بقدر ما هو مقرف , بقدر ما هو مُطْرِف , بقدر ما هو مقياسٌ شديدُ الدقةِ لقيمة المواطن لدى البعض من مؤسساتنا المرموقة , والتي يتربع على قمة هرمها ناقلنا الجوي المميز الخطوط السعودية . فمنذ عقود ونحن مغلوبون على أمرنا نُرمى في المطارات كرمي المتشردين بانتظار رحلات إن تيسرت فهي إما متأخرة أو ملغاة , وإن صادفك الحظ وصعدت الطائرة فاعلم أنك الأوفر حضاً من بين إخوانك المواطنين إلا أنك لست بذلك المحظوظ مقارنة مع أكبر متشردي العالم فهم لا تقدم لهم لحوم الحمير - أعزكم الله - أما نحن فقد فزنا بهذه الميزة لعشرات السنين ودون أن ندري , ولعل هذا مما يفسر أسباب أزمة الشعير التي استشرت لدينا مؤخراً. والحقّ بأنا كنا نستمتع فعلاً بتلك الوجبات , وشخصياً كنت أفضل أن تقدم لي قطعة من لحم الحمار المحمر مع القليل من السلطة وبعض المقبلات طبعاً قبل أن أعلم بمصدر ذلك اللحم , ولذلك فإنا قد لا نمانع في استمرار الخطوط الأصيلة بعاداتها الكريمة بشرطين أولهما أن يضمن المواطن أن يجد رحلةً في أي ساعة من ليل أو نهار وبأي موسم من المواسم والشرط الثاني أن يضاف للحم الحمير مجموعة من البهارات والتوابل المحلية والتي ستجعل منه وجبة شعبية سيكون لها اسمها في كتب تراثنا الأصيل . ومادام النقل الجوي سيظل حكراً على تلك الخطوط , فإن ضلع حمار مع رحلة مضمونة هي أمنيةٌ سنتمناها وتتمناها الأجيال القادمة بكل الرضى والسرور , لا أن نظلّ نشجب خطوطنا ونشتمها ونحط من قدرها وهي التي لحم أكتافنا من حميرها , أقصد من خيرها !!. 8