حقق التعليم العالي في المملكة كأحد أعمدة التنمية الأساسية، في ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله إنجازات كبرى، على أكثر من صعيد وفي مسارات متعددة، حيث خطت الجامعات السعودية في السنوات الأخيرة خطوات متميزة، نالت بموجبها مكانة أكاديمية مرموقة، ولا تزال تطمح لتحقيق المزيد. ويعد دعم حكومة المملكة الرشيده المحرك الأول وقوة الدفع الأساسية لكل ما يشهده التعليم العالي السعودي من تطورات وإنجازات على المستويات كافة. والدعم الحكومي المالي في تعزيز هذا القطاع المهم والإرادة السياسية؛ وتحديدها لرؤية سياسية متكاملة وواضحة، وعزيمة صادقة للتطوير والتحديث تشكل العامل الحاسم في تحقيق هذا التميز وفي ظل عالم متقارب وشديد التنافسية يصبح الاهتمام بالتعليم العالي والاستثمار فيه ضرورة ملحة، خاصة في بلد مثل المملكة العربية السعودية تتوافر فيه كل معطيات الريادة الاقتصادية والحضارية، ويأتي في مقدمتها وجود رأس المال، وتوافر الكفاءات، وتزايد الفرص الاقتصادية وتعددها، وغير ذلك من عناصر المناخ الفاعل لتحقيق المزيد من النجاحات. وتَشَكَّل الحراك التطويري للتعليم العالي السعودي في منظومة ذات منهجية متكاملة توجه جهود وزارة التعليم العالي وبرامجها، عبر هدف محدد يتمثل في بناء مجتمع المعرفة والاستثمار في اقتصادياتها؛ انطلاقاً من حقيقة مفادها أن التحدي الكبير الذي تواجهه مؤسسات التعليم العالي هو وجوب التحول المركزي في رؤيتها وأدوارها كي تصبح عنصراً فاعلاً ومؤثراً في تطوير (اقتصاديات المعرفة)، ومن أبرز ما تم في هذا الجانب إعداد خطة إستراتيجية مستقبلية للتعليم الجامعي للخمس والعشرين سنة القادمة، وهو المشروع الذي اتخذ اسم (مشروع آفاق) الذي يتم بناءً عليه تحديد آليات وأساليب التوسع في التعليم العالي، وفقاً لمعايير دقيقة ومدرسة. ويمكن تلمس مظاهر تنمية قطاع التعليم العالي ومخرجاته من خلال عدد من المؤشرات المهمة التي يمكن أن توضح حاضر هذا القطاع ومستقبله ، حيث نما عدد الجامعات في المملكة من (15) جامعة عام 1425ه إلى (32) جامعة حكومية وخاصة عام 1433ه ، كما نما عدد الكليات في المملكة من (314) عام 1425ه إلى (452) عام 1433ه ، وتتمثل أبرز مظاهر تنمية قطاع التعليم العالي فيما يلي: وبشأن مشروعات المدن الجامعية يأتي تدشين خادم الحرمين الشريفين مؤخرًا للمراحل الأولى من مشروعات المدن الجامعية ووضع الحجر الأساس للمراحل الثانية بتكلفة 81,5 مليار ريال ليؤكد الدعم الكبير والمتابعة المستمرة من قبل القيادة الرشيدة للتعليم العالي وحرصها على الاستثمار في العنصر البشري الوطني المؤهل ما يعزز النهضة الشاملة التي تشهدها المملكة. ويبلغ عدد المستشفيات في هذه المدن (12) مستشفى ، فيما تبلغ المساحة الإجمالية لمشاريع المدن الجامعية (112) مليون متر مربع . وهذه المدن هي كالتالي : جامعة جازان ، جامعة حائل ، جامعة الجوف ، جامعة تبوك ، جامعة الحدود الشمالية ، جامعة نجران ، جامعة سلمان بن عبدالعزيز ، جامعة شقراء ، جامعة المجمعة ، جامعة الباحة ، مدينة الطالبات بجامعة الملك سعود ، مدينة الملك عبدالله للطالبات بجامعة الإمام ، مجمع الكليات الجامعية بشمال جدة ، المدينة الطبية بجامعة طيبة ، جامعة الطائف . وفي مجال معدلات القبول والالتحاق في التعليم العالي بوصفه المؤشر الأكبر لتوسع التعليم العالي تجاوزت نسبة الالتحاق بالتعليم الجامعي نسبة 97% من خريجي المرحلة الثانوية للعام المنصرم ، حيث عملت الوزارة على تلبية الطلب المتزايد على التعليم العالي، وقد بلغ عدد الجامعات 25 جامعة حكومية ، وبلغ عدد الطلاب المستجدين ( 328,674) طالباً وطالبة ، منهم (79%) في برامج الانتظام ، و(19%) في برامج الانتساب ، و(2%) في برامج التعليم الموازي ، وسوف يؤدي نشر الجامعات في مختلف مناطق المملكة إلى تخفيف الضغط على الجامعات الرئيسة، مما يدعم التنمية المتوازنة بين المناطق . وحول برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث تعد رؤية خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - رؤية ثقبة في بناء جيل مبني على المعرفة ومؤهل بشكل فاعل ليصبح شباب وبنات الوطن منافسين في سوق العمل ومجالات البحث العلمي ولدعم الجامعات السعودية والقطاعين الحكومي والأهلي بالكفاءات المتميزة ، وكان الهدف ابتعاث الكفاءات السعودية للخارج في أفضل الجامعات العالمية في مختلف دول العالم على أعلى مستوى من المعايير الاكاديمية والمهنية من خلال البرنامج وتبادل الخبرات العلمية والتربوية والثقافية وبناء كوادر سعودية مؤهلة وقادرة ومتقنة لبيئة عملها ورفع مستوى احترافيتها. ويعد برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث فرصة ثمينة، وقناة حققت لأبنائنا وبناتنا طموحاتهم الأكاديمية، فكانوا سفراء لبلدهم حول العالم ومشاعل للحضارة العربية والإسلامية تضيء في العواصم العالمية حيث بلغ عدد المبتعثين حتى الآن حوالي (150) ألف مبتعث ومبتعثه . وقد تخرج من البرنامج منذ البدء فيه (47) ألف مبتعث و مبتعثة ، ومن المتوقع أن يتخرج بعد حوالي شهر من الآن (8) آلاف في أمريكا. وفي المهارات الطلابية أطلقت الوزارة برامجًا لتعزيز المهارات الطلابية بهدف توجيه خريجي الجامعات نحو المنافسة والاندماج في سوق العمل من خلال خطة بمسارين، الأول: أكاديمي تخصصي والثاني مهاري عملي. كما دعمت برنامج ريادة الأعمال بهدف تنمية التفكير الريادي، وتطوير اقتصاديات المعرفة لجعل الطالب قادرا على إيجاد الفرص الاستثمارية بدلا من البحث عن وظيفة. كما دعمت إنشاء حاضنات التقنية، لإشراك الطلاب والخريجين في تحويل الأفكار البحثية إلى منتجات ذات قيمة مادية. وفي سباق تطوير الجامعات، بلغ أعضاء هيئة التدريس في العام 1433ه، 47.997 عضوا من الجنسين في مختلف التخصصات العلمية والإنسانية والاجتماعية. كما خطت الجامعات المحلية الرئيسة خطوات كبيرة في سبيل الارتقاء بالنشاط البحثي؛ حيث عززت من قدراتها على القيام ببحوث أساسية وتطبيقية، والتركيز على برامج الدراسات العليا البحثية، إضافة إلى تطوير العملية الأكاديمية بحيث تكون داعمة للبحث العلمي، مع التوجه لتوسيع قاعدة المشاركة البحثية لتشمل القطاعات الإنتاجية المختلفة، وتوفير مصادر تمويلية واستثمارية لدعم هذا النشاط بما يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية . ولتطوير كفاءة العمليات والإجراءات الإلكترونية الداخلية، تبنت الوزارة عددا من السياسات والخطط الجوهرية، وقامت بتنفيذ مشاريع ومبادرات بهدف الارتقاء بالجودة في العمليات الداخلية؛ فسعت لتحقيق التحول الرقمي داخل الوزارة، والملحقيات، والجامعات، وتطبيق التعاملات الإلكترونية، وقامت باستكمال جميع معايير الجاهزية في برنامج يسِّر، وهي تقوم حالياً بإدارة جميع أعمالها من خلال منظومة إلكترونية متكاملة بين مركز الوزارة والملحقيات والجامعات، مما يُيَسّر على المستفيدين الحصول على الخدمات على مدار الساعة، وبكفاءة وسرعة عالية. ولان البحث العلمي مكمل للنشاط التعليمي ورافد مهم له في الجامعات بصفته ركيزة التطور والتقدم في كل مجالات العلوم ولكونه وسيلة ترسيخ مفاهيم اقتصاد المعرفة المثلى، فقد سعت الوزارة لتعزيز دور الجامعات في خدمة البحث العلمي من خلال تطوير مراكز البحث العلمي فيها، ومن انماط التطوير الحدائق العلمية وحدائق التقنية وحاضناتها ومنها وادي الظهران للتقنية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ومشروع كسب بجامعة الملك سعود ومشروع الحديقة العلمية المتطورة بجامعة الملك عبدالعزيز . وقد بلغ عدد الكراسي البحثية في المملكة أكثر من (200) كرسي بحجم تمويل حوالي (750) مليون ريال. وفي إطار دعم جهود الجامعات ومؤسسات التعليم العالي للوصول ببرامجها إلى مستويات متقدمة ، اتخذت الوزارة عدداً من المبادرات النوعية التي ترمى إلى رفع مستوى الجودة في الجامعات وتمثل ذلك في ثلاثة مشروعات رئيسة، اولها مشروع تنمية الإبداع والتميز لأعضاء هيئة التدريس، وثانيها دعم إنشاء مراكز للتميز العلمي والبحثي في الجامعات ، إضافة إلى ما هو معتمد لها في ميزانياتها، أما المشروع الثالث فهو الإسهام مع الجامعات في دعم الجمعيات العلمية.