تمكن فريق أبحاث سعودي أمريكي مشترك بقيادة رئيس وحدة أطفال الأنابيب وتقنيات الإنجاب بكلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي بجامعة الملك سعود وأستاذ مساعد واستشاري أمراض وجراحات العقم والمساعدة على الإنجاب الدكتور صالح العسيري من التوصل إلى سبب العقم وفشل المبايض المبكر في ثلاث أخوات من عائلة سعودية . وتتبع الدكتور العسيري طريق استكمال التاريخ المرضي المفصل لكل من أفراد الأسرة والتاريخ المرضي الموسع للاسرة الذي تضمن ثلاثة أجيال والفحص الإكلينيكي للمصابات و إجراء أشعة و تحاليل مخبريه وهرمونية متخصصة للإفراد الأصحاء وللأخوات الثلاث المصابات و تحليل كامل للكروموسومات و الحمض النووي وعدد من تحاليل الدم للكشف عن وجود أجسام مضادة للغدد الصماء في الجسم , و بالتعاون مع مركز أبحاث متخصص تابع لكلية الطب في جامعة بيتسبيرق بولاية بنسلفانيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية تم التوصل إلى تحديد الخلل الجيني المسئول عن هذه الحالة في الأخوات الثلاث بعد إجراء سلسله اختبارات جينية دقيقه باستخدام تقنيات متقدمه لكامل الحمض النووي والشفرة الجينية المستخرجة من الخلايا التي تم إجراء الاختبارات عليها التي اشتملت على عينات من الدم و انسجه من الجلد. و يعرف هذا الجين المصاب المكتشف اختصاراً ب : أم سي أم 8 , و هو يوجد على الكروموسوم رقم 20 من الحمض النووي وهو أحد الجينات التي تلعب دوراً مهماً في تحديد عدد ومخزون البويضات في المبيض في المراحل الأولى من تكون الجنين و بالتالي القدرة على الحمل و الإنجاب في المستقبل , بالإضافة إلى دوره المهم في تحديد سن البلوغ لدى الفتيات وسن اليأس لدى السيدات البالغات. مما يذكر أن اكتشاف هذا الخلل الجيني في البشر يعد الأول من نوعه على مستوى العالم , علماً أن نتائج هذا البحث سيقدم كورقه عمل في الاجتماع السنوي لجمعية الجينوم البشري الذي سيعقد في شهر ابريل من العام الجاري بجينيف بسويسرا. ويفتح هذا الاكتشاف المجال واسعاً لسبل وطرق علاجية حديثة ومبتكرة عن طريق التأثير في كيفية وآلية عمل هذا الجين المصاب بالطفرة و من بينها العلاج الجيني عن طريق التأثير على عمل الجين المصاب أو استبداله بإحلال نسخة أخرى سليمة تقوم بوظيفته على النحو المطلوب , وهناك أمثله مشجعه لهذا الأسلوب العلاجي ومنها ما وصل إلى مراحل متقدمه من الاختبارات الاكلينيكيه أو إلى المراحل الأولى من الاستخدام الفعلي على المرضى في حالات محصورة و محدده من سرطان الدم ( الليوكيميا ) و المايلوما المتعددة و الهيموفيليا ( من نوع ب) و مرض الباركينسون وحالات خاصة من العمى و التهاب البنكرياس الحاد و نقص المناعة الحاد لدى الأطفال , و تسخير مثل هذه الطرق العلاجية المبتكرة و تطويرها المستمر قد يجدد الأمل في المستقبل - بإذن الله - لمثل هؤلاء المريضات المصابات على الاحتفاظ بقدرتهن على الحمل و الإنجاب و كذلك على التنبأ بشكل أكثر دقة وتحديدا بسن اليأس لدى السيدات غير المصابات في وقت مبكر مما يفيد كثيراً في تحديد مدى خطورة تعرضهن للأمراض المتعلقة بسن اليأس المبكر و اتخاذ الاحتياطات الصحية و الوقائية الضرورية للشخص المصاب و أفراد أسرتها من تلك الأمراض التي منها سرطانات القولون و المبيض و هشاشة العظام و الخرف المبكر و اعتلالات الذاكرة و الشلل الرعاشي و أمراض القلب والشرايين و الجلطات القلبية و السكتات الدماغية والوفاة المبكرة و غيرها , كما أن له دوراً واعداً و مهماً في إيجاد طرق و أساليب جديدة من أجل تحسين فرص نجاح التقنيات المساعدة على الإنجاب و من أهمها عمليات أطفال الأنابيب و الحقن المجهري . وشكر الدكتور العسيري معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران بن عبد الرحمن العمر وعميد كليه الطب والمشرف على المستشفيات الجامعية الدكتور فهد بن عبد الله الزامل على الدعم المتواصل والتشجيع الدائم على إجراء الأبحاث و الدراسات الطبية بما يعود بإذن الله بالنفع والفائدة على المجتمع .