الكارثة المتنامية قرأنا قبل فترة ذلك الإعلان الصادر عن وزارة الداخلية، والذي تضمن القبض على (475) مهرباً ومروجاً للمخدرات، وجدت معهم كميات كبيرة ؛ تقدر قيمتها السوقية بما يقارب الملياري ريال. وهو إعلان مفجع لنا، ومؤشر خطير عن حالنا ووضعنا، فبالرغم من الجهود المتواصلة في مكافحة المخدرات، إلا أن هناك أيادٍ خبيثة؛ لا زالت تصارع في بيع الدمار لهذه الديار ، ومع الأسف الشديد؛ فالمكسب الذي ينشدونه مضمون، والطلب عليها من السفهاء قائم وموجود، لو لم يكن بيننا متعاطين لهذا الوباء ؛ لما وجد لدينا مهربين ، ولامروجين. وفي قراءة للإحصائيات السنوية المتعلقة بقضايا المخدرات والمتعاطين لها؛ نجد أن هناك تزايد مضطرد، وتصاعد خطير في الكميات والأعداد، حيث تتضاعف في كل عام عن العام الذي يسبقه، وهذا يتطلب منا مراجعة شاملة ودقيقة لآليات المكافحة، وبرامج الوقاية. وفي رأيي أن هناك جوانب قاصرة، وثغرات ناقصة في آليات التطبيق، ووسائل التنفيذ؛ فعلى سبيل المثال: المؤسسات الأمنية تعالج السلوك المنحرف فقط؛ ولا تهتم بمعالجة الدوافع والمسببات التي تقف وراء ارتكاب جريمة التعاطي، أو الترويج، فلماذا لا نخصص لها وحدات نفسية، ومراكز اجتماعية؛ تهتم بمعالجة العوامل المؤدية إلى المخدرات؟! ، خصوصاً أن لدينا الكثير من البحوث النفسية ، والدراسات الاجتماعية؛ التي تناولت أبعاد هذه المشكلة في المملكة، والتي تمتلئ بالتوصيات الثمينة، والبرامج النفيسة والمهمة في الوقاية والمعالجة من هذه الكارثة، والتي فيما أعلم لا يؤخذ بها، ولا يستفاد منها، بل هي حبيسة الرفوف في المكتبات. من جهة أخرى؛ لو نظرنا إلى علاج المدمنين في مستشفيات الأمل، لوجدنا أن الذين يخرجون منها؛ لا يجدون الرعاية اللاحقة، ولا المتابعة المتواصلة؛ لأوضاعهم النفسية والاجتماعية والوظيفية ، مما يؤدي إلى انتكاسة بعضهم مرات عديدة، فكان من الواجب الاهتمام بمتابعتهم ، والعمل على رعايتهم، وكذلك تطبيق القوانين الشديدة والصارمة مع الحالات السلبية المتكررة. أما خطط التوعية الحالية ، وبرامج الوقاية القائمة، والمناهج التعليمة السائرة، فهي مسالك قويمة ، وأدوات قوية في تأسيس الوعي، وغرس الاتجاهات السليمة نحو خطر المخدرات ، لكنها قنوات قديمة، ووسائل مستهلكة؛ لم تعد أمام هذا الجيل جاذبة ولا مشوقة، فهل نعجز عن تحسينها، ولماذا لا نعمل على تطويرها؟! أما مافيا المخدرات وعصاباتها؛ فسوف تستمر جهودها في نشر هذا الوباء بيننا ؛ مادمنا نهمل الأسرة؛ فلا نساعدها في القيام بدورها على الوجه المطلوب، وما دمنا نغفل عن الشباب؛ فلا نساعدهم على مواجهة الاحباطات المختلفة في حياتهم، وما دمنا نتهاون في العمل بالعلاج الناجع والناجح والأكيد، وهو: تعميق الشعور الإيماني، وتكريس الوعي الديني في نفوس الأبناء، إذ إن الخوف من الخالق (جل جلاله)؛ هو صمام الأمان، والحصن الحصين، والسد المنيع؛ الذي يحمينا من الوقوع في المزالق والمهالك، ويحفظنا من جميع المفاسد والمصائب. د.عبدالله سافر الغامدي جده. [email protected]