اعتمد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية (برنامج تطوير القطاع المالي 2020)، أحد برامج تحقيق (رؤية المملكة 2030)، والذي يسعى إلى تطوير القطاع المالي ليكون قطاعًا ماليًا متنوعًا وفاعلًا لدعم تنمية الاقتصاد الوطني، وتحفيز الادخار والتمويل والاستثمار، وزيادة كفاءة القطاع المالي بما يعزز من كفاءته لمواجهة ومعالجة التحديات التي تواجه القطاع المالي في المملكة. ومن منطلق ارتباط برنامج تطوير القطاع المالي يرتبط بالأهداف الاستراتيجية ل(رؤية المملكة 2030)، التي وضعت ازدهار اقتصاد المملكة من أولوياتها، لتصل إلى وطنٍ طموح عبر تنمية وتنويع الاقتصاد والتوسع في الاستثمار في قطاعات جديدة، ودعم القطاعات الواعدة، وجذب مختلف الاستثمارات على مستوى العالم؛ فقد اعتمد البرنامج على ثلاث ركائز رئيسية، هي تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وتطوير سوق مالية متقدمة، وتعزيز وتمكين التخطيط المالي. وسيطرح البرنامج مجموعة من المبادرات الساعية إلى تحقيق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، حيث تم تصميم المبادرات وفق دراسة تحليلية لمتطلبات البرنامج، مع الأخذ في عين الاعتبار أفضل الممارسات العالمية، لتوفير مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات تضمن الوصول إلى نظام مالي يكفل للجميع الاستفادة منه، ويقوم على درجة عالية من الرقمنة، مع ضمان الحفاظ على سلامة الاستقرار المالي في المملكة. وسيعمل البرنامج من خلال ركيزته الأولى "تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص" على العديد من المبادرات المرتبطة بمستهدفات الرؤية، مثل الترخيص لجهات فاعلة جديدة من مقدمي الخدمات المالية، وتحفيز القطاع المالي على تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتوجه نحو تحفيز الدفع عن طريق التقنية بدلاً من النقد، وسيتم تحقيق هذه المبادرات عبر مجموعة من التدابير، منها القيام بالتعديلات القانونية والتنظيمية اللازمة، وتعزيز تطبيق نظام التأمين الإلزامي للمركبات والتأمين الصحي، وكذلك تشجيع قطاع التأمين للنظر في خيارات الاندماج والاستحواذ ما يساهم في تعميق قطاع التأمين وزيادة كفاءته. ويسعى البرنامج من خلال الركيزة الثانية "تطوير سوق مالية متقدمة"، إلى رفع جاذبية السوق المالية السعودية أمام المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب عن طريق عدد من المبادرات التي من شأنها تنويع المنتجات الاستثمارية وتطوير الجوانب التشريعية، وكذلك سيدعم البرنامج جهود تخصيص بعض الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية وبعض المرافق المملوكة للدولة، وذلك من خلال الاكتتاب العام الأولي والذي سيساهم في تعميق السوق المالية، وزيادة القاعدة الاستثمارية، بالإضافة إلى الفوائد المتحققة من عملية التخصيص في السياق المعتاد، ومنها رفع مستوى الخدمات وكفاءة الإنفاق، كما تشمل مبادرات البرنامج تطوير عدد من الجوانب التنظيمية التي تسهم في تعميق سوق أدوات الدين بما يساهم في زيادة عمقها. ويشجع البرنامج من خلال الركيزة الثالثة "تعزيز وتمكين التخطيط المالي" على جانبي الطلب والعرض لتحسين منظومة الادخار في المملكة، حيث سيركز البرنامج على إيجاد حوافز لتوفير شبكة متنوعة من المنتجات والبرامج الادخارية الجذابة والآمنة، بالإضافة إلى زيادة الوعي والثقافة المالية والتخطيط المالي، وبالتالي تشجيع البنوك على طرح منتجات ادخارية متنوعة لعدد أكبر من عملائها. وستكون بعض المنتجات الادخارية المخطط لطرحها مدعومة من الحكومة، ما يسهم في تحقيق أهداف المواطنين على المدى البعيد، مثل المصاريف المستقبلية لأبنائهم، وتأمين دخل تقاعدي إضافي، وتملك المسكن بتكلفة مناسبة. وينسجم البرنامج وأهداف (رؤية المملكة 2030) فيما يتعلق برفع نسبة ادخار الأسر من إجمالي الدخل إلى 10 % مما يسهم في مساعدة المواطنين على رفع نسبة الادخار من إجمالي الدخل، واستثمار المدخرات بطريقة آمنة، وينتج عن ذلك تأمين دخل إضافي. وكذلك يطمح البرنامج بحلول العام 2020 إلى زيادة إجمالي حجم الأصول المالية في المملكة لتكون بنسبة 201 % إلى الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة عدد من لديهم حسابات مصرفية من البالغين من 74 % إلى 80 %، وزيادة نسبة قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى 5 % من إجمالي القروض، وتوليد المزيد من الوظائف العالية الأجر في القطاع المالي. واعتمد المجلس البرنامج الذي يعد أحد البرامج الاثني عشر التي أعلن عنها المجلس لمواكبة مستهدفات رؤية المملكة 2030. وأكد وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان في كلمته خلال مشاركته بملتقى تطوير القطاع المالي الذي عُقد أمس، أن البرنامج يهدف إلى تنمية القطاع المالي وتعزيز فاعليته بما يدعم نمو الاقتصاد الوطني، بحيث يسهم في مضاعفة حجم القطاع المالي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 280 %، من خلال بناء قطاع مالي عميق، ومتنوع، ورقمي، ومستقر، يعتمد على تطوير قطاع مصرفي متنوع قادر على استقطاب شركات التقنية المالية، ودمج ثقافة الادخار المدفوعة بالمعدلات الرائدة إقليمياً في مجال الثقافة المالية. وخلال الملتقى الذي حضره كل من محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي د. أحمد بن عبدالكريم الخليفي، ورئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد بن عبدالله القويز، ونائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي عبدالعزيز الفريح، وجمع من كبار التنفيذيين والخبراء والمختصين في القطاع المالي؛ قال الجدعان "يرتكز برنامج تطوير القطاع المالي إلى ثلاث ركائز رئيسة، أولها ترتبط بتمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وثانيها تستهدف تطوير سوق مالية متقدمة، فيما تتمحور الركيزة الثالثة عن تعزيز تمكين التخطيط المالي، ونهدف من خلال هذه الركائز الثلاث الرئيسة للبرنامج إلى معالجة تدني مستوى التغطية الشاملة للخدمات المالية، وزيادة إجمالي حجم الأصول المالية إلى الناتج المحلي الإجمالي لتبلغ 201 % بحلول العام 2020م، ورفع مستوى الشمول المالي، وخلق ثقافة إدخار راسخة، وتوليد وظائف جديدة في القطاع المالي، إضافة إلى دعم عملية التحول الرقمي في القطاع المالي، وسيتم ذلك من خلال 42 مبادرة منبثقة عن البرنامج تستهدف قطاع المؤسسات المالية، والقطاع الخاص، والأفراد". من جهته، قال محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي د. أحمد الخليفي "حدد برنامج تطوير القطاع المالي مجموعة شاملة ومتكاملة من المبادرات المبنية حول الركائز الإستراتيجية الثلاث، بما في ذلك بعض المبادرات ذات مكاسب سريعة يمكن تحقيقها بحلول نهاية العام الحالي 2018م، وفيما يخص مبادرات مؤسسة النقد تحديداً، فمعظمها يدخل تحت الركيزة الأولى للبرنامج، التي تتمحور حول (تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص)، لهدف تعزيز عمق واتساع خدمات التمويل، والتوسع في دعم وتطوير البنية التحتية، وتطوير قطاع تأمين مزدهر لإدارة المخاطر المالية، إضافة إلى تعزيز قدرات ذوي الكفاءات". وأفاد الخليفي بأن البرنامج سيكون له أثر مهم على كل من المؤسسات المالية والقطاع الخاص والمواطنين، تتمثل في زيادة مستوى الشفافية في المنظومة المالية، وتيسير تقديم القروض من خلال المؤسسات المالية، وزيادة حصة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البنوك من 2 % حالياً إلى 5 %، ورفع حصة الرهون العقارية في التمويل المصرفي إلى 16 %، فضلاً عن زيادة عمق سوق التأمين وإجمالي الأقساط المكتتبة إلى 2.9 % في العام 2020م، وزيادة نسبة التأمين الإلزامي لكل من التأمين على المركبات والتأمين الصحي إلى 75 % و45 % في العام 2020م. من جانبه، قال رئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد القويز "نسعى من خلال برنامج تطوير القطاع المالي إلى تعزيز السوق المالية لتصبح من أهم الأسواق عالمية، من خلال تعزيز إمكانية وفرص وصول المستثمرين الأجانب إلى السوق المحلية، وزيادة حصة أصول أسواق رأس المال، وسيتم ذلك عبر عدة وسائل، منها تسهيل فتح حساب للمستثمر الأجنبي، وإقامة روابط مشتركة مع أسواق مختارة عالمية متقدمة، وتوسيع عروض المنتجات، وتوفير مزيد من المرونة للمستثمرين في إدارة المخاطر والعوائد، إضافة إلى توفير فرصاً استثمارية جذابة للمستثمرين"، مؤكداً أن تعميق أسواق رأس المال سيؤدي إلى ارتفاع حجم السيولة المتدولة في السوق المالية. بدوره، أوضح نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي عبدالعزيز الفريح أن الركيزة الرئيسة الثالثة ل(برنامج "تطوير القطاع المالي)، والمتمثلة في "تعزيز وتمكين التخطيط المالي الخاص" جاءت تماشياً مع مرئيات الإستراتيجية الوطنية للادخار التي تتمثل رؤيتها في زيادة مدخرات الأسر في السعودية من 6 % إلى 10 % بحلول العام 2030م من خلال تحفيز جانبي الطلب والعرض في هذا الجانب. ولفت الفريح إلى أن من أهم المبادرات المنضوية تحت البرنامج هي دعم ثقافة الادخار، وإنشاء كيان وطني مستقل للادخار مهمته تقديم منتجات ادخارية للأفراد مدعومة من الحكومة -مثل صكوك الادخار- لتوليد المنافسة على الودائع الادخارية مع القطاع الخاص وتوسيع دائرة المنتجات الادخارية وتعزيز الثقة بها وتيسير الوصول إليها، والعمل من جهة أخرى على تغيير السلوك الاجتماعي وغرس ثقافة الادخار، من خلال مناهج التعليم وبرامج التوعية للوصول إلى مرتبة رائدة إقليميًا في مجال التثقيف والوعي المالي. وأفاد الفريح بأن برنامج تطوير القطاع المالي سيوفر للمواطنين منتجات إدخارية مدعومة من الحكومة ذات عوائد مجزية تضمن لهم العديد من الميزات على المدى البعيد، منها الحصول على دخل تقاعدي إضافي، والقدرة على تملّك مسكن بتكلفة مناسبة وتغطية مصاريف الخدمات التعليمية لأبنائهم. وشهد الملتقى الذي تم تنظيمه للتعريف بالبرنامج حضور أكثر من 400 مشارك من كبار المسؤولين الحكوميين، وكبار التنفيذيين في البنوك، وشركات التمويل والاستثمار، إضافة إلى شركات التأمين، بصفتهم جهات معنية بالبرنامج، حيث شهد الملتقى شرحاً عن البرنامج ومبادراته من قبل الجهات المشاركة وهي وزارة المالية، مؤسسة النقد العربي السعودي، هيئة سوق المالية، لهدف تعزيز التفاعل مع البرنامج وتطوير الشراكات مع الجهات المستهدفة لإنجاحه وضمان تحقيق أكبر فهم لمبادرات البرنامج من قبل الجهات ذات العلاقة كافة.