اعتبر تقرير سياسي لمجلة "تايم" الأمريكية أن الولاياتالمتحدة في موقف صعب حالياً، بسبب الأوضاع الموجودة في مصر، فواشنطن تجد نفسها محرجة أمام دعم مطالب فرض الديمقراطية في بلد حليف لها قد تنقلب الأوضاع فيه إذا وصل التيار الإسلامي إلى السلطة، وقد فاقم هذا التخبط إعلان تنظيم "الإخوان المسلمون" عزمهم النزول إلى الشوارع لمواجهة النظام المصري. وقال التقرير إن مبارك كان بالتأكيد يستمع إلى الشعارات التي يطلقها المحتجون أكثر مما تفعله وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، التي دعته مؤخراً إلى "الاستجابة للحاجات المشروعة للشعب المصري،" في حين أن المظاهرات تدعوه للتنحي والتخلي عن السلطة. ويعتبر مبارك أحد أبرز حلفاء واشنطن في المنطقة، وهي تحترمه بسبب دوره في مواجهة الإرهاب ودفع عملية السلام، في حين أن الذين خرجوا للاحتجاج ضده في شوارع البلاد يعتبره مجرد طاغية آن أوان رحيله. وبحسب التقرير، فإن دعوة الإدارة الأمريكية إلى مبارك للاستجابة لمطالب الشارع وإجراء إصلاحات هو في الواقع نتيجة دروس تعلمتها واشنطن من تجاربها السابقة ابتداء من سلوكها مع حليفها، شاه إيران، الذي أطاحت به ثورة إسلامية عام 1997، أو الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الذي فقد السلطة جراء "ثورة الياسمين." وقد اتضح لواشنطن أن هذه الأنظمة لا تدرك مدى عمق المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعترض شعوبها، وبالتالي فإن الدعوة الأمريكية إلى معالجة المشاكل داخل مصر إنما هي نصيحة لمبارك ليقوم بكل ما يتوجب عليه القيام له للحفاظ على نظامه، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة عدم استخدام السلاح بمواجهة المحتجين. وقالت المجلة إن الدوامة التي دخلها البيت الأبيض في الموقف الذي يجب أن يعتمده حيال الوضع في مصر ازدادت حدة بعد دعوة تنظيم "الإخوان المسلمون" أنصاره إلى الانضمام للمظاهرات، فالولاياتالمتحدة معروفة تاريخية بمدى "حساسيتها" تجاه التعامل مع الفصائل الإسلامية الطابع، وخاصة تلك التي دخلت أكثر من مرة في مواجهات مع القوى المتحالفة معها في المنطقة. والمشكلة التي تعترض أمريكا، بحسب التقرير، هو رغبتها في رؤية المظاهرات السلمية الداعية للديمقراطية في الدول التي تعارضها، مثل إيران، ولكنها تنزعج من مشاهدة أحداث مماثلة في دول متحالفة معها، إذ لا يمكن التوصل إلى ديمقراطية في مصر دون الاعتراف في الوقت عينه بحق الإسلاميين بالسعي للوصول إلى السلطة. ولفت التقرير إلى أن هذا الواقع ظهر جلياً في العلاقات الفلسطينية الأمريكية، إذ انقلبت واشنطن على مواقفها السابقة 180 درجة، بعد أن أوصلت الديمقراطية الفلسطينية حركة حماس إلى الحصول على الغالبية البرلمانية. ولكن الواقع - بحسب تايم - هو أن الواقع الإسلامي يتمتع بوجوه متعددة، فهناك تنظيم القاعدة المتطرف الذي يحمل السلاح ضد الحكومات المحلية والقوى الغربية، وهناك حزب العدالة الذي يحكم تركيا بنموذج متقدم ومرن، ولكن التيارات الإسلامية بمختلف فروعها تتشارك في قضية رفض تدخل الولاياتالمتحدة بشؤون الشرق الأوسط. كما أن القوى المنتخبة بشكل ديمقراطي في الدول العربية لن تطبق ما ترغب به واشنطن، فالنظام المصري غير الديمقراطي مثلاً يمكنه إقامة علاقات مع إسرائيل، بينما ترفض ذلك الأحزاب العراقية المنتخبة، رغم تحالفها الواضح مع واشنطن. كما أن الإسلاميين الأتراك دشنوا عهدهم في السلطة بمنع الولاياتالمتحدة من استخدام أراضي تركيا لتوجيه ضربة عسكرية إلى العراق، في السنوات التي سبقت سقوط نظام الرئيس الراحل، صدام حسين.