اختتمت بمقر الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بجدة اليوم أعمال الاجتماع الأول للفريق الاستشاري العالمي المعني باستئصال شلل الأطفال في البلدان الإسلامية. وأعلن كبار العلماء المشاركين في الاجتماع برئاسة معالي رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن الحماية من الأمراض واجبة ومقبولة وفقاً للشريعة الإسلامية وأن أي أعمال لا تدعم هذه التدابير الوقائية وتتسبب في أضرار للإنسان هي منافية للإسلام. واعتمد العلماء /إعلان جدة/ وخطة عمل مركزة لمدة 6 أشهر تستهدف مواجهة التحديات الصعبة التي تواجه جهود استئصال شلل الأطفال في الأجزاء القليلة المتبقية من العالم الإسلامي المتوطن فيها شلل الأطفال التي تتمثل في فرض حظر على اللقاحات وعدم الوصول إلى الأطفال في بعض المناطق والهجمات الفتاكة على العاملين في مجال الصحة والمفاهيم المجتمعية الخاطئة حول حملات التطعيم واسعة النطاق. وندد المشاركون بأعمال العنف الممارسة ضد العاملين في المجال الصحي المشاركين في حملات التطعيم ضد شلل الأطفال مشيرين إلى أن هذا العنف تسبب في حدوث ضرر دائم للأطفال والمجتمعات. وأكدوا سلامة ومقبولية التطعيم ضد شلل الأطفال في الإسلام مبينين أن معظم دول العالم بما في ذلك العالم الإسلامي باتت خالية من شلل الأطفال وأنه لا تزال الدول الثلاث الموطونة بشلل الأطفال من الدول ذات الأغلبية المسلمة باكستان, ونيجيريا وأفغانستان. وتضمن /إعلان جدة/ إعادة التأكيد وبقوة على أهمية التضامن الإسلامي في التصدي لوباء شلل الأطفال ودعم الجهود العالمية لاستئصاله والإقرار بأن ذلك يتوافق مع المبادئ الإسلامية والأحكام الشرعية والإشادة بنجاح 54 دولة من بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي البالغ عددها 57 دولة في إيقاف انتشار فيروس شلل الأطفال معتمدة في ذلك لقاحات شلل الأطفال الفموية نظراً لسلامتها وفعاليتها وأيضا لاستخدام نفس هذه اللقاحات من طرف حكومة المملكة لتطعيم جميع القادمين إليها لأداء فريضة الحج أو العمرة من الدول التي توجد فيها حالات شلل الأطفال. كما أعرب /إعلان جدة/ عن قلق المشاركين من أن الغالبية العظمى من الأطفال الذين أصيبوا بالشلل بسبب العدوى بفيروس شلل الأطفال في عام 2013م كانوا من العالم الإسلامي معرباً عن ألمه من معاناة هؤلاء الأطفال الأبرياء من العجز الذي سيرافقهم طيلة حياتهم رغم أنه كان بالإمكان تفاديه . كما تضمن /إعلان جدة/ مناشدة جميع المجتمعات، والحكومات، والمجتمع المدني، والمؤسسات الدينية في الدول الإسلامية إعطاء الأولوية القصوى لصحة الأطفال وعافيتهم وضمان إتاحة إيصال الخدمات الصحية المطلوبة لجميع الأطفال بما في ذلك اللقاحات، حيث أن الأطفال هم مستقبل الأمة، وهم عاجزون عن حماية أنفسهم، مما يفرض على جميع الآباء والأمهات والمجتمعات المحلية حماية أطفالهم من جميع الأمراض - وخاصة شلل الأطفال والإعاقة التي قد تنجم عنه وتستمر مدى الحياة- وأن تلتزم الحكومات بتوفير الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية المطلوبة للسكان, وإدانة استخدام أنشطة الصحة العامة لأغراض أخرى غير تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض. ودعا جميع المنظمات والأطراف للالتزام بالحياد الصارم عند تخطيط وتنفيذ جميع أنشطة الصحة العامة، بما في ذلك حملات التطعيم ضد شلل الأطفال, وإدانة الهجمات التي تشن على العاملين في المجال الصحي لأنها تتعارض مع التعاليم الإسلامية والقيم الإنسانية، ويطلبون أن تقدم الحكومات، والمجتمعات المحلية، والمجتمع المدني والهيئات الدينية كل المساعدات اللازمة لضمان سلامة وأمن جميع العاملين في المجال الصحي الذين يؤدون واجباتهم لحماية أطفالنا من الأمراض الفتاكة، ويدعون الحكومات، والمنظمات الخيرية والأهلية والمنظمات الدولية للنظر بعين التقدير إلى الخدمات التي قدمها الذين قتلوا منهم أثناء تأدية الواجب، وإلى تقديم الدعم لأسرهم التي تعاني من جراء ذلك عن طريق إنشاء صناديق مخصصة لهذا الغرض . وتضمن أيضاً التقدم بالشكر لحكومات الدول المعنية على الجهود المبذولة لحماية العاملين في المجال الصحي والطلب باتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان حماية حملات التطعيم بشكلٍ كامل في كل المناطق التي يصعب حالياً الوصول إليها, ومناشدة القيادات السياسية والدينية في العالم الإسلامي العمل بشكل سريع لدعم الجهود التي ترمي إلى وقف حملات العنف ورفع كل أنواع الحظر على نشاطات التطعيم في الدول المعنية. ودعا /إعلان جدة/ وسائل الإعلام إلى إتاحة الفرص الكاملة للمختصين في المجال الصحي والديني للحديث عن القضايا التي تثير القلق لدى المجتمع فيما يخص أنشطة التطعيم ضد شلل الأطفال وإعداد ونشر التقارير الوافية عن الموضوع بما في ذلك برامج التوعية الرامية إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة خاصةً في المناطق المحرومة من الخدمات الصحية, ومناشدة وسائل الإعلام والمنظمات المجتمعية عدم نشر المعلومات الخاطئة والشائعات التي يمكن أن تسبب الارتباك بين الآباء والأمهات، وتعرِّض حياة الملايين من الأطفال للخطر والسعي للحصول على المعلومات الصحيحة، والاستفادة من المؤسسات الأكاديمية الإسلامية بما في ذلك جامعة الأزهر، والجامعة الإسلامية العالمية في باكستان، والجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، في إعداد طلبة هذه الجامعات من المناطق المعنية ضمن الدول الموطونة بشلل الأطفال للمشاركة في توعية مجتمعاتهم حول أهمية التطعيم ضد شلل الأطفال ودعم تلك النشاطات . كما تضمن البيان الختامي التقدم لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، و الأزهر ، ومنظمة التعاون الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية بخالص الشكر على ما تلقاه الفريق من دعم كبير منها في سعيه لحماية الأطفال من الأمراض، بما في ذلك شلل الأطفال, والإعراب عن جزيل الشكر والامتنان لحكومة المملكة العربية السعودية لاستضافتها هذا الاجتماع المهم وتثمين مواقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ودعمه المتواصل من خلال الإعلان عن مبادرة مهمة لاستئصال هذا المرض من باكستان, كما أعرب عن شكره للمؤسسات المالية الإسلامية والحكومات وللمساهمين من أهل الخير من المسلمين لتقديمهم التمويل لأنشطة استئصال شلل الأطفال في الدول الإسلامية، ويحثهم على الاستمرار في تقديم هذا الدعم, وتشكيل لجنة خاصة لدعم جهود اللجنة التنفيذية لتفعيل توصيات البيان الختامي. يذكر أن انعقاد الفريق التشاوري الإسلامي، الذي يمثل مختلف مدارس الفقه والفكر الإسلامي، جاء بعد اجتماع تشاوري لكبار علماء الإسلام في مارس 2013م, ويهدف هذا الفريق إلى تعزيز دعم المجتمع الإسلامي وقياداته لاستئصال شلل الأطفال وتأكيد الثقة في سلامة التطعيم وفعاليته, حيث اعتمد الفريق خطة عمل لمدة 6 أشهر يتم فيها التركيز على تقديم الدعم لباكستان والصومال، وهما البلدان اللذان يوجد فيهما أكبر عدد من الأطفال المصابين بالعجز الناجم عن شلل الأطفال, وسيحث أعضاء الفريق التشاوري الزعماء الدينيين الوطنيين والمحليين على نشر الوعي حول الواجب الديني الواقع على الآباء والمجتمعات المحلية لحماية الأطفال والسماح للعاملين في المجال الصحي بأداء مهامهم في مجال السلامة. وقرر الفريق أيضاً ضمان سهولة توافر المعلومات بشأن سلامة التطعيم للقيادات الدينية والمجتمعية ذات الصلة ودعوة مجتمع المانحين الإسلاميين إلى تقديم الدعم المالي والتقني لاستئصال شلل الأطفال. وتشارك في رئاسة الفريق التشاوري الإسلامي العالمي لاستئصال شلل الأطفال مجمع الفقه الإسلامي الدولي والأزهر ومعهما البنك الإسلامي للتنمية ومنظمة التعاون الإسلامي وهي الأطراف الرئيسية المؤسسة لهذا الفريق التشاوري.