كنت قد اجتمعت في جلسة حوارية مع صديقي العزيز ( فهد قحل ) كعادتنا الشبه دائمة , تداولنا خلالها كثير من المواضيع . ما أعجبني في هذا الأخ هو أسلوب تحاوره الراقي – وإن كنا أحيانا نختلف – في بعض الجوانب ولكن طابع الحوار يظل شيقاً لكل من كان حاضراً حينها . فأحببت أن أخصص هذه المساحة عن الحوار . فعنوان هذا المقال جُملة قيلت منذ الزمن القديم كان قائلها آنذاك هو الفيلسوف اليوناني " أفلاطون " - والذي كان يغلب على مؤلفاته طابع المحاورة - . ربما أنها مازالت صالحة الاستخدام وبكل مقايس الجدارة إلى حد يومنا هذا وربما إلى أبد الدهر !. الحوار لغة : من الحوار وهو الرجوع واصطلاحاً مراجعة الكلام وتفنيده وتداوله بين طرفين مختلفين , هذا تعريف لمصطلح الحوار والذي يٌعد أنجع الأدوية للفكر على مر العصور . فالله أمر الرسل والأنبياء بالحوار وجعله أساساً في الدعوة . فمن باب أولى الاهتمام بسياسة الحوار والذي يٌعتبر دون شك أهم وسائل الاتصال والتقارب بين الأفكار والثقافات المختلفة أينما كانت وفي أي زمن حلت . وكما نسمع المختصين في علم النفس يرددون دائماً عبارة " السلوك لا يعالج الا بالسلوك" وتعتبر قاعدة علاجية ذهبية فإن " الفكر لا يتغير إلا بالحوار " من وجهة نظري . لذلك الحوار الهادف الصادق هو من يبقى في نهاية المطاف ودونه يذهب إلى سلة المهملات هذه طبيعة النفس البشرية تحب الجدل والحوار والنقاش " وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً " ولكن على المحاور أن يكون متحلياً بصفات المحاور الجيد ولعل منها " العلم بالشيء فلا يجدي الحوار دون علم والإنصات للآخر وهذا يُعد أهم أركان الحوار البناء والإنصات شيء يعطي الآخر القدرة على النقاش وإيصال فكرته ليتم نقاشها . الاحترام المتبادل وعدم التحيز والكثير من الصفات الهامة في سلسلة الحوار . كما أن أهمية الحوار لا تنحصر في مكان محدد بل لابد من توفرها في المنزل والعمل والشارع والمدرسة ومن هذا الحديث فإن الحوار الهادف بشكل عام يعد مهماً كونه مطلباً أساسياً لجميع الأمور لأنه نافذة راقية لتجميع الأفكار النيرة والوصول إلى خُلاصة مستوفية للجوانب والأهداف المرجوة من سُنة الحوار ولعل التاريخ مزدحم بالقصص التي كان الحوار أساساً فيها . قبل أن أختتم مقالي أعجبتني عبارة قرأتها عن الحوار للشيخ سلمان العودة وأحببت ذكرها حيث قال " الحوار ليس جدالاً ولا مقارعة ولا منابذة في ميدان قتال تراق فيه دماء المتحاربين بسيوف الألفاظ النابية والفكر المعقد والمسلك المتشنج. فهناك تلازم بين الحوار والأدب, بين الحوار واللطف, بين الحوار واللغة الراقية " فاصلة : لو اهتم البشر بسياسة الحوار الهادف, والصادق ,لأدى ذلك إلى وجود فكر راقي, لا يقبل التشويش !! 2