اعتبر الدكتور قيس المبارك، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، أن تمثيل الصحابة يجوز ولكن بضوابط، موضحا أن بعض العلماء المعاصرين قالوا بتحريم ذلك، بعلة إجلال الناس للصحابة الكرام رضي الله عنهم والخوف من تمثيلهم بخلاف صورتهم الحقيقية، فمقامهم رضوان الله عليهم أجل من أن يصور بطريقة قد تفضي إلى تشويه صورتهم. وأشار المبارك في تصريح لصحيفة "عكاظ" السعودية، إلى حصول التشويه في غيرهم، كما هو في كثير من الأفلام التاريخية حيث مثلت بطريقة لا تعكس حقيقة التاريخ، لا في اللباس ولا في طريقة الحديث، ولا في كثير من التصرفات، ذاكرا أنها قد صورت واقع الناس قديما بنقيض الحقيقة، وهذا في التاريخ لا ضرر فيه، أما في قدوتنا فالأمر يحتاج مزيدا حيطة وحذر. ولم يجد المبارك غرابة في تحرج بعض العلماء من الفتوى بالإباحة، لا لحرمة التمثيل في ذاته، بل حماية لجناب الصحابة الكرام، وإلا فالذي يظهر لي أن الأصل في ذلك هو الإباحة، إذا مثل الحال تمثيلا صحيحا، فضلا عن أن التحريم يحتاج إلى دليل، وليس في التحريم نص من حديث ولا أثر. ولاحظ المبارك أن "التمثيل يصور الغائب تصويرا وكأنه ماثل أمام المشاهد، فالوصف والتمثيل يقوم مقام المعاينة، كما في الحديث (لا تصف المرأة المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها) فنزل الوصف والتمثيل منزلة الرؤية الحسية، ومن هذا الحديث أخذ الإمام مالك أن الوصف في المبيع الغائب يرفع الجهالة عنه، فأجاز بيع الغائب على الصفة". وشدد المبارك على أن للتمثيل أثرا كبيرا على النفس، فهو يقوم بما لا تقوم به الكتابة ولا ما يقوم به الكلام، مستدلا بحديث البراء بن عازب في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ماذا يتقى من الضحايا؟ فأشار بيده وقال: أربعا، وكان البراء يشير بيده ويقول: ويدي أقصر من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة لأن التمثيل أوقع في النفس من الكلام المجرد، تذكيرا لها كي لا تنسى، قال الحافظ أبو الوليد الباجي: ((وأشار بيده ليكون في ذلك تذكرة له ومنع من النسيان). وعضد المبارك قوله بالجواز حديث أصحاب الأخدود الطويل في صحيح مسلم وفيه (فكأني أنظر إلى رسول الله وهو يحكي ارتضاعه بإصبعه السبابة في فمه، فجعل يمصها).