لم يكن أكثر الوحداويين تفاؤلاً يتخيل الحراك الذي يعيشه ناديه هذه الأيام، وبالتحديد منذ 14 أبريل من العام الحالي، وهو اليوم الذي أصدر فيه رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية السعودية المستشار تركي آل الشيخ قراره بتكليف اللاعب السابق حاتم خيمي رئيساً للنادي، وصاحب ذلك وعداً قطعه رئيس هيئة الرياضة على نفسه بدعم "النادي المكّي" وانتشاله مما هو فيه، حتى يصبح في موقع يليق بتاريخه. الوحداويون من هول الصدمة لم يصدقوا أن ناديهم سيتحول من محطة للتزود بنقاط في الدوري وفريق متهالك يصارع من أجل البقاء مع الكبار إلى ند قوي ومنافس على مراكز المقدمة، ولم يستوعبوا ذلك إلا بعد أن شاهدوا إدارة النادي وبدعم من هيئة الرياضة ممثلة في رئيسها تفاوض نجوم عالميين وآخرين من أفضل اللاعبين السعوديين الدوليين، لكن في غمرة أفراحهم بذلك وبتتويج الفريق بلقب أول دوري يحمل اسم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حدث ما لم يكن في الحسبان، وتحولت أفراحهم وطموحاتهم إلى أحزان وإحباط، بعد أن تلقى النادي خطاباً من الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" يفيد بمنع النادي من تسجيل اللاعبين على خلفية قضية لاعب الوسط الأوروغوياني أدولفو ليما، وهو ما يعني أن كل ما خطط له من تركي آل الشيخ لن يُنفذ بأمر "الفيفا"، وسيضطر الفريق إلى خوض غمار الموسم المقبل بلاعبيه السعوديين ودون الاستفادة من أي عنصر غير سعودي كونه صعد بدونهم أيضاً. لكن ذلك لم يرق لرجل الرياضة الأول، كونه سيجهض ما خطط له، فبدأ تحركاته من أجل إيقاف هذا القرار وتجاوز هذه الأزمة، ونجح في ذلك فعلاً، إذ تلقى اتحاد القدم في ال 26 من أبريل خطاباً من "الفيفا" يفيد برفع الإيقاف عن "الفرسان"، وأنه باستطاعتهم تسجيل اللاعبين خلال الفترة الصيفية، لتتحول الأحزان الوحداوية إلى أفراح كبيرة، لا تقل عن تلك التي صاحبت أفراح الصعود للدوري الممتاز. كان الوحداويون يدركون أن الفريق بحاجة إلى سلخ جلده، فالأسماء الموجودة لن تحقق الطموحات، ولن تجعل من "الأحمر" فريقاً صعباً ولا يقهر كما رُسم له، فبدأت التحركات لصناعة فريق بطل، من خلال الجلوس على طاولة المفاوضات مع عدد من اللاعبين السعوديين والأجانب، وكانت المهمة الأولى الإفصاح عن رؤية إدارة النادي المستقبلية، حتى يستوعبوا مسألة انتقالهم إلى فريق صاعد للتو إلى الدوري الممتاز، وكان أول الأسماء التي تم جلبها هو حارس الإسماعيلي المصري ومنتخب بلاده محمد عواد، الذي يعتبر واحداً من أفضل الحراس المصريين. وبعد مفاوضات صعبة، توصلت الإدارة الوحداوية إلى اتفاق مع أفضل مدرب برازيلي للعام 2017م فابيو كاريلي الذي أسعد جماهير النادي البرازيلي العريق كورينثيانز بقيادته نحو منصة تتويجه بلقب الدوري، وأحدثت الصفقة الوحداوية ضجة كبيرة في البرازيل خصوصاً لدى أنصار بطل الدوري، كون مدربهم انتقل إلى الوحدة الذي بات اسمه حديث الوسط الرياضيالبرازيلي، حتى إنه وصل إلى أعلى "ترند" في البرازيل. ولم تكن مهمة جلب المدرب البرازيلي الأفضل على مستوى بلاده سهلة، بسبب تخوف المدرب عندما علم أن الوحدة صاعد للتو إلى الدوري الممتاز، لكن المعطيات التي ذكرت له وأسماء اللاعبين غير السعوديين الذين اطلع عليهم وتنوي الإدارة التعاقد معهم طمأنته وجعلته يوافق على العرض. بعدها بثلاثة أيام، أعلن الوحداويون عن التعاقد بشكل رسمي مع أربعة لاعبين، هم مدافع النصر عبدالإله العمري لمدة موسم واحد بنظام الإعارة، ومدافع الهلال عبدالله الزوري لمدة موسمين وذلك بعد أن انتهت علاقته بناديه، ولاعب وسط الأهلي وليد باخشوين لمدة موسمين، وهي المدة ذاتها التي تم فيها التوقيع مع مدافع الهلال فيصل درويش. لم تنتهِ التعاقدات الوحداوية عند الحارس المصري محمد عواد والرباعي السعودي، إذ زف رئيس النادي حاتم خيمي من سويسرا للوحداويين خبر التعاقد مع لاعب وسط منتخب تركيا وديبورتيفو لاكرونا الأسباني أمري كولاك، وتعتبر هذه الصفقة "ضربة معلم" نظراً لإمكاناته في منتصف الملعب، ومهاراته العالية. بعدها بليلة واحدة فقط، كان الوحداويين على موعد مع التفاؤل بمستقبل ناديهم، عندما أعلن خيمي التوقيع مع لاعب وسط المنتخب الفنزويلي وأتليتكو منييرو البرازيلي روملو أوتيرو، الذي يمتلك قدماً قوية تعرف طريق المرمى من خلال إجادته لعب الكرات الثابتة، وغير ذلك من المميزات التي يتمتع بها. الاستقطابات الوحداوية لن تتوقف وستستمر، ويتوقع أنه حتى إعداد هذا التقرير وطرحه سيوقع الوحداويون مع لاعبين آخرين، فالأنباء تتحدث عن لاعبين غير سعوديين عالمين آخرين، ومثلهم أسماء محلية لم يعلن توقيعها رسمياً، على رأسها ابن النادي المدافع أسامة هوساوي، وعندما نتحدث عن هذه التعاقدات لابد أن نذكر بأن من يقف خلفها هو رئيس هيئة الرياضة معالي المستشار تركي آل الشيخ، الذي وعد الرياضيين عموماً والوحداويين على وجه الخصوص بمشاهدة "فرسان مكة" بثوب مغاير، ليس فقط من الناحية الفنية داخل الملعب، بل حتى جماهيرياً، إذ سيكون ملعب مدينة الملك عبدالعزيز الرياضيةبمكة مختلفاً، وأطلق عليه "ملعب النار". التطورات الكبيرة في الوحدة، والحراك المذهل، لم يتوقف عند ذلك، بل حتى حساب النادي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" شهد خلال اليومين الماضيين نشاطاً غير مسبوق، فالمتابعون الذين لم يتجاوزوا 60 ألف متابع قبل أيام، أصبح عددهم اليوم يتجاوز 180 ألف متابع، وهو رقم مرشح للزيادة، فحتى كتابة التقرير رصدت الإدارة سيارتين لمتابعي الحساب بعد أن طرحت سؤالين يتعلقان بصفقتي كولاك وأوتيرو، ويبدو أنها ستفعل ذلك مع كل اسم عالمي تجلبه في المرحلة المقبلة. لاعب الوحدة السابق سلطان اللحياني تحدث ل"الرياض" عن ناديه وأوضاعه، وقال: "بداية كلمات الشكر تتصاغر في حق معالي المستشار تركي آل الشيخ، ولا تفِ إنصافه وشكره على رسم البسمة والفرح والتطلع لمستقبل مشرق يعيد به فرسان مكة سابق أمجاده وبطولاته، كل محبي الوحدة أسعدهم هذا الاهتمام وهذا الدعم غير المسبوق في تاريخ هذا النادي العريق، ما حصل من تعاقدات محلية وأجنبية مميزة ومدرب عالمي كان حديث الصحف والمواقع العالمية، هذه الصفقات تعطيك تنبؤ بحضور فني فخم يليق بهذا الدعم". وأضاف "الأهم لكل فريق منافس أن يكون العمود الفقري للفريق على أعلى مستوى ويصنع الفارق، بداية بحارس مرمى على أعلى مستوى ويبعث الثقة، ومدافع قائد وخبير وبالتأكيد وجود أسامة هوساوي أفضل وأكمل خيار، واستقطاب مدافع آخر على مستوى عال، ومحور في وسط الملعب له قدرة عالية في افتكاك وقطع الكرات مع مهارة في التمركز والبناء، وصانع لعب مع مهاجمين يصنعون الفارق ويترجمون التفوق الفني، البداية الجيدة تزيد من ثقه الفريق واحترام المنافس، والحرص الشديد على كسب النقاط من بداية الجولات يجعل الفريق يسير بثبات نحو تحقيق الطموحات، دعم أبي ناصر كبير وتاريخي، وسيسجل بمداد من ذهب في تاريخ الوحدة، – وبإذن الله – يكون نتاج ذلك عودة من الباب الكبير للأمجاد السابقة لفرسان مكة". المدرب البرازيلي فابيو كاريلي