لأهل الحجاز عادات وتقاليد خاصة بشهر رمضان فيه كل حارة وشارع يعيشون تفاصيل قصة واحدة لها طعم مختلف بدءاً من الاستعداد للشهر منتصف شعبان وهو ما يسمى (الشعبنة) كاحتفال يحرص فيه الحجازيون على معايشة المناسبة بصحبة الأهل والأصدقاء في الاستراحات أو الجلوس جانب البحر يستعيدون ذكريات رمضان في الأعوام الماضية واستغلال المناسبة في الإصلاح بين المتخاصمين, مروراً بالاحتفاء بشهر الصوم في كل يوم بتجهيز المنازل وتزينها وتعليق الفوانيس حيث كانت تسمى عند البعض ب"الكشاف". الباحث الاجتماعي في تاريخ أهل الحجاز وليد شلبي يروى بداية القصة الجميلة قائلاً: مع إعلان دخول شهر رمضان تزدحم الشوارع من أجل الذهاب للأسواق لشراء أغراض رمضان وتنتشر رائحة بخور العود والمخلط في البيوت وعادة ما يبدأ استعداد النساء من المطبخ بالتخلص من الأواني القديمة وشراء أخرى جديدة وتقوم السيدات بشراء الأبزار من السوق وتوزيعها حسب نوعها ومن ثم يتم غسلها وتنشيفها وتنقيتها من الشوائب ويتم تقسيمها على قسمين في الأول يتم طحن جزء من أجل طهي الأرز والأكلات الأخرى بمختلف أنواعها والآخر يتم تجهيزه على هيئة صرر وذلك بوضع كمية من الأبزار داخل قطعة من الشاش لوضعها في قدر شوربة الحب التي تشتهر بها موائد الإفطار حتى اليوم. وشراء بعض المستلزمات مثل الألماسية والسقدانة وهي من أشهر الحلويات التي تقدم في رمضان وتباع في الأسواق الشعبية مثل باب مكة وتحرص النساء على تبخير مشربيات المياه والكاسات بالمستكة،ولفت إلى حرص أهل الحجاز لتناول السمك في وجبة السحور وكانت النساء وقتها لعدم وجود الثلاجات في البيوت يقمن بتنظيف السمك من الشوائب بعد شرائه من البنقلة في الصباح ويقمن بتشميعه بواسطة إذابة الشمع عليه للحفاظ عليه من الفساد حتى المساء ووضعه في سلة من الخزف وتعليقه في سقف البيت _ وأشار إلى دور الشباب والرجال في مساعدة النساء في تجهيز موائد رمضان، وذلك من خلال حمل صواني الحلويات وبعض الأكلات إلى مخبز الحي لخبزها، وأضاف.. تتباهي النساء الحجازيات بتبادل الأطباق الرمضانية فيما بينهم قبل موعد أذان المغرب بدقائق وكان وقتها الإعلان يتم من خلال مدفع رمضان الذي كان يقع في منطقة تسمى بحر الطين وهي منطقة مكشوفة لمأذنة مسجد الحنفي ويتم التفاهم بين شخص يقف عند المأذنة ويرفع علم للإعلام بقرب موعد الأذان ويتم إطلاق المدفع والذي يعد أحد أهم المظاهر التي تلاشت مع الوقت والذي كان الجميع يتحرى سماع صوته ويحن له في ظل غياب التلفزيون وقتها وكانت الناس في ذلك الوقت خلال السبعينات الهجرية 1370 ه وما قبلها يتتبعوا الأخبار من خلال البرقيات والراديو في العام والعائلة تجتمع طيلة الشهر في البيت الكبير وهو بيت الوالد أو الجد لتناول طعام الإفطار والمائدة كانت من أهم أطباقها السمبوسك المضفرة والفول المبخر وشوربة الحب وبعض الأكلات بالإضافة لأطباق الحلويات مثل الكنافة المحشية بالموز أو القشطة واللقيمات، وأشار إلى دور المسحراتي في ذلك الوقت والذي كان يخرج بطبلة إلى الشوارع من بعد صلاة التراويح وحتى قبل أذان الفجر وهو يردد بعض العبارات – اصحى يا نائم ووحد الدايم رمضان كريم_ ويقوم بتشجيع الأطفال الصغار الذين صاموا لأول مرة من خلال ذكر أسمائهم عندما يمر من جانب بيته، والمسحراتي الذي كان يتجول بين الأحياء يشجع الصغار على الصوم وينبه الصائمون بقرب موعد السحور وصوت المدفع الذي كان يعلن دخول الشهر الكريم وموعد الإفطار. وليد شلبي