نحتاج إلى أن نتبنى نظرة مستقبلية للرعاية الصحية تتسم بالتجديد بدلا من النمطية. فخريطة الأمراض سوف تتغير مستقبلا نتيجة لما يعتور حياتنا من متغيرات اجتماعية واقتصادية وبيئية. كما أن وسائل الوقاية والعلاج والتأهيل سوف تتغير تغيرات جذرية مستقبلا نتيجة للتغيرات المتسارعة في التقنيات الصحية. ومن هنا أصبح علينا أن نخطط لمستقبل الرعاية الصحية بأسلوب متجدد يتلاءم مع متغيرات العصر. واحدة من أهم القضايا التي يجب أن نخطط لها بأسلوب مغاير لما درجنا عليه هي «الرعاية الصحية الأولية». يوجد في بلادنا نحو من 3000 مركز رعاية صحية أولية عملها الأساس هو تقديم العلاج الطبي للمراجعين. هذا المفهوم يجب أن يتغير ليحقق ما تنادي به منظمة الصحة العالمية منذ أكثر من أربعة عقود من أن مهمة مراكز الرعاية الصحية الأولية هي تقديم الرعاية الصحية الشاملة «الوقائية والعلاجية والتأهيلية»، بالتعاون مع أفراد المجتمع أنفسهم. الرعاية الصحية الأولية (وأفضل شخصيا أن يطلق عليها الأساسية بدلا من الأولية). هي كما تقول منظمة الصحة العالمية حجر الأساس في الرعاية الصحية لأي مجتمع في شمال الكرة الأرضية أو جنوبها. ليس بذي أهمية شكل المبنى الذي يقع فيه المركز، ولكن المهم هو تدريب العاملين فيه على الرعاية الصحية الشاملة. يستطيع المركز الصحي أن يغطي 85% من احتياجات المجتمع الصحية. ومن ثم لا يحتاج إلى الذهاب إلى المستشفى الا نحو من 15% من المرضى المحولين من المركز الصحي. جمعني مؤخرا لقاء ضم نحوا من 15 طبيبا جميعهم مؤمنون بهذه الفكرة. طرحنا على أنفسنا سؤالا: ما هي السبل التي يمكن بها تحويل المراكز الصحية الحالية التي تركز على العلاج إلى مراكز صحية تغطي حاجة المجتمع إلى العلاج والوقاية والتأهيل معا وتخرج بنشاطاتها من داخل جدران المركز الصحي إلى خارجه أي إلى المجتمع ليصبح لها دور فعال في التثقيف الصحي، وإصحاح البيئة، وتحسين مستوى التغذية، ورعاية الأمهات والأطفال، والوقاية المسبقة من أمراض مثل السكري وضغط الدم وأمراض القلب وتصلب الشرايين، والأمراض المتنقلة؟ التجارب الدولية تقول إنه أمر بالإمكان تطبيقة إذا تحددت الأهداف وأعدنا النظر في أسلوب إدارة الرعاية الصحية. يحتاج الأمر منا إلى أن نفكر (خارج الصندوق) وأن نطرح على أنفسنا أسئلة: ماذا؟ ولماذا؟ ومن؟ ولمن؟ وكيف؟ وللحديث بقية. بقلم د.زهير أحمد السباعي