ما أجملها محافظتي – الداير بني مالك- تسامر جبالها النجوم , وتحتضن قممها الغيوم , وتدغدغ أوديتها ينابيع المياه , يخيم عليها الهدوء , وتتناغم مع طبيعتها التي لم يطمث بعضها إنس ولا جان عقليات أناسها الطيبة حد البساطة , وقلوبهم الرحيمة درجة الرقة كحال أبناء الوطن عامة , مما أوقعهم عدة مرات ضحايا لكثير من عمليات النصب والاحتيال , ومحافظتي اليوم وهي تعج بالمعايدين والزائرين من كل حدب وصوب , تنسج حول شبابها ورجالها شراك الخبث والخبائث من لدن طائفة تنصلت من الحياء , وتمرغت في القذارة والسوء , هذه الطائفة امتهنت مد اليدين , واستدرت القلوب والجيوب , فنما عودها واشتد ساعدها , وبدأت تطور ذاتها فمن ذي عاهة مقعد بإعاقة أو كف بصر , ومن طفل وطفلة مفوهين يجيدان استخدام (يا عم ) إلى سلالة جديدة من الشحاذات أخذت تجوب الشوارع والأزقة تلمح بعينين دعجاوين , وبحاجبين مزجوجين , في رسمهما غنج ودلع , وتهتف بأصوات دافئة تتبعها ضحكة متهتكة , تردفها بمد يدين أنثوين فيهما ملامح من بقايا حرير مدعومتان بخواتم وأساور مذهبة , تقومان على جسد ممشوق تتأبطه عباءة مخصرة , تتحرك في خطوات آخذة من المزن حكمة ( لا ريث ولا عجل ) , وربما كشفت إحداهن عن خدين أسيلين أو ساقين عجيبتين , أو خصل شعر شقراء , مما يخيل إلى الإنسان وكأنه في ساحة عرض أزياء يستمر من الصباح إلى قرابة منتصف الليل أحياناً , تتخلل هذا العرض فواصل إعلانية من غزل نتن أبطاله شباب مراهقون , أو رجال مسخ , وازعهم الديني في إجازة , ورجولتهم الحقة في غيبوبة , ولا أنسى ما تمتلئ به المحافظة كغيرها من محافظات المنطقة من جنسيات مقيمة ذات ميل فطري وشوق عارم لقضاء الأوطار مما يوقد الغرائز بجنسيها ويهتك الأعراض برجسيها , فعلت غيوم الرذائل , وانتشرت روائح تزكم الأنوف, وتناثرت عشرات الجثث مشوهة المنظر العام , ومنذرة بخطر داهم من الأمراض المستعصية كالإيدز والزهايمر والهربس وغيرها – كفانا الله وإياكم وسائر وطننا – وعقب وقوع الفأس في الرأس لن ينفع الصوت فانتبهوا ياأولي الألباب لهذا الأفيون الأشقر الذي لايبقي ولا يذر , تجاوز انتشاره ليصل إلى متنزهات عسير وشواطئ جازان وأسواق المنطقة الجنوبية عامة , وإني لأضع الأمر في ذمة ولاة الأمر بدءا من الآباء ومرورا بالمشائخ والأعيان وخطباء المساجد ووصولا إلى المحاكم والشرط والمحافظين وإمارات المنطقة عامة , وأناشدهم جميعا تحمل مسؤولياتهم تجاه المجتمع والوطن داعيا لهم بالتوفيق في مواجهة هذا السيل العرمرم , ولوطننا وأبنائه بالسلامة والعز والتمكين , والله من وراء القصد وهو المستعان. 7