شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأعوام الخمسة الماضية زيادة ملحوظة في معدل استخدامها وفي عدد مستخدميها أيضا ، لن نتحدث اليوم عن النسب والإحصاءات ، ولا عن مجالات استخدام هذه الشبكات محلياً وعالمياً بين فئة الشباب . لكن سنتطرق لزاويةٍ هامةٍ ( مستترة ) من زوايا الموضوع وهي " كيف يمكن للآباء السماح لفتياتهم باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي ؟! " فبين مطرقة المجتمع المحافظ والحريص جدا على فتياته لدرجة تصل إلى التفكير واتخاذ القرارات نيابة عنهن ، وسندان الانفتاح والحرية العالمية ، تقف الفتاة لدينا حائرة بين إرضاء ذويها ومجتمعها الحساس جداً من أي ظهور لها في المجتمع الواقعي والافتراضي على حد سواء ، وبين رغبتها العارمة بالحرية الفكرية والاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي سواءً كمستقبلةٍ ومواكبةٍ لجديد المعرفة والأخبار العالمية وما يخصها كأنثى من مواضيع خاصة بالفتيات واهتماماتهن أو كمرسلةٍ لأفكارها ومشاركةٍ بآرائها في ما تقف عليه من مواضيعٍ وأفكارٍ تهمّها في هذه الشبكات . لا يُلام أولياء الأمور في خوفهم وحرصهم على فتياتهم وفلذات أكبادهم ، فالأب الذي أفنى عمره رعاية واهتماما وتربية وبذلاً لتكون هذه الفتاة خير من يحمل اسمه ، ولتكون خير زوجةٍ ومربيةٍ لأبنائها ،لايمكن أن يرضى بمجرد التفكير بأن يترك هذه الجوهرة تصارع أمواج الحرية العاتية وهي التي لا تُجِيدُ التعامل مع الغرباء في أضيق الأُطُر ، فضلاً عن شبكاتٍ مفتوحةٍ يتواجد فيها الصالح والطالح . إذاً ما الحل ؟ هل يُعد هذا الخوف الحاني مبرراً لإقصاء الفتاة من هذه الحياة الافتراضية ؟ وهل نستطيع أن نُصدّقَ أنّ الفتاة ستُذعِنُ لرغبة ولي أمرها وهي التي تستطيع أن تفتح أكثر من موقع الكتروني في هاتفها الخاص وهي بجانبه دون أن يعلم ؟؟!! أعتقد أن منهجية المنع والحظر لم تعد تجدي نفعاً ولا فاعليةً في هذه الأيام ، وعلينا أن نُذعن لهذا الأمر ونسعى لإيجاد حلولٍ مرضيةٍ لجميع الأطراف ، بدلاً من أن ندفن رؤوسنا في الرمال وكأننا لانعلم ! من أهم الوسائل التي أعتقد أنها ستكون عوناً في ضمان حماية الفتاة –بإذن الله - وإعطائها مساحتها في استخدام هذه المواقع الالكترونية : - أن يكون الأبوان قدوة لها في التحلي بالأخلاق الفاضلة والقيم الإسلامية العظيمة - الحرص على تعليم الفتيات التفكير بطريقة علمية سليمة والنظر للمواضيع بعقلانية ومن زوايا متعددة . - إشباع حاجاتها العاطفية و الثناء عليها وتعزيز ثقتها بنفسها حتى لاتكون فريسة لأي مدّعٍ للمثالية والعاطفة فتضعف أمامه . - مراعاة التغيرات الفسيولوجية والسيكولوجية لها في مراحل عمرها المختلفة والتعامل معها وفق ذلك . - الحرص على الالتزام بأخلاقيات الحوار في المنزل فسينعكس بكل جوانبه على الحوار في هذه المواقع . - توجيهها وتوعيتها بكيفية التعامل مع هذا العالم الافتراضي ، خُلقاً وحذراً وإدراكاً لأبعاده . نسأل الله أن يحمي فتياتنا من كل أذى ومكروه ، وأن يجزي والدينا عنّا خير الجزاء .. هيفاء ال خالد .. طالبة ماجستير ادارة وتخطيط تربوي .. جامعة تبوك