اتهم مواطن ووالدته موظفين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإهانتهما والتلفظ عليهما بألفاظ تخدش الحياء أمام الناس في سوق ريمان في حي البديعة (غرب الرياض). وأكد الموظف في الخطوط الجوية العربية السعودية زيد الرافعي ل«الحياة»، أنه سيقدم شكوى رسمية إلى إمارة منطقة الرياض وهيئة حقوق الإنسان، لفتح تحقيق في الواقعة التي لم يسجلها موظفو «الهيئة»، على حد قوله. وأضاف أن والدته أصرت على الذهاب معه إلى مستشفى الملك سعود الطبي الأربعاء الماضي للاطمئنان عليه، لأنه كان يعاني من متاعب صحية، وفي طريق عودتهما إلى المنزل أحب أن يشتري لوالدته هدية، تقديراً لها على تعبها من أجله، فتوقف عند سوق ريمان، وقبل أن ينزلا من السيارة قبّل يدها ورأسها. وتابع: «فوجئت عندها بخمسة أشخاص لا يحملون بطاقات تعريف بهم يمسكون بي أمام الناس، ويوجهون لي تهمة الدعارة في السيارة، وعلى رغم أنني حاولت مراراً أن أوضح لهم أنها والدتي، وأنني كنت أقبّل رأسها ويدها، لأنني أتعبتها معي منذ الصباح الباكر في مجمع الملك سعود الطبي، إلا أنهم رفضوا الإصغاء إلي، وأدخلوا والدتي السيارة، وانهالوا عليّ وعليها بالأسئلة، وبعد أن تأكدوا من إثباتاتنا وتطابق إجاباتنا، قالوا مع السلامة وكأنهم لم يفعلوا شيئاً أمام الناس». وذكرت أم زيد ل«الحياة» أنها شعرت بالهلع عندما شاهدت خمسة رجال يتعاملون معها بهذه الطريقة المسيئة متسائلة: «قبّل ابني رأسي ويدي احتراماً لي، لأنني رافقته إلى المستشفى، فهل تعد هذه جريمة؟ وهل يوجد نظام يقضي بعدم تقبيل يد ورأس الأم في السيارة؟». وأشارت إلى أن موظفي «الهيئة» وضعوها وولدها في موقف محرج أمام الناس الذين تجمهروا عند السوق، وتابعت: «ألم يكن حرياً بهم أن يطلعوا على أوراقنا الثبوتية قبل أن يتفوهوا بكلام جارح يخدش الحياء؟»، موضحة أن أحد شهود الواقعة كتب رقم سيارة «الهيئة»، التي تعود إلى هيئة البديعة (تحتفظ «الحياة» برقم السيارة). وأكد شاهد عيان (تحتفظ «الحياة» باسمه)، أن كثيراً من الناس تجمهروا عندما استوقف موظفو «الهيئة» المواطن والمرأة، وطلبوا منهما الإثباتات، وبعد أن تأكدوا من مطابقة بياناتهما أخلوا سبيلهما. واعتبر المحامي خالد المطيري، أن ما قام به موظفو «الهيئة» يحمل نوعين من الخطأ، الأول أنهم تجاوزوا صلاحياتهم الوظيفية، وأخلّوا بنظام الإجراءات الجزائية، والثاني أنهم ارتكبوا أخطاء شخصية يحق للمتضرر أن يقاضيهم عليها. وأكد ل«الحياة» عدم وجود نظام أو عرف يمنع الشخص من تقبيل رأس والدته في السيارة أو في الشارع، لافتاً إلى أن الشتم يعتبر مخالفة يحق للطرف الآخر تقديم شكوى للمحكمة بخصوصها، ولا يجوز لموظفي «الهيئة» القبض على شخص إلا في حال التلبس. وقال: «استيقاف المواطن ووالدته مخالف لنظام الإجراءات الجزائية، إلا إذا كانت فيه شبهة كبيرة، ولكن يجب التثبت»، مشيراً إلى أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعد جهة ضبط، وتوجد طرق عدة لضبط الجاني أو المشتبه به. من جهتها، طالبت الاختصاصية النفسية سميرة الغامدي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمعاقبة الشخص أو الأشخاص الذين تورطوا في نعت المواطن وأمه بألفاظ جارحة، مشددة على أن ما حصل تجاوز فردي، وليس نمطاً عاماً لموظفي «الهيئة». وأضافت: «هذا التصرف من موظف الهيئة يعتبر تجاوزاً لكل الآداب الإنسانية، فكيف يهز مكانة أم أمام ابنها، ويصفها بصفة فيها خروج عن الأخلاق العامة التي يقرها ديننا الحنيف؟»، مؤكدة أن تقبيل زيد يد أمه تصرف طبيعي، ونحن مطالبون بهذا التصرف، لأنه منظر لائق يعلّم الناس الرحمة والتآلف وفضل الوالدين. يذكر أن المفتي العام للمملكة عبدالعزيز آل الشيخ طالب رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرفق واللين. وقال في محاضرة أخيراً: «العامل في مجال الحسبة يجب أن يكون على علم بحقيقة ما يؤمر به وينهى عنه».