سيتبادر إلى الذهن سؤال مؤداه: ما العلاقة بين التسامح بصفته مفهومًا محسوبًا على الفكر الديني، أو على شأن من شؤون الاجتماع البشري، والتنمية المستدامة بصفتها مفهومًا اقتصاديًا بالدرجة الأولى؟
والجواب يتمثل في: إن ثمة تلازمًا بينهما وليس علاقة فحسب. ذلك (...)
زعم بعض المتطرفين من بني جلدتنا، ممن ولوّا وجوههم شطر العاصمة البريطانية (لندن)، بأنهم «هاجروا» إلى هناك تلبية لنداء سنة نبوية، تتمثل في الهجرة من البلد الذي تكثر فيه «المنكرات»، كما ادعوا، إلى بلد آخر، وهذا الزعم الماكر ينطوي على مخالفتين عقائديتين (...)
لا يكاد يمر يوم أو يومان أو بضعة أيام إلا ونسمع أو نشاهد من يجاهر بالعداء للسعودية في المنابر المختلفة، والتي وصلت للأسف حتى إلى منابر صلاة الجمعة. يحدث جل ذلك من بني يعرب بالذات، ومن أناس وجماعات ومنظمات كان للسعودية فضل كبير عليهم، إلا أنهم لم (...)
دخلت الفلسفة، خاصة من الثلث الأول من القرن التاسع عشر، في منافسة بين ثنائية كل من الفلسفة المثالية والفلسفة المادية. الفلسفة المثالية تنتسب إلى الفكر أو العقل، الذي ترى أنه يُسَيِّر التاريخ، وما المادة عنده إلا جسر يتكئ عليه للوصول إلى هدف العقل، أو (...)
يُعد أبو محمد بن حزم الأندلسي (ت 456ه) من طلائع مجددي الفكر العربي الإسلامي في جميع فروعه، من أصول، وفقه، وحديث، وتاريخ، وعقائد، وأدب، وعلم كلام، ونحو، ومنطق، وفلسفة. ولقد انطلق رحمه الله في تأسيس مشروعه التجديدي النقدي، كما ذهب إلى ذلك المرحوم د. (...)
عنوان كتاب للفيلسوف الألماني المعروف «فريديريك نيتشه، ت عام 1990»، الذي يقال إنه وضع فيه زبدة فلسفته، ولقد تُرجِم الكتاب إلى اللغة العربية عدة ترجمات، إلا أن لغته لا تزال صعبة جدا على القارئ العادي، الذي لم يتبحر في الفلسفة، خاصة فلسفة نيشته.
اعتبر (...)
تحل في هذه الأيام المباركة الذكرى الخامسة لتولي سمو الأمير محمد بن سلمان منصب ولاية العهد، ولا أخال أحدًا يخالف في أن اعتلاء سموه هذا المنصب كان حدثا تاريخيًا مفصليًا بامتياز. نقول ذلك، ليس لسلاسة وسهولة انتقال المنصب من السلف إلى الخلف، فذاك أمر (...)
عنوان هذه القصة كان لثلاثة مفكرين وفلاسفة عرب، ابن سينا، وابن طفيل، والسهروردي، ولكن لم يشتهر منها إلا قصة ابن طفيل. والقصة تندرج تحت أسلوب الأدب الروائي الرمزي، الذي يخفي بالتعمية والتورية مقاصد دينية، أو فلسفية يقصدها بذاتها، ولا يستطيع التصريح (...)
كان كثيرون، ولا يزالون، ينظرون إلى فلسفة الفيلسوف الإنجليزي المشهور، (توماس هوبز، ت 1679)، على أنها فلسفة تُنَظِّرُ للحكم المطلق الشمولي التوتاليتاري، إلا أنها على العكس من ذلك، منظور إليها من ناحية مدلولها الحضاري، الذي يؤكد أن جوهرها دعوة إلى (...)
شغلت مشكلة البحث في «مصدر السلطة» المفكرين والفلاسفة قديما وحديثا؛ إذ كان موضوع بحوثهم ومناظراتهم وأفكارهم، يتلخص في السؤال التالي «من أين يستمد الحاكم سلطته؟». وبغض النظر عن النظريات التي سادت، بصفتها إجابات على سؤال مصدر السلطة، والتي تلخصت في أهم (...)
السخرية مرض العصر، وربما العصور الماضية. السخرية ليست من طبائع الإنسان بل هي نتاج الاختلاف بين البشر، وهي لا تنبعث إلا من نفس ملوَّثة بجراثيم العُجْبِ والتكبُّر، فهي تعمل على إيذاء من حولها بدافع الشعور بالفوقية المتغلغلة في أعماقها (...)
لم تكد تنقضي أعمال إنشاء حديقة صغيرة، في الحي الذي أسكن فيه بمدينة بريدة، وتصبح جاهزة، إلا وتوافد عليها أهل الحي، رجالا ونساء، شبابا وشيبا، يقضي بعضهم فيها جلسات أنس وصفاء، فيما يزاول البعض الآخر منهم رياضة المشي في المضمار الذي شيد على جنباتها. هذا (...)
فى حياة الإنسان هناك كم كبير من الاحتفالات الإيجابية التي يُسعد بها، احتفالات تسُر القلب، وتضفي عليه السعادة، وتُلطف المزاج المُعكّر، وتتقبل فيها الهدايا والعبارات الجميلة. احتفالات لها مسميات كثيرة: حفلة زواج، حفلة تخرج، حفلة استقبال مولود، حفلة (...)
لم أفاجأ بدعوة الإخواني الكويتي (طارق السويدان) السعوديين إلى تحويل تبرعاتهم لما يسمونه «إعمار غزة»، إليه شخصيا، أو إلى أحد الحسابات التي حددها في تغريدة له على حسابه في «تويتر»، لأن ذلك ديدن جماعته من الحزبيين، الذين اعتادوا على استغلال الحروب (...)
مما هو معروف لدى الأصوليين أن الأحكام الشرعية تنقسم وفقا لدرجة وضوح علتها إلى قسمين: أولهما الأحكام غير المعللة، ويطلقون عليها أحيانا «التعبدية»، وهو ما خفي الغرض من تشريعه تماماً، كما هو شأن العبادات، أو بعضها على الأقل، وثانيها: الأحكام المعللة، (...)
كتبتُ قبل سنوات في جريدة الرياض مقالا، بمناسبة عيد الأضحى، جعلتُ عنوانه «عيدٌ بأي حال عدت يا عيد»، تساءلتُ فيه إن كان أبو الطيب المتنبي يعني نفسه حصريًا بتلك القصيدة، فعبّر من خلالها عن انسداد أفقه السياسي على وقع تباشير العيد، أم أنه كان يصف حال (...)
عنوان المقال جزء من اسم كتاب ألفه الألماني «إيريك هوفر»، وترجمه إلى العربية المرحوم، الدكتور غازي القصيبي؛ وعنوان الكتاب كاملا هو «المؤمن الصادق.. أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية»..
الكتاب بجملته يشرح ظاهرة التطرف، من زاوية التحاق الأفراد (...)
حين يتمعن الناظر في مقولات وأفكار ما تسمى «جماعات الإعجاز العلمي في القرآن والسنة»، سيجد أنها تخالف منطق العلم من جهة، ومقاصد الشرع من جهة أخرى.
فمن جهة، هي تخالف منطق العلم، بحكم أن العلم ذو منطق نسبي، متغير، يخطئ، ويصلح أخطاءه باستمرار. يقول (...)
للجائحات والأوبئة تاريخ طويل، يمتد رجوعًا إلى فجر التاريخ الإنساني؛ وتحديدا منذ العصر الحجري. ولم يكن أيٌ من تلك الجائحات والأوبئة ينحسر، إذا قُدِّر له ذلك، إلا بعد أن يُفني فئات من البشر؛ بل إنه أفنى أمما، وبلدانا بأكملها، حتى لم يُبقِ منها إلا (...)
كنت في نقاش مع أحد الزملاء حول غاية الأحزاب «الإسلامية» من تشكلها، وخوضها غمار الحياة السياسية، كحزب الإخوان والسلف والتحرير، فكان مصرًّا خلال النقاش على أن هذه الجماعات، وبالمناسبة هو يرفض أن يسميها «أحزابًا»، لم تتشكل، أو تشارك في السياسية إلا (...)
منذ البدء ينبغي أن نعلم أن أركان الإسلام الخمسة، وأركان الإيمان الستة معروفة لكل مسلم، وليس من بينها «الولاء والبراء»؛ ومن ثم فإن تكريس هذا المفهوم عبر التراث العقدي، إنما جاء في سياق ما يُعرف ب«فروع العقائد»، التي كان للجدالات الكلامية بين الطوائف (...)
يتميز عالم الاجتماع العربي وفيلسوف التاريخ: عبدالرحمن بن خلدون، من ضمن ما يتميز به، بواقعيته الشديدة، وبمراعاة قوانين الاجتماع البشري، عند النظر في أمور البشر؛ فهو لا يهيم بالمثاليات، ولا بالماورائيات في تحليله سير الاجتماع البشري، وقوانين ثباته (...)
الأحداث الأخيرة التي أعقبت مقتل «جورج فلويد» بأمريكا، وما خلّفته من دمار هائل يوحي بأن «مدينة مينيابوليس» التي جرت فيها الأحداث، وكأنها شهدت أو ما تزال تشهد حربا أهلية لا تُبقي ولا تذر، أعادت السؤال القديم الجديد، والذي حيّر الفلاسفة والعلماء (...)
هذه آية كريمة وعظيمة من القرآن تحث الإنسان على أن يعامل الناس كلهم، المسلمين منهم وغير المسلمين، بالقول الحسن، والفعل الحسن. وإذ تعضد هذه الآية المفعمة بالإنسانية، آيات كريمات أخر، فثمة أحاديث تعضدها أيضا، من قبيل قول النبي صلى الله عليه وسلم، في (...)
اهتم فلاسفة فن العيش، من ضمن ما اهتموا به، بما يمكن أن نطلق عليه «العمل على كبح جماح شهوة الاستهلاك غير الضروري»، تلك الآفة التي تستولي على الإنسان، في فترة مواتية من حياته، فتُصَيرِّه عبدا لها، بعد أن كان متحكما في رسنها.
الاستهلاك المذموم هنا يتجه (...)