البيروقراطية كما هو معروف هي نظرية إدارية تنظيمية، وقد نُسبت بداياتها إلى (ماكس ويبر) عالم الإجتماع الألماني في أواخر القرن التاسع عشر. نشأت البيروقراطية بتطبيقاتها المثالية لغرض تنظيم أفضل للقطاع الصناعي وبهدف زيادة الإنتاجية مع إهمال للنواحي الإنسانية. وبدافع عدم الإعتماد على العنصر البشري وتركيز الإعتماد على القوانين والأنظمة في اتخاذ القرارات التي تضمن عدم تدخل المصالح الشخصية. حقيقة إن ما أثار فضولي للبحث في تلك القضية هو اطلاعي على تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2009م فصل "إدارة نظم الصحة" الصفحة- 159- وما ورد فيه من قصور في النظم البيروقراطية المتبعة ونقض لما يترتب على هذا القصور من كبح للمبادرة والإبتكار والإرتقاء بمستوى الكفاءة. الجدير بالذكر هنا أنني لست مختصة في العلوم الإدارية ولكن من واقع خبرتي واطلاعي في الشؤون الإدارية ومن منطلق تخصصي واهتمامي بدراسة السلوكيات الصحية الإنسانية على مستوى الفرد والمؤسسات والمجتمع، وكذلك قناعتي التامة بمدى تأثير بيئة العمل والتعاملات الإنسانية فيه على صحة العاملين وعلى الإنتاج والإرتقاء بمستوى الكفاءة. لقد عمل الباحثون والمهتمون بشؤون الإدارة على طرح نتائج وحلول لتجنب فرط البيروقراطية والتقليل من مخاطرها وقد ركزت معظم الحلول على تغيير سلوكيات العاملين. وفي حال إسقاط تلك الحلول على العمل الصحي مثل؛ أولا: المرونة في سلوك الموظفين والمدراء شريطة أن لا يتعارض مع الهدف العام ورؤية وأهداف المؤسسة الصحية. ثانياً: مراعاة عدم الإخلال بمبدأ العدالة والمساواة في التعامل بشرط التأكيد على مبدأ أن الموظف في العمل هو لخدمة العميل (المريض). ثالثاً: ينبغي استخدام الأنظمة واللوائح والإجراءات وسائل لتحقيق تلك الأهداف. كما اقترح الباحثون العمل على مراقبة السلوكيات الإدارية المنحرفة و تقويمها بالطرق التعليمية والتدريبية الصحيحة. مقالي هذا فيه تحذير من خطر سوء استخدام البيروقراطية في بيئة العمل الصحي وفيه أيضاً حلول مقترحة لتلافي سلاح البيروقراطية المدمر في حال سوء استخدامه. حيث أن سوء الإستخدام من شأنه أن يخلق بيئة عمل غير صحية. وقد يؤدي ذلك إلى أن تحيد تلك الأنظمة والإدارات وتنحرف سلوكيات العاملين بها إلى حد يؤثر سلباً على مستوى الكفاءة والمبادرة وبالتالي على مستوى رضا العميل. *استشارية في الطب الوقائي