سيلعب منتخب السويد في المجموعة السادسة، في نهائيات كأس العالم 2018 المقبلة بروسيا، إلى جانب منتخبات ألمانياوالمكسيك وكوريا الجنوبية، وذلك بعد غياب أكثر من عشرة أعوام عن الوجود في النهائيات المونديالية، فقد كان مونديال ألمانيا صيف 2006م هو آخر ظهور للمنتخب السويدي، ولكن هذا الغياب انقطع في اللحظة التي أعلن منتخب السويد نفسه من ضمن المنتخبات التي ستغادر إلى نهائيات كرة القدم في روسيا الصيف المقبل. السويد، واحدة من الدول الواقعة في الشمال الأوروبي، وتنعم بالكثير من الطبيعة، وهي ثالث أكبر الدول التابعة للاتحاد الأوروبي من حيث المساحة الجغرافية، وسميت بهذا الاسم اشتقاقاً من كلمة إنجليزية تعني القوم السويديون، ويعتبر معنى الكلمة في بعض اللغات، بأنها ملكُ الفرد، وهي كما في اللغة الجرمانية، وأما في مسماه العربي والدراج في لغة العرب، فإنه جاء اشتقاقاً من اللغة الفرنسية. بداية الكرة لم تكن السويد، وهي الدولة الهادئة والمنعزلة عن الضجيج، تعرف كرة القدم على الإطلاق، وإنما كانت دولة يكثر فيها عدد من الرياضات الأخرى، وربما جاء أشهرها لعبة الجمباز، والتي انتشرت بكثرة في المدن السويدية، وأصبحت هي اللعبة الدارجة في البلد الفسيح، ولوجود لعبة الجمباز في السويد أثر إيجابي بالنسبة لكرة القدم التي انتفعت من وجود أندية للجمباز في السويد، فحين وصلت الكرة من إنجلترا وأسكتلندا وكانت هي الملهم الأساس لانتشار اللعبة في السويد، لجأت الكثير من الأندية للاستعانة بمنشآت أندية الجمباز لإنشاء فرقها الكروية، ويؤرخ لبداية الكرة بالعام 1885م في الأراضي السويدية، ويعتبر هذا التاريخ قديماً مقارنة بالكثير من الدول الأوروبية الأخرى، التي عرفت كرة القدم بعد ذلك بسنوات. النادي الأول كان نشوء كرة القدم في الأراضي السويدية، مستلزماً إنشاء أندية رياضية، تكون هي المرجع الرسمي لفرق كرة القدم، فجاءت عملية تأسيس الأندية سريعاً بعد وصول الساحرة المستديرة للسويد، ففي العام 1891م تأسس فريق آيك ستوكهولم والذي استنسخ اسمه من اسم المدينة التي اتخذها مقراً له، وهي مدينة ستوكهولم عاصمة السويد والمركز الاقتصادي للدولة، وتأسس فريق مالمو الذي يعتبر واحداً من أشهر أندية السويد، في العام 1910م حيث جاء كمبادرة اجتماعية قامت بها بلدية مدينة مالمو، بهدف تحفيز الشبان على الحركة وممارسة كرة القدم، وتحولت هذه المبادرة فيما بعد إلى أحد الأندية العملاقة في كرة القدم الأوروبية، وكذلك شهدت الحركة التأسيسية لأندية السويد، ولادة فريق جوتنبيرغ وذلك في العام 1904م وهو ثالث أندية السويد تأسيساً في المرحلة التاريخية للكرة السويدية، وحصد العديد من الألقاب المحلية، واستطاع أوروبياً أن يحقق لقب كأس الاتحاد الأوروبي للعام 1982م والعام 1987م. الدوري المحلي نشوء الأندية السويدية، كان محفزاً لإقامة دوري رسمي، يحتضن الأندية المتنافسة على لقب الدوري، ويمنح لكرة القدم السويدية قالب الرسمية، وفي العام 1924م أعلن اتحاد كرة القدم السويدي عن تأسيس الدوري المحلي، وانطلق بوجود 12 فريقاً في دوري وحيد فقط، ويعتبر تاريخ تأسيس الدوري المحلي متأخراً كثيراً عن إنشاء الأندية الكروية في السويد، والتي ظلت تمارس كرة القدم بعيداً عن الإطار الرسمي لسنوات طويلة، وشهد الدوري السويدي مراحل تطورية منذ إنشائه، ففي العام 1973م تم توسيعه ليشمل 14 فريقاً يتنافسون على تحقيق لقب الدوري المحلي في ختام الموسم، ويعتبر فريق مالمو هو أكثر الفرق تحقيقاً للقب الدوري السويدي حيث توج بطلاً للدوري 20 مرة، ويأتي فريق جوتنبيرغ في المركز الثاني محققاً 18 لقباً، ويعتبر فريق أورجريته ثالث فرق السويد تحقيقاً للقب الدوري، وذلك بواقع 14 مرة توج بطلاً للدوري. منتخب وطني ابتدأت عملية تأسيس وإنشاء منتخب وطني للسويد، وذلك في الأعوام الأولى لوصول كرة القدم إليها، وأصبح منتخب السويد واقعاً على ملاعب كرة القدم، وفي العام 1908م لعب المنتخب السويدي مباراته الأولى وذلك ضد النرويج، وحققت انتصاراً ساحقاً قوامه 11 / 3 ، لكن هذا النصر الساحق أعقبه عام كامل من الهزائم الدولية، حيث لعبت السويد أمام منتخبات إنجلترا وهولندا مرتين وبريطانيا وبلجيكا، ولم يستطع لاعبو منتخب السويد أن يكسبوا أي مباراة من هذه المباريات الخمس، التي لعبوها في العام الأول على تأسيس المنتخب الوطني، وكانت سلسلة الهزائم المتوالية محبطة للجماهير السويدية، وهي ترى منتخبها يكمل عاماً كاملاً من الهزائم والانكسارات. ظهور أول في نهائيات كأس العالم 1938م، كان موعداً ثانياً لظهور لمنتخب السويد في كؤوس العالم، ولحسن حظها فقد انسحب منتخب النمسا من مواجهتها في الدور الأول من البطولة، لتتأهل مباشرة إلى ربع النهائي، وكان موعدها الجديد أمام منتخب كوبا، واستطاع السويد أن يتجاوز المنتخب الكوبي بفوز ساحق بنتيجة 8 / 0، ويطير لأول مرة إلى نصف نهائي كأس العالم، كاسراً بهذا التأهل حاجز الرهبة والخوف من المشاركة الثانية في بطولات كأس العالم، ولعب منتخب السويد في نصف النهائي أمام منتخب المجر، وجماهيره من خلفه تتأمل وتترقب أن يعبر الفريق المحك الأخير ليصل إلى نهائي كأس العالم، لكن هذه الآمال تبددت بفوز ساحق لمنتخب المجر بنتيجة 5 / 1، لتنتهي مشاركة السويد الثانية بتحقيق المقعد الرابع، وذلك بعد الخسارة أمام البرازيل في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، وأما ظهور السويد الأول في كؤوس العالم، فقد كان في نهائيات كأس العالم 1934م والتي أقيمت في إيطاليا، ورغم أن السويد حقق مفاجأة البطولة بفوزه على الأرجنتين، إلا أن مسيرته انتهت على يد منتخب ألمانيا في دور ربع النهائي. حضور مستمر استمر منتخب السويد في حضوره بنهائيات كأس العالم، وذلك بعد أن انقضت الحرب العالمية الثانية، وعادت الحياة الكروية مجدداً واستأنفت كؤوس العالم منافساتها، فقد وُجد منتخب السويد في نهائيات كأس العالم للعام 1950م التي احتضنتها دولة البرازيل، ولعبت السويد إلى جانب إيطاليا والباراغواي والهند التي انسحبت من البطولة، وتأهلت السويد عن المجموعة كمركز أول، وفي الأدوار النهائية قدمت أداءً مميزاً احتلت بفضله المركز الثالث، وهو الإنجاز الفريد الذي حققه المنتخب السويدي في كؤوس العالم، طوال مشاركاته السابقة، وبعد غياب عن كؤوس العالم، جاء مونديال العام 1970 والذي أقيم في المكسيك ليشهد من جديد، عودة منتخب السويد إلى الوجود في نهائيات كأس العالم، لكن حضور السويد كان مخيباً للآمال، فقد توقفت مسيرته عند دور المجموعات، وهو ما لم يحدث في نهائيات كأس العالم للعام 1974م فقد تجاوز منتخب السويد دور المجموعات، لكنه فشل في التأهل من الدور الثاني ليغادر كأس العالم. مشاركة باهتة على الرغم من أن منتخب السويد استطاع أن يستكمل حضوره ووجوده في نهائيات كأس العالم، إلا أن هذا الحضور والوجود في تلك الأعوام، كان حضوراً باهتاً وشرفياً، فقد توقفت مشاركة منتخب السويد في نهائيات كأس العالم 1978 على دور المجموعات، ولم يختلف الأمر كثيراً ففي كأس العالم العام 1990م عاد منتخب السويد من جديد إلى الوجود في كؤوس العالم، لكن وجوده كان استكمالاً لخيبة الأمل التي قدمها في النهائيات الأخيرة له، حيث توقفت مسيرة السويد عند دور المجموعات. ثورة كروية الأداء الباهت الذي قدمه منتخب السويد في نسخ كؤوس العالم السابقة، أعقبه ثورة فنية قادت منتخب السويد إلى تقديم نتائج مميزة في مشاركاته في كؤوس العالم، ففي نهائيات كأس العالم للعام 1994م، والتي أقيمت في الولاياتالمتحدة الأميركية، استطاع منتخب السويد أن يكسر حاجز دور المجموعات ويعبر إلى الدور الثاني، وفي دور ال16 التقى مع المنتخب الوطني السعودي واستطاع أن يهزم الصقور الأخضر 3 / 1 ليتأهل إلى دور ربع النهائي، وتغلب في هذا الدور على منتخب رومانيا بعد مباراة ماراثونية انتهت بركلات الترجيح، وفي نصف النهائي كان موعده أمام منتخب البرازيل، ورغم الفوارق الفنية بين المنتخبين إلا أن منتخب السويد، استطاع أن يتماسك أمام المنتخب البرازيلي، وخسر بصعوبة بالغة 1 / 0، وأمام منتخب بلغاريا تمكن من تحقيق المركز الثالث بعد أن تغلب عليه في مباراة تحديد المركز الرابع والثالث بنتيجة 4 / 0. فاعلية حضور استمر منتخب السويد في حضوره المميز، فلم يعد ذاك المنتخب الهزيل الذي يحضر ضيف شرف في كؤوس العالم، فقد أظهر وجهاً آخر تمكن من خلاله أن ينافس المنتخبات العالمية، ففي نهائيات كأس العالم للعام 2002م، لم يكن منتخب السويد مرشحاً حتى لتجاوز دور المجموعات، باعتبار وجود منتخبا إنجلترا والأرجنتين إلى جانبه، وهما الأكثر منه خبرة والأقوى فنياً، لكن السويد استطاع أن يحقق مفاجأة العبور إلى الدور الثاني بصدارة المجموعة، ويقصي منتخب الأرجنتين لأول مرة من دور المجموعات، لكن هذه المغامرة انتهت على يد السنغال في دور ال16، وفي نهائيات كأس العالم في ألمانيا صيف 2006م، عبر منتخب السويد من دور المجموعات بوصافة المجموعة، وخسر مبكراً في دور ال16 أمام منتخب ألمانيا 2 / 0 ليغادر نهائيات كأس العالم ويغلق صفحة وجوده في كؤوس العالم. خيبة أمل للسلطان في صفوف منتخب السويد يبرز المهاجم الشهير زلاتان إبراهيموفيتش، كواحد من أبرز النجوم الذين قدمتهم كرة القدم السويدية، ورغم شهرته الواسعة وأدائه المميز في الأندية التي احترف فيها كرة القدم، إلا أن ت وجوده بقميص منتخب السويد لم يثمر عن تحقيق أي بطولة لبلاده، وفي ذروة عطاءاته الفنية وظهوره المميز مع الأندية الأوروبية، غاب منتخب السويد عن الظهور في نهائيات كأس العالم صيف 2010م، وكرر الغياب عن مونديال البرازيل في العام 2014م، الأمر الذي حرم بسببه إبراهيموفيتش من الوجود في كؤوس العالم وهو في قمة عطاءاته الكروية، وبمجرد أن تأهلت السويد أخيراً إلى نهائيات كأس العالم في روسيا، تنفس الهداف التاريخي لمنتخب السويد الصعداء، وأنه سيجد فرصة للظهور في كؤوس العالم للمرة الثالثة، حتى وإن كان هذا الظهور جاء متأخراً وقد بلغ عامه السابع والثلاثين، إلا أن طموحات إبراهيموفيتش كانت كبيرة في تحقيق إنجاز جديد لرياضة بلاده قبل تعليق حذائه وإعلان اعتزاله كرة القدم نهائياً، كل هذه الطموحات والآمال انتهت بقرار فني حُرم معه سلطان الكرة السويدية، من الوجود في موسكو الصيف المقبل، حيث خلت القائمة المستدعاة للمشاركة في مونديال روسيا من اسمه. فرحة سويدية وسط حسرة إيطاليا في مباراة الملحق منتخب السويد حقق مفاجأة التأهل لمونديال روسيا على حساب إيطاليا إبراهيموفيتش الغائب الأكبر منتخب السويد في ظهوره الأول 1908