نقلا عن القدس العربي : لندن- ما بين الإجابات الدبلوماسية جدا، والانتظار بسبب الإعداد لبرنامجه التلفزيوني جاء الحوار مع عمرو خالد، الرافض للألقاب سوى «الأستاذ» المفضل عنده، لأن «دور المصلح هو جوهر الرسالة عنده، أما الألقاب فإنها زائلة لأننا كلنا إلى زوال». و«عمرو خالد» ماركة معروفة مسجلة اليوم في عالم الدعوة الإسلامية، له جمهوره ومريدوه في كل مكان، ولكن ليس من خلال أشرطة الكاسيت فحسب، وإنما عبر الفضائيات التي تتجاذبه، وأينما تراه في بيز ووتر، أو إيرلز كورت، أو ادجوار رود، بالعاصمة لندن تجده محط حفاوة أبناء الجالية العربية، والرجل ببساطته قادر على أن يشد الجميع نحوه بنجوميته و«كاريزميته» الخاصة. والقدوة بالنسبة لخالد هو رسول الله الذي قدم رسالة لكل العصور، وهو لا يتوقف عن دعوة الشباب إلى الاقتداء بالرسول الكريم، وقد دعانا الله لذلك حين قال «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ». ويكشف في لقائه مع صحيفة «الشرق الأوسط» بالعاصمة البريطانية لندن عن نوع ثالث من الأصدقاء الحميمين لم يعهدهم من قبل، وهم الجمهور الذي يتفاعل معه وكذلك الشباب الذي يدخل إلى موقعه الإلكتروني، وهؤلاء بالفعل قريبون منه للغاية، على حد قوله. وسيهل علينا عمرو خالد في رمضان المقبل بحُلة جديدة تستهدف سياحة إيمانية يحمل فيها على كتفيه عبء التجديد حتى لا يمل، وسيكون محورها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يعرض آفاقا جديدة عن طريقة تعامل النبي الكريم مع كل مجال من مجالات الحياة اليومية التي نعيشها». حتى على موقعه الإلكتروني هناك جاذبية خاصة وتلقائية لتصفح أبوابه من خلال الإرشادات الدينية المبسطة مثل: «هل تحب قيام الليل.. جرب هذا الأسبوع ولو ركعتين خفيفتين بعد صلاة العشاء وستجد نورا في وجهك، سئل الحسن البصري، ما بال الذين يقومون الليل أضوأ الناس وجوها فقال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورا من نوره». ومن يتتبع عمرو خالد لن يستطيع أن يضعه في خانة الدعاة أصحاب الفكر السياسي؛ الذين لهم باع في المؤاخذات السياسية ، بل إنه منذ البدايات أجاد الخطابة أمام كاميرات التلفزيون، وسلك طريقا موازيا للفتوى واللغة السياسية؛ ألا وهو طريق الشعبية، وأكد في كل منبر يعلوه أنه ليس أهلا للفتوى، وليست السياسة ملعبه. وربما يكون أفضل ما أضافه للسيرة استخدامه للغة عصرية مألوفة في شرح السيرة النبوية. وهذا يرجع كما قلنا لاهتمامه بمقارنة الأديان ولحياته في لندن لفترة، جعلته يحرص على تبسيط الدين بلغة حديثة. * بماذا تحب أن يلقبك الناس البسطاء في شوارع العواصم العربية الشيخ عمرو أم الأستاذ أم الداعية أم المصلح؟ - عادة يناديني الناس والشباب في البلاد العربية بلقب الأستاذ عمرو خالد، وهو اللقب المفضل عندي، لكن في النهاية مسألة الألقاب مسألة بسيطة والأهم هو حقيقة ما تؤديه وليس اللقب في حد ذاته. لذلك فإن دور المصلح هو جوهر الرسالة، أما الألقاب فإنها زائلة لأننا كلنا إلى زوال. * عندما تقدم رسالة فأنت تختار قدوة تقدمها للشباب في برامجك. في العادة من القدوة التي تقدمها؟ - أنا أدعو الشباب إلى الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد دعانا الله لذلك حين قال «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» ولذلك فأنا أسعى لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قدم لنا صورة الإنسان النموذج في الأخلاق والعبادة والنجاح في الحياة. فإذا كان هناك شاب يريد أن ينجح في حياته العملية فلن يجد من البشر أفضل من رسول الله يتلمس من خلال خطاه طريق النجاح. خاصة أن رسالة النبي متجددة لكل العصور، فإن كل ناجح هو نجم عصره لأنه استطاع أن يقرأ معطيات عصره. أما رسول الله فهو الوحيد الذي قدم رسالة لكل العصور. * من وجهة نظركم ما الذي حققه برنامج «مجددون» حتى الآن بعد أن انقضت تقريبا نصف حلقاته؟ - حتى الآن يقدم «مجددون» فكرا جديدا في العمل الخيري والتطوعي لكنه أيضا يقدم ذلك في شكل مميز وجذاب يعرض على الشاشات كأول عمل رسالي في قالب تلفزيون واقع شيق وجذاب. وبالتالي فإن هذا في حد ذاته تمكن من كسر حاجز عند أصحاب رسالة الإصلاح وهو تقديم أعمالهم في صورة شيقة وجذابة. وأستطيع أن أقول إن برنامج «مجددون» تمكن من تحقيق المعادلة الصعبة بين تقديم برنامج ترفيهي وجذاب ورسالة خير وإصلاح في برنامج واحد. ثم إن هؤلاء الشباب المجددين ال 16 المنتمين إلى 9 دول عربية بدأوا يظهرون في بلادهم كنماذج متميزة وقدوة يقتدي بها كثير من الشباب في العمل الخيري والتطوعي والنجاح في الحياة. * ما فكرة برنامجكم الذي ستبثونه في شهر رمضان المقبل.. وهل بدأتم في العمل عليه؟ - برنامج رمضان المقبل سيكون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وهو يعرض آفاقا جديدة عن طريقة تعامل النبي مع كل مجال من مجالات الحياة التي نعيشها، لنخرج في النهاية بخطوات عملية نستطيع أن نعيش بها في حياتنا العملية مستخرجة من طريقة تعامل النبي في هذا المجال.. هذه أول مرة أصرح عن برنامجي هذا من خلال «الشرق الأوسط»، البرنامج سيكون «مع رسول الله صلى الله عليه وسلم». * من هم أصدقاء عمرو خالد الحميمون الذين يأنس بهم ويمكن أن يفضفض لهم بمواجعه وهمومه؟ - أصدقاء عمرو خالد المقربون هم من بدأوا معه مشوار الرسالة قبل 15 سنة. وهم في الوقت نفسه هم من يحب أن يتحدث معهم. بعض هؤلاء هم أصدقاء عمرو خالد منذ مرحلتي الثانوية والجامعة. كذلك فإن زوجتي وابنيّ علي وعمر وأبي وأمي وأختي هم فعلا أصدقاء حميمون وقريبون مني. ثم إن هناك نوعا ثالثا من الأصدقاء الحميمين ولكن دون أن نلتقي وهم الجمهور الذي يتفاعل والشباب على موقع عمرو خالد دوت نت فهؤلاء بالفعل قريبون مني للغاية. ربما لم أتعرف على بعض هؤلاء عن قرب، لكن هناك طاقة متبادلة وهناك أمل متبادل، فهؤلاء يدفعون فيّ الأمل بحماسهم وأنا أدفع فيهم العمل بكلامي. ثم إنني حريص على ألا أتوارى عن الناس، وحريص على أن أكون وسطهم حتى رقم هاتفي المحمول فهو مع الجميع. ولا يوجد لديّ تليفون خاص أو رقم خاص. فهو رقم واحد فقط متاح للجميع لأنني أؤمن أن جزءا من نجاح الرسالة هو التعامل مع الناس. * هل تعتقد أن برامجكم السابقة حققت أهدافها على الأرض مثل «ونلقى الأحبة» «صناع الحياة» «دعوة للتعايش»؟ - أعتقد والحمد لله أن البرامج السابقة حققت نجاحات كبيرة على الأرض. فبدرجات متفاوتة حدث ذلك، ولكن هناك آثار ملموسة بفضل الله وحده ونعمته وكرمه، هذه الآثار يراها الناس جميعا.. وأكبر سعادة لي أن هذه الآثار تتحقق بالفعل. وليس من المهم من الذي حقق هذه الآثار ولكن أنا أعتقد ببساطة أن رسالتي هي رسالة خير وإصلاح وليست رسالة شر أو عنف. وعلى مستوى الإيمان والتدين هناك أشياء كثيرة حدثت في أوساط الشباب وكذلك في مجال العمل التطوعي والتنموي. فهناك مشروعات كثيرة من بينها صناع الحياة وحملات مواجهة المخدرات والمشروعات الصغيرة. كل تلك الأمور تركت آثارا إيجابية وأعتقد أن أهم شيء تحقق هو بناء فكر جديد بين الشباب عن أهمية العمل التطوعي والخيري والتنموي. ولو لم يتحقق إلا انتشار هذا المفهوم لكان ذلك نجاحا لا بأس به في هذه المرحلة. * هل مزاج الشعب المصري يتجه إلى الدين بالعادة رغم هذا الكم الهائل من المشكلات والبطالة التي تحيط به؟ - الشعب المصري بطبعته شعب متدين. الإيمان جزء من تركيبه. بالتالي فإن الظروف الاقتصادية والاجتماعية سواء كانت سلبية أم إيجابية لا تزيد الشعب المصري إلا إيمانا وتدينا، وليس ذلك لأنه لا يتأثر بتلك الأمور ولكن لأن جذور التدين عند الشعب المصري عميقة وراسخة. * من على البعد من بريطانيا، هل ترى أملا في أن تتحسن الأوضاع في مصر؟ وما هو أكثر ما يخيفك على مصر؟ - أنا لست ببعيد فأنا أعيش بين مصر ولندن. ثانيا أنا بطبيعتي عندي أمل كبير ومتفائل بشدة بأن المستقبل سيكون ليس لمصر فقط وإنما للعالم العربي الذي أتوقع أن يشهد خيرا كثيرا وانطلاقة نحو الأفضل ونحو النهضة وأعتقد أن السنوات العشر المقبلة ستكون انطلاقة أمل نحو مستقبل أفضل لبلادنا. وأكثر ما يخيفني على مصر هو عدم استثمار طاقات الشباب الاستثمار الأفضل وألا يشاركوا بقوة في إصلاح بلادهم. فإذا أدخلنا الشباب في معادلة الإصلاح والعمل الخيري والتطوعي سنكون قد تمكنا من حماية هؤلاء الشباب من الانحراف السلوكي ومن التطرف وفي الوقت نفسه نكون قد أضفنا عنصرا جديدا وقويا إلى هذه المعادلة وهو الشباب ليشارك في حل مشكلات بلادنا المستعصية. * هل يمكن أن تصف لقراء «الشرق الأوسط» يوما في حياة الأستاذ عمرو خالد منذ الفجر وحتى آخر الليل؟ - أنا في بريطانيا ويومي كالتالي.. أستيقظ مع صلاة الفجر، فاليوم يبدأ عقب صلاة الفجر مباشرة. ومن الفجر أبدأ في التحضير لبرنامج رمضان لساعات طويلة. ثم أتابع موقع عمرو خالد دوت نت وصفحتي على فيس بوك، ثم أمارس الرياضة سواء في (الجيم) أو ألعب الكرة مع بعض الأصدقاء. ثم قراءة القرآن ثم التواصل بالتليفون لمتابعة المشروعات التي أقوم بها وأتواصل مع الأصدقاء ثم أنا من هواة المطاعم، فينتهي يومي بعشاء ثم القراءة حتى النوم. وفي الغالب أنا أنام في حدود 5 ساعات يوميا. * لماذا امتنعت محطات فضائية عن بث برامج مثل «مجددون» و«قصص القرآن» و«نلقى الأحبة» رغم فائدتها الكبرى لعوام الناس؟ - هذا الكلام غير صحيح، فبرنامج «قصص القرآن» عرض على قناة «المحور» سواء الجزء الأول أو الثاني. وكذلك برنامج رمضان العام المقبل سيعرض أيضا إن شاء الله على القنوات المصرية. ثم بالنسبة ل«مجددون» فهو يعرض حصريا على «قناة دبي» التي شاركت في إنتاجه، وبالتالي فمن حقها العرض الأول، لكن ذلك لا يمنع أن يكون العرض الثاني في عدة قنوات عربية. * تعرض الأئمة الأربعة إلى مشكلات كبيرة في حياتهم. فهل يتعرض الدعاة اليوم لمشكلات أيضا؟ - ليس الأئمة الأربعة فقط وليس الدعاة فقط، هناك سنة من سنن الحياة أن كل صاحب رسالة يعيش بين البشر يتعرض لمعوقات تواجه رسالته. ولو نظرنا بشكل أعمق لوجدنا أن هذه المعوقات تفيد الرسالة وتعطيها مذاقها. فلو أن كل نبي جاء لقومه فآمنوا به أين ستكون القصة وأين ستكون الدروس المستفادة. * مع كثرة القنوات الفضائية ظهر دعاة شباب كثر، دائما ما يوجه إلى بعضهم انتقادات من شيوخ الأزهر بزعم أنهم ليسوا ضالعين في الفقه والشريعة؟ - كل موضوع في الحياة يجب أن ننظر له على أن له جانبين، جانب إيجابي، وجانب سلبي، والجانب الإيجابي في هذا الموضوع هو أن هؤلاء الشباب تأثروا وتحمسوا بعد رؤية تجربة نجاح قام بها دعاة قبلهم مثلي ومثل غيري. هؤلاء الشباب تفاعلوا مع تجربة الدكتور عائض القرني وتجربة الشيخ العريفي وتجربة أحمد الشقيري وتجربتي أيضا، فهذا جانب إيجابي أن هؤلاء الشباب وجدوا في هؤلاء الذين سبقوهم قدوة أرادوا أن يكونوا مثلها. أما الجانب السلبي فيتمثل فيمن يتكلمون فيما لا يعرفون أو يتعرضون للفتوى وهم ليسوا أهلا لها، وأنا أعتقد أن أغلب الشباب الجدد حريصون على أن يبتعدوا عن الفتوى بل إنهم يعملون على نصيحة أمثالهم من الشباب بما هو خير ومعلوم من الدين بالضرورة. وفي ضوء ذلك فأعتقد أن وجودهم شيء إيجابي. * التقيت الباحث السويسري باتريك هاني منذ أيام في لندن وأشاد بك كثيرا، لأنك ساعدته في كتابه الأخير «معارك حول الإسلام في الغرب» وقال إنه زارك في برمنغهام وأنا أسألك لماذا يقع مكتبك في برمنغهام وليس في لندن العاصمة؟ - أولا أنا سعيد بفضل الله أنني صرت وجه الإعلام الغربي فيما يتعلق بمعرفة حقيقة الإسلام العظيمة وحقيقة النبي العظيم صلى الله عليه وسلم وقد أتيح لي هذا الدور الذي أعتبره فرصة كبيرة لنا كمسلمين لنعبر نحن عن حقيقة ديننا وليس أن يعبر غيرنا عنه أو يتكلم غيرنا باسمه. أما بالنسبة لماذا أعيش في برمنغهام فذلك لعدة أسباب: أولا لأن لندن مدينة صاخبة وأنا أحتاج إلى التركيز حتى أكون قادرا على تحضير المادة العلمية، لذلك فأنا أسكن في مصر خارج القاهرة في منطقة الشيخ زايد وأسكن في إنجلترا خارج لندن في برمنغهام. أما السبب الثاني (وهو يضحك) فهو سبب اقتصادي مادي وهو ببساطة أن برمنغهام أرخص بكثير من لندن، لذلك فإن بيتي ومؤسسة «رايت ستارت» الخيرية التي أترأس مجلس أمنائها تدير كل أعمالها حول العالم من برمنغهام. ثم إن الله منّ علي بنعمة عظيمة في بيتي في مصر وبيتي في برمنغهام وهي أن كليهما ملاصق لمسجد كبير مما يجعلني حتى وأنا في برمنغهام قادر على أن أصلى على الأقل 3 أو 4 صلوات في جماعة وهذه نعمة كبيرة لم أخطط لها، ولكنها رحمة من الله بي وبأولادي. * هل أتيحت لكم في بريطانيا فرصة لتخاطب الناس بعيدا عن الفضائيات والساحة مفتوحة هنا ولا حرج، في المساجد والجامعات والمنتديات، كما أن دعوتك سمحة وسطية ولن تثير ضيق أحد. ألا ترى أن التواصل المباشر مع الناس يكون أفيد للدعوة؟ - أنا أمارس عملي الدعوي في بريطانيا بمنتهى الحرية والقوة في المساجد وفي القاعات وفي البيوت وبين الجاليات فأنا دائما ألبي دعوة الجالية السورية والجالية الخليجية واتحاد جامعات الكويت والخليج ومصر. كما أنني بدأت العام الماضي سلسلة محاضرات باللغة الإنجليزية موجهة للمسلمين غير المتحدثين بالعربية. * عمرو خالد يدعو إلى الإنتاج ودفع الشباب لأن يكونوا مفيدين لبلدهم مصر، كما قال الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله. هل ترى أن هذه المقولة ضايقت البعض؟ - غير صحيح على الإطلاق، فالجميع يؤمن أنه لا أمل لتفعيل إنتاجنا دون تفعيل الشباب، والشباب هم أهم وأكبر شريحة موجودة الآن في العالم العربي، هؤلاء الشباب يمتلكون قلوبا خضراء نقية لم تلوثها ألاعيب الدنيا. وكما أقول دائما إن أكبر ثروة يمتلكها العالم العربي هو الشباب. وأنت عندما تنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم تجد أنه قد توجه بدعوته إلى شريحة لم يكن يلتفت إليها أحد ألا وهي شريحة الشباب. ودار الأرقم بن أبي الأرقم كانت عبارة عن لقاء في بيت شاب هو الأرقم، وهل هاجر النبي من مكة إلى المدينة إلا وفريقه الذي ساعده في الهجرة كلهم من الشباب (علي بن أبي طالب وأسماء بنت أبي بكر) وهل جمع القرآن أحد إلا الشاب زيد بن ثابت وهل كان أسامة بين زيد قائد الجيش الإسلامي إلا شابا دون العشرين. لذلك أنا تعلمت حب الشباب والثقة بهم والاعتماد عليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. * أعلن أخيرا في اليمن عن مشروع الوسطية للأئمة والدعاة، فما هو هذا المشروع وهل سيتم تعميمه على الدول العربية؟ - هذا مشروع ما زال عبارة عن فكرة تتطور إلى حيز التنفيذ فمن السابق لأوانه الحديث عن فكرة لم تجرب بعد. * يعلن في الدول العربية من آن لآخر عن مشروعات باسم «مجددون» مثل حملة التبرع بالدم في مصر وحملة رعاية اليتيم في الجزائر، فما علاقة تلك المشروعات ببرنامج «مجددون» الذي يعرض لكم حاليا؟ - عندما قدمنا «مجددون» قدمناه ليظهر نماذج لشباب يؤمنون بالعمل الخيري والتطوعي في العالم العربي ويخدمون بلدانهم ويقدمون الخير للناس، وبالتالي فإنهم يقومون بهذه الأنشطة في بلادهم دون توجيه مني، ولكن لأنهم مبادرون ومحبون لأوطانهم وهذا هو النجاح الحقيقي، حيث أنهم لا ينتظرون مني أو من غيري من يأخذ بأيديهم لخدمة المجتمع ولكنهم يقومون بذلك بصورة فطرية وطبيعية بشرط أن يكون ذلك منسجما مع توجهات ولي الأمر في كل بلد. * بماذا تفسر الإقبال الكبير من الشباب على موقعكم الشخصي على الإنترنت؟ - بفضل الله موقع عمرو خالد دوت نت صنف أثناء 2009 ضمن أفضل 500 موقع في العالم، وفقا لترتيب موقع ألكسا. والموقع ينافس على المركز الأول ضمن المواقع الشخصية عالميا مع أوبرا وينفري فأحيانا نسبقها وأحيانا تسبقنا وأعتقد أيضا أننا أعطينا للشباب على هذا الموقع مساحات ضخمة ليعبروا عن أفكارهم وأحلامهم وأنشطتهم في ضوء احترام الآخرين خاصة أنني أتفاعل مهم يوميا وأسبوعيا سواء برسائل فيديو مخصوصة للموقع أو باتصالات مباشرة مني وكلمات يومية أوجهها لهم. فقد صار موقع عمرو خالد دوت نت يمتلك دفء الأخوة والنشاط الذي يجمعنا مع الشباب. * هل من الممكن أن تكشف لقراء «الشرق الأوسط» عن خلطتكم السحرية للتحضير التي تؤدي في النهاية إلى برامجكم؟ - الحالة النفسية أثناء التحضير تمر بعدة مراحل، فالمرحلة الأولى مرحلة الإصرار والتحدي الشديد على جمع وقراءة كل ما كتب في الموضوع الذي سأتكلم فيه. والمرحلة الثانية هي مرحلة وضع الهدف من البرنامج أو الكلمة. والهدف يكون نابعا من احتياجاتنا ومشكلاتنا المعاصرة. والمرحلة الثالثة وهي مرحلة قائمة على التخيل فأنا أجلس في مكتبي أو في مكان مفتوح أتخيل كيف سيتفاعل الشباب مع هذه المحاضرة وأحيانا أعيد الكتابة عدة مرات لأنني أحضر بعيون شاب في العشرين من العمر أو امرأة في الثلاثين من عمرها ثم أعيد التخيل لأضعه في عيون أم من أمهاتنا أو رجل كبير من آبائنا فأضع أمثلة جديدة وأفكارا جديدة تخدم الشرائح المختلفة. ومرحلة التخيل هذه هي أصعب مرحلة في التحضير. ثم المرحلة الرابعة وهي مرحلة مشاهدة حياة الناس، بمعنى أنني أنزل إلى الناس في أماكن تجمعاتهم وأحاول قراءة كيف يعيشون وفيما يفكرون لأسقط أفكار البرنامج على حياتهم الفعلية حتى لا أعيش في برج عاجي أو أكون منعزلا عن الناس وهذه المرحلة تجعلني أدخل الكثير من التعديلات في ضوء مشاهدتي لاحتياجات الناس. والمرحلة الأخيرة هي مرحلة الكتابة وهي تشبه المخاض وتكون شاقة عليّ وتجعلني أشعر أني أحمل حملا ثقيلا أريد أن أفرغه على الورق. وبالمناسبة أنا أكتب كل شيء سأقوله في البرنامج بالتفصيل حتى الأمثلة حتى النكت فأنا أحترم التحضير للوصول إلى الهدف ولا أخرج عن النص أبدا. وهذه هي الخلطة التي أحاول أن أقدمها للناس. * وسط الانشغالات الدعوية الكثيرة، كيف يرفه عمرو خالد عن نفسه؟ - أنا والحمد لله أعيش إلى حد كبير حياة متوائمة مع نفسي فأنا أمارس الرياضة خاصة كرة القدم بانتظام فلا يمر أسبوع إلا وألعب ماتش أو اثنين. وأنا أعشق المطاعم وأتذوقها جيدا وأشاهد مباريات كرة القدم وأتابع مسابقات الدوري المصري والسعودي والإنجليزي والإسباني وأحيانا أحضر بعض المباريات في الاستادات. أنا أحب رياضة المشي بشدة وفي أوقات كثيرة أمشي لمدة ساعة يوميا والكثير من الأفكار تأتيني أثناء المشي وتكون عندي مشكلة كبيرة في أني أبحث عن ورقة وقلم قبل أن تطير هذه الأفكار، وبالتالي فأنا أعتقد أن هذه الحياة المتوائمة والطبيعية هي عامل مهم في القدرة على التواصل مع الناس.