خيب القدر آمال الانتحاري في تفجير مسجد قوات الطوارئ بعسير. فالهدف الخبيث كان إصابة أكثر من ألف مصل أثناء تأديتهم صلاة الظهر، كما يجري يوميا في المسجد بحسب إمام المسجد العريف عبدالله الشهراني الذي أكد أن صلاة الظهر تحديدا في أوقات الدورات التدريبية، يؤديها أكثر من ألف مصل على دفعتين، تؤدي الدفعة الأولى الصلاة، ويبقى عدد كبير منهم خارج المسجد ينتظرون للصلاة في دفعة ثانية. وكان الانتحاري يعلم سلفا أنهم سيؤدون صلاة الظهر في المسجد يوم الخميس بالأعداد التي توقعها، وحدث ما لم يكن في حسبانه، بحصول استثناء حيث خرج المتدربون في إجازتهم الأسبوعية قبل صلاة الظهر بوقت يسير. وفي العرف العسكري يتم ما يسمى ب»التكميل» قبيل الصلاة، حيث يقف المتدربون صفا للتأكد من وجودهم مكتملين ثم ينصرفون للمسجد. ويلي الصلاة تكميل ثان لتفقد جميع العساكر بعد الفراغ من الصلاة. ويتضح من ذلك أنه كان يريد استهداف أكبر عدد ممكن، مما يطرح تساؤلا، لماذا تأخر في التفجير للركعة الثالثة؟ أبرز المعطيات تشير لاختلاف هيئة منفذ العملية عن هيئة الطلبة المتدربين، خاصة «قصة الشعر»، فالمتدربون يحلقون رؤوسهم تماما، في حين تشير المعلومات إلى أن المنتحر كان طويل الشعر على غير عادة المتدربين. والأمر الثاني .. صفاء بشرته وعدم ظهور الاسمرار عليه أو التعب، على عكس حال بقية المتدربين. والأمر الأهم حالة الارتباك التي كان عليها فور دخوله المسجد، ووفقا لشهود العيان من مصلي الظهر ذلك اليوم، فإنه حمل مصحفا ولم يفتحه، وأعاده مجددا لمكانه، ثم حاول الدخول في منتصف الصف وحيل بينه وبين ذلك، فاتجه إلى الجانب الأيمن من المسجد. فيما تردد أنه تشتت ذهنه عندما رأى أن المسجد لم يمتلئ بالمصلين، خاصة وأن العدد لم يتجاوز ال 200 مصل. فيما أكد إمام المسجد أنه لم يسمع سوى صوت الانفجار، ولم يراه قبيل إقامة الصلاة، ولم ينطق بعض الألفاظ التي عادة ما تصاحب لحظات التفجير مثل النطق بالشهادة، أو ترديد بعض الكلمات، وهو ما قد يؤيد الاحتمال الثالث بأن التفجير حدث من الخارج. واستبعد مصدر مختص نيته إلغاء العملية، لأن إقدامه على ذلك سيعرضه للخطر، وقد يقبض عليه في المعسكر، وهنا تكون الضربة موجعة له ولمن خلفه.