عرف البشر هذا المرض منذ القدم، وشوهد ذلك في الصور القديمة التي يظهر فيها أشخاص ذوو أجسام غير سليمة نتيجة لتصلب عضلاتهم أو نتيجة لزيادة الإجهاد لديهم، فقد شوهدت على... أحد المعابد صورة منقوشة تمثل كاهنا اسمه روما عاش في أيام الأسرة الثامنة عشرة أي ما يزيد عن 1520عام قبل الميلاد، وكانت ساق الصورة اليمنى ضامرة مشوهة، وقد فسرت هذه الظاهرة على أنه مرض شلل الأطفال، وفيما يبدو أنه في ذلك التاريخ أن هذه الجرثومة تشبه الأنفلونزا عندنا الآن، وأول من أطلق على هذا المرض اسم شلل الأطفال هو العالم الألماني هين Heine 1840، وذلك لانتشار الإصابة به وبخاصة بين الأطفال. وشلل الأطفال بأنه مرض حاد، عادة ما يصيب الأطفال، وقد يحدث شلل رخو في عضلات الجسم تبعا لما يحدثه الفيروس من التهاب في المادة السنجابية للجهاز العصبي المركزي للشخص، وأحيانا يكون مرض فيروسي يصيب الجهاز العصبي المركزي مؤديا إلى تلف في الخلايا العصبية التي تتحكم في العضلات، مما يؤثر بدوره على حركة الشخص ونشاطه بصفة عامة. ويمكن الإشارة إلى مرض شلل الأطفال بأنه التهاب بالنخاع السنجابي، وهو مرض معدي تسببه كائنات دقيقة تسمى حمة لها خاصية التأثير الضار بالجهاز العصبي، حيث تتلف خلايا القرن الأمامي في الحبل الشوكي التي تنبع من الأعصاب وتمتد إلى العضلات، وقد أثبتت العديد من الدراسات السابقة أن شلل الأطفال مشكلة عضلية عصبية Neuromuscular تحدث نتيجة فيروس بفصائله الثلاثة A, B & C يصيب خلايا الجهاز العصبي ويؤثر على حركة العضلات مؤديا إلى شلل في الأعضاء الحركية. وشلل الأطفال عرض يسبب عدد كبير من الأمراض والاضطرابات النفسية والجسمية، ويتميز بفقدان جزئي أو كامل للوظيفة الحركية في منطقة من الجسم، والسبب الشائع لحدوثه وجود عيب في الجهاز العضلي أو العصبي، أو الجهاز العصبي المركزي. ويعتبر شلل الأطفال من أخطر الأمراض التي تصيب الأطفال، حيث يبدأ سن العدوى به من سن ستة شهور إلى سنتين أو ثلاث سنوات، وينتقل المرض بواسطة فيروس العدوى به، ويأتي أحيانا عند تناول الطفل طعام أو شراب ملوث بالفيروس الذي يخرج من جسم الطفل المصاب في برازه، وتبدأ الأعراض في الظهور عادة بعد حدوث العدوى بثلاثة إلى سبعة أو عشرة أيام، وتتلخص الأعراض في حدوث ارتفاع حرارة جسم الطفل مع آلام حادة بالجسم كله، وبعد يوم أو يومين من الإصابة بالفيروس يلاحظ أن الطفل غير قادر على أن يحرك ساقه ولا يستطيع الوقوف ولا يستطيع أن يحرك ذراعه، وفي الحالات الشديدة قد يصيب شلل الأطفال كل الأطراف. ويعد شلل الأطفال من أبرز أنواع الإعاقات الجسمية، ومن كان يصدق أن هذا الوحش الكاسر أقعد الملايين من الفقير الهندي إلى رئيس أمريكا روزفلت Rozflet ، إذ يحتاج المصابون به إلى رعاية اجتماعية وخدمات تأهيلية نظرا لأنه غالبا ما يحدث في سن مبكرة وتلازم آثاره ونتائجه المصاب به طوال حياته، فقد يواجه مرضى شلل الأطفال بعض المشكلات والاضطرابات النفسية وسوء التكيف والتوافق مع الآخرين، وقد تتركز تلك المشكلات في القيود التي يفرضها المرض على حركة المريض الجسمانية، فالمشكلات والاضطرابات النفسية التي يتعرض لها المصابون بشلل الأطفال أثناء تفاعلهم مع الآخرين تترك آثارا بالغة المدى على التكوين النفسي والشخصي والاجتماعي لهم. وأسباب شلل الأطفال ليست العدوى الفيروسية فقط، وإنما قد ترجع أسباب حدوث شلل الأطفال إلى العديد من العوامل، فمنها مثلا الأسباب الوراثية كإصابة أحد الوالدين بالزهري الوراثي أو إصابة أحدهما بمرض عصبي ينتقل بدوره إلى الوليد، وأسباب ما قبل الولادة مثل إصابة الأم الحامل بحادث من الحوادث يؤثر بدوره على نمو وتطور الجنين داخل الرحم، وأسباب ولادية، كأن يصاب الرضيع بحادث يصيب المخ، والاسفكسيا أثناء الولادة Asphyxia. وتفيد البرامج العلاجية والإرشادية النفسية في التخفيف من حدة الاضطرابات التي تعاني منها تلك الفئة، هذا وبفضل الجهود على كافة الأصعدة فقد انخفضت حاليا نسبة الإصابة بحدوث ذلك المرض، نتيجة للوعي الكبير الذي حدث في مواجهة هذا المرض، فقد توفرت الأمصال الواقية والتطعيمات المنتظمة للطفل وللأم معا، وبدأنا نشعر بانخفاض هذا المرض، وقرب الانتهاء منه والقضاء عليه. *أستاذ التربية الخاصة المساعد بكلية التربية جامعة الملك عبدالعزيز