الشعير يا معالي الوزير خلف الحربي في مسرحية (على هامان يا فرعون) يعود عبدالحسين عبدالرضا من السعودية، وهو يحمل مخطوطة المؤرخ الزعفراني كي يستعرض التاريخ العريق لعائلة مديره سعد الفرج، وأثناء قيامه بقراءة أحداث قرية الحصينة التي ينتمي إليها جد سعد الفرج ينقل على لسان المؤرخ الزعفراني قصة اختفاء الدجاج من القرية حتى أصبح سعر الدجاجة الواحدة بمائة ناقة، فيتجه الناس إلى الوالي وهم يقولون: «الدجاج يا والي الحصينة» ثم يكتشفون بعد ذلك أن حرامي الدجاج هو جد سعد الفرج الذي يضبط منتفخا لكثرة التهامه الدجاج فلم يكن من والي الحصينة إلا أن سجنه حتى (خاس ومات)!. واليوم نكاد أن نفعل مثلما فعل سكان قرية الحصينة، ونقول: «الشعير يا معالي الوزير» ولكننا لا نعرف من هو الوزير المسؤول عن ملف الشعير!، هل وزير المالية؟ أم وزير الزراعة؟ أم وزير التجارة؟، فجميعهم معنيون بأزمة الشعير وجميعهم غير معنيين بها، فقد تطايرت أوراق الملف بين الوزارات الثلاث حتى أصبح الشعير بلا وزارة!. ولكن يمكننا أن نعدل عبارة أهالي الحصينة فنقول: «الشعير يا أصحاب المعالي» فنكون بذلك قد جمعنا الوزارات الثلاث التي اتفق جميع مسؤوليها ووكلائها ومديرها ومعهم مسؤولو مؤسسة صوامع الغلال عدم أزمة شعير في البلاد وأن المخزون يكفي ويفي.. بل ويفيض!، ولكن القصة وما فيها أن الأحتكار (شغال جامد) أما المضاربة (على عينك يا تاجر) ومخالفات القوانين التي تنظم وصول الشعير إلى المستهلكين بأسعار مخفضة بفضل الدعم الحكومي تم اختراقها وتجاوزها (عيني عينك)!. يؤكد الباحث الاقتصادي ناصر العبدالكريم أن تبرير ارتفاع الأسعار بالزيادة العالمية في أسعار الشعير ومشاكل الدول المصدرة وفي طليعتها أوكرانيا، هو أمر صحيح لأن الكميات الموجودة في السوق تم استيرادها قبل ثلاثة أشهر، وأن سعر كلفة كيس الشعير بعد حساب قيمة الدعم الحكومي وقيمة الشحن والتفريغ لا يتخطى 18 ريالا ولو التزم التجار بهامش الربح الذي نص عليه النظام، فإن سعر كيس الشعير يجب ألا يتخطى 25 ريالا، ولكن التجار حرصوا على التخزين وتقليل الكميات المعروضة في السوق لرفع الأسعار محليا. اليوم يكاد سعر كيس الشعير أن يلامس سقف 50 ريالا؛ أي ضعف السعر العادل الذي تم تحديده بهامش ربح معقول، الوزارات الثلاث تقول إن المشكلة في التجار من موردين وموزعين، والتجار نوعان: نوع يحتكر ويأخذ دعما بالملايين ويشتكي من ارتفاع الأسعار في الدول المصدرة ونوع يحتج ويطالب بكسر احتكار الشركة الوحيدة التي تستورد الشعير، وزارة المالية تقول للتجار المحتجين: استوردوا كما تشاؤون ولكن دون دعم، وهذا غير معقول لأن المدعوم في هذه الحالة يستطيع أن يكسر سوقا غير المدعوم، وزارة التجارة والصناعة تحاول تطبيق قوانين التشهير والمخالفات ولكنها -كالعادة- ترتبك أمام الهوامير وأسماك القرش الكبيرة، وزارة الزراعة تقترح استبدال الشعير بالأعلاف المركزة، مثلما اقترحت استبدال الجريش بالكبسة، وهي لن تبدأ مشاريع البدائل المقترحة إلا بعد أن نغير عاداتنا الغذائية نحن ومواشينا!، الحكومة تدعم الشعير بمليارات الريالات كي يباع بسعر معقول.. سعر الشعير يرتفع، وهذا يعني أن أسعار المواشي سوف ترتفع.. رمضان على الأبواب.. كل عام وأنتم بخير.. من لا يستطيع مواجهة ارتفاع الأسعار (يمشيها فول)!.