يقول ابن القيم رحمه الله «متى خلصت الأبدان من الحرام، ومن أدناس البشرية التي ينهى عنها العقل والدين والمروءة، وطهرت الأنفس من علائق الدنيا، زكت أرض الخُلُق فقبلت بذور العلم والمعرفة." إذا أردنا معرفة مستقبل أُمه ننظر إلى أخلاقها وقيمها ..فلا تتقدم الدول ولا تحتل مكانة متميزة لها بين الأمم إلا إذا تمتعت شعوبها بالأخلاق الكريمة. لكن المشكلة التي ظهرت جلياً في مجتمعاتنا بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي ،هي أننا مجتمع أحادي التفكير لانقبل اختلاف الآراء. وبدلاً من قبول تعددية الآراء والاتجاهات يعتبر البعض أي مخالفة لرأيه وتوجهه هو إساءة لشخصه و له تحديداً ، فيبدأ سجال يفقد البعض توازنه ينتهي عادة بالسب والشتم وبألفاظ لا تليق بنا كمجتمع مسلم ركز في مبادئه على حسن الخلق . ولم يقتصر الموضوع على الهجوم والإساءة عند اختلاف الآراء بل تجاوز ذلك بقيام البعض باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي من أجل توجيه الإساءات الشخصية و"التشهير" لتشويه سمعة الأفراد، أو نشر أكاذيب بما يضرهم. ولكننا نتوقع أن هذه الظواهر لن تطول، فمع مرور الوقت سنستطيع بإذن الله معالجة أنفسنا ذاتياً وسيتحسن لدينا أسلوب الحوار مع الآخرين سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو في الواقع الذي نعيشه دون أن يكون هناك حاجة للمطالبة بقوانين وعقوبات، فالأخلاق المتأصلة في النفس هي وحدها الكفيلة بدفع الناس إلى الالتزام بالفضيلة وترك الرذيلة، لأن الأخلاق والمبادئ والقيم يحملها المرء معه أنّى ذهب، وهي التي توجه سلوكه، وتضبط حركته، لذا كانت المجتمعات الفاضلة الحقيقية هي التي تقوم على الأخلاق قبل أن تقوم على القانون. وفاء الخالد