أعاد السعوديون صحراء الدهناء أو الصياهد الجنوبية التي كانت إحدى مناطق تجمع الطرق التجارية من شرق الجزيرة العربية إلى غربها والعكس، مجدداً لواجهة الحياة السياحية عبر أضخم تجمع رياضي بري، في مهرجان الملك عبد العزيز للإبل المزمع إقامته بعد سبعة أيام، لقربها من العاصمة الرياض "140 كلم إلى الشمال الشرقي" ولاستواء أرضها ،وصلاحيتها لمهرجان الإبل، وباتت إحداثيات الموقع "46.1586581،25.3191002" ضمن المواقع المنتعشة سياحياً حيث بدأ توزيع المخيمات ومحلات شارع الدهناء التجاري كخطوة أولى وتأسيسية لمقر انطلاق المهرجان المنتظر وحتى نهاية الثلث الثاني من شهر يناير المقبل، كما ستنتقل إدارة المهرجان ولجانها السبعة عشر إلى موقع المهرجان الأسبوع المقبل، لتدب حياة جديدة من نوع جديد في المنطقة هذا العام وكل عام. وتتجدد المنطقة بلباس تلتقي فيه روح التراث ومفردات الحضارة لتكون وجهة سياحية واقتصادية وترفيهية منتعشة بعد تدشين موقع متكامل دائم مرتبط بالمهرجان الموسمي الذي يحظى بحضور الآلاف من السعوديين خصوصاً والخليجيين والعرب والسياح عموماً، ويتميز هذا الموقع بعمق تاريخي وبدلالة وطنية حيث كانت جيوش الملك عبدالعزيز تجتمع فيه للانطلاق لتوحيد البلاد، كما كان محطة لقوافل الحج والتجارة من الشرق إلى الغرب والعكس، ويطلق على الشريط الرملي الممتد من النفود إلى الشرق من نجد على هيئة قوس والمتجه إلى رمال الربع الخالي اسم الدهناء أو النفود الصغير وهي ثالث أكبر تكوين رملي بحسب تقرير صادر عن وزارة البيئة والمياه والزراعة، ذكرت فيه أن الصحاري تشكل ثلث مساحة المملكة العربية السعودية وتشمل الربع الخالي والنفود الكبير والدهناء، ويغلب على صحراء الدهناء اللون الأحمر، نظراً لاحتوائها على أكسيد الحديد وتندمج بالرمال الحمراء أودية كبيرة، تتشكل منها بعد هطول الأمطار تجمعات مائية تتحول مع مرور أيام إلى روضات غنّاء كروضة التنهات وروضة خريم. وتحتل الرمال حيّزاً واسعاً في ذاكرة السعوديين، ومع دخول موسم الشتاء تصبح المناطق الصحراوية مقصداً للرحلات البرية، يعزز ذلك صفاء السماء، وضوء النار، وقرع فناجين القهوة العربية، ومن المتوقع أن تكون منطقة المهرجان مكتظة بالمخيمين من زوار المهرجان، وقبل أن يقف زوار مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل وعشاق السياحة البرية وتجار الإبل في الدهناء، وقف قبلهم الشعراء عند تلك البقاع فأعطوها بعداً ثقافياً في الخيال العربي وأمدّوها بتوهج في الذاكرة والوجدان فتكرر اسمها في قصائدهم الجزلة، وأصبحت مضرباً للأمثلة، قالت العرب: "إذا أخصبت الدهناء أخصب العرب" لسعتها وكثرة شجرها، وعرّف بها المعجمي ياقوت الحموي: "هي سبعة أجبل من الرمال في عرضها، بين كل جبلين شقيقة …" من سكنها لا يعرف الحمّى لطيب ترابها وهوائها"، وتحولت الصحراء في المملكة العربية السعودية اليوم إلى مصدر اقتصادي مهم، حيث تنشط تجارة اللوازم البرية ويرتفع الطلب على أدوات التخييم في الصحراء، فبحسب تقديرات الاقتصاديين ارتفع حجم مبيعات مستلزمات الرحلات في السعودية من 200 مليون ريال إلى نحو ملياري ريال، منذ بدء القطاع قبل عشر سنوات، بينما بلغ حجم نمو القطاع 20% وتجاوزت الجهات المستثمرة فيه أكثر من 400 جهة. وستكون الصياهد الجنوبية للدهناء الموقع الدائم لفعاليات مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل السبعة وعلى رأسها جائزة الملك عبدالعزيز لمزايين الإبل التي يستعد لها أبطالها وروادها من ملاك الإبل موسماً كاملاً، وبلا شك ستكون محط أنظار عشاق الإبل والسياحة البرية من داخل المملكة والدول المجاورة.