم بإجابات مظللة (كالسجن للرجال الشجعان) أو (ياما في الحبس مظاليم) وغيرها من الاجابات التي قد تطوح بفكره وتفكيره بعيداً . اعود لكلمة تخيلوا إذ أريدكم ان تستشرفوا معي تأثير هذه المناظر على سلوك ذلك الطفل المستقبلي وانا استخدم كلمة تخيلوا لعدم وجود باحثين على حد علمي يقيسون ذلك التأثير بشكل علمي مدروس كما اسلفت. في اعتقادي الكليل أن هذه الصورة غير صحيحة وليست صحية كذلك ودليلي أن ادارة السجون في المملكة درجت حديثاً على بناء منشئات مجهزة وحديثة وخارج النطاق العمراني مراعاة لمشاعر المساجين وأهاليهم وحرصاً على ابعاد مناظر السجن عن عيون الناشئة والناس وهذا التوجه القوي نلامسه في كثير من مناطق المملكة لكن على ما يبدوا أن سجن الطوال الذي اقترب عمره من ملامسة العقد الرابع تخلف عن اللحاق بالركب تخلف الى الحد الذي معه اصبح لا يستطيع لفرط عشريته ان يفارق جيرانه. حررت الشكاوي وقدمت للمسؤولين بنقل سجن الطوال لخارج الكتلة السكنية لكن على ما يبدوا ان ادارة السجون بجازان لا تزال عاجزة عن اقناعه بالرحيل والى ان تستطيع ان تقنعه فليس لكم يا أهالي الطوال الكرام إلا أن ترحلوا أنتم وتتركوا المكان لذلك الثقيل أو أن تصبروا على صاحبكم ,,ذاك لأنه لا تلوح في الأفق أي بوادر لحلول قد تخرج من مكاتب ادارة سجون منطقة جازان ومع أنهم يرفعون شعار السجن اصلاح وتهذيب الا أنهم يقصدون بذلك نزلاءه ولا يدركون حجم الخطورة على جيرانه . [email protected] 5