أثار رفض الداعية الدكتور علي بادحدح المشاركة في برنامج تلفزيوني على إحدى القنوات الإسرائيلية للحديث عن قضايا فلسطينية، موجة من الجدل حول مشروعية مشاركة العلماء في وسائل الإعلام الإسرائيلية، بينما أكد بعضهم أن المشاركة خاضعة لموازيين المصلحة والمفسدة وتختلف باختلاف الشخص والمكان والزمان والحال، وقال آخرون إن أي منبر مهما كان, يجب على المسلمين أن يقتحموه اقتحام الواثقين من رسالتهم بعيدا عن المساومة أو التميع في الأصول والثوابت. وكان الدكتور على بادحدح، وهو رئيس جمعية التحالف من أجل فلسطين "كلنا معكم" (وهي حملة شعبية سعودية تهدف إلى فك الحصار على قطاع غزة، انطلقت في يناير 2009)، قد كشف ل "لوطن" أنه تلقى إتصالا هاتفيا الأربعاء الماضي من شخص عرف نفسه بأنه "صحفي وسيط"، و قدم له دعوة للمشاركة في أحد البرامج التي تعرض على القناة الإسرائيلية العاشرة وذلك عبر مداخلة هاتفية. وذكر بادحدح أن هدف استضافته كان للحديث عن بعض القضايا الفلسطينية، كما قدم الصحفي الوسيط -بحسب بادحدح- تعهدا بأن المداخلة ستكون قائمة على مبدأ الحرية في الحديث ولن تتخللها أي مقاطعة من المذيع وستصاحبها ترجمة فورية أمينة، مشيرا إلى أن البرنامج يهدف إلى إبراز وجهات النظر المختلفة للرأي العام الإسرائيلي. وفيما يتعلق بأسباب الرفض، أوضح بادحدح أن مشاركة العلماء في وسائل الإعلام الإسرائيلية هو نوع من الاستدراج الذي بدأ بالسياسيين ثم انتقل إلى شرائح المثقفين وبعض الفنانين، مشيرا أن هذا الشبهات يراد بها أن تصل إلى ساحة أهل العلم والدعوة. وبين أنه شخصيا ضد هذه المشاركات لأنها كما يقول مؤشر على القبول بالكيان الصهيوني. وشدد بادحدح على أهمية المقاطعة قائلا "حين تكون هنالك وسيلة إعلامية مملوكة للمسلمين ناطقة بالعبرية حينها سنخاطب ما يسمى بالرأي العام الإسرائيلي". مختلفا مع هذا الرأي، قال مؤسس منتدى الوسطية على الإنترنت الدكتور محسن العواجي، إن أي وسيلة إعلام أو منبر مهما كان وأينما كان فلابد للمسلم أن يقتحمه اقتحام الواثق من رسالته الواضح في خطابه بعيدا عن المساومة أو التنازل عن الأصول والثوابت، مبينا "أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرتاد مجالس الكفار ونواديهم ويصدع بالحق الذي أمر به، ولم يترك وسيلة ولا مناسبة إلا وسلكها حتى يبلغ الرسالة". وطبقا لصحيفة " الوطن لاسعودية " فقد نفى العواجي أن تكون المشاركة نوعا من التطبيع أو الاعتراف بالكيان، مشيرا إلى أن التطبيع يتضمن الأخذ والعطاء، بينما دعوة القوم إلى منهج المسلمين ودينهم ومعسكرهم فهذا ليس تطبيعا، وضرب مثلا بقصة الصحابي ربيع بن عامر الذي تحدث مع هرمز قائد الفرس وأوصل له الرسالة بعزة وعاد بعزة، ولم يؤانس العدو أو يجالسه أو يطمئن إليه. وأبدى العواجي عدم ممانعته من الظهور أو المشاركة في أي وسيلة إعلامية حتى لو كانت إسرائيلية، معتبرا المحطات الغربية أو الإسرائيلية كلها محطات على غير الملة، والفرق بينهما أن الأخيرة محطة محارب في حين أن المحطات الأخرى غير محاربة. الظهور خاضع للمصلحة الشرعية من جهته، أكد الداعية الإسلامي المعروف الدكتور عوض القرني، أن مشروعية مشاركة العلماء المسلمين في وسائل إعلام إسرائيلية خاضعة إلى موازيين المصلحة والمفسدة وهي تختلف باختلاف الشخص والمكان والزمان والحال، مشيرا إلى أن هناك شخصيات ليس لها حاجة على الإطلاق لأن تخاطب الشريحة التي تأخذ توجيهها من هذه الوسائل، وأضاف:"من يحمل لواء المواجهة والمقاومة بشكل واضح ليس من المناسب أن يشارك لأن ذلك سيعتبره بعضهم انتهازية و خيانة للمبادئ ، و قد لا يفهم الناس القصد منه". وأوضح القرني في حديثه ل "الوطن" "أن هناك شخصيات قد يقدَر ظهورها لتحقيق مصلحة في مخاطبة شريحة معينة بهدف خلخلة جبهة العدو الداخلية أو التأثير فيها أو توهينها نفسيا أو كشف التضليل الجماهيري ولإحداث اختراق نفسي، وأضاف:"حين إذن يكون الظهور أو المشاركة جائزة ومشروعة، وعدا ذلك فلا يجوز حيث إن الأصل المقاطعة" .