توقع اقتصاديون سعوديون وصول حجم الميزانية الفعلية للمملكة خلال العام الجاري إلى مستويات 615 مليار ريال، بزيادة نحو 50 بالمائة عن موازنة العام الماضي التقديرية. وأشاروا في تصريحات لصحيفة "الوطن" المحلية، إلى توقعات بارتفاع حجم المصروفات الفعلية عن المصروفات المقدرة في موازنة نهاية العام الماضي بنسبة 20 بالمائة، لتصل إلى حدود 569 مليار ريال، مقارنة بمصروفات مقدرة خلال العام الماضي بلغت 475 مليار ريال. ووفقاً لهذه التقديرات فإن الميزانية التقديرية لعام 2010، المتوقع صدورها مع بداية العام الهجري الذي يسبق بداية العام الميلادي بنحو عشر أيام، ستكون قريبة من الميزانية الفعلية للعام الجاري إن لم تفقها في ظل توجه الدولة نحو المشاريع التنموية، واستناداً إلى الاستقرار المريح في أسعار النفط. وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبد الحميد العمري إن المصروفات الفعلية يتوقع أن ترتفع عن المصروفات المقدرة في موازنة نهاية العام الماضي بحدود 20 بالمائة. وأضاف أنه بالنسبة للإيرادات يتوقع أن تقفز فعلياً خلال هذا العام عن المُقدر بنحو 44 بالمائة إلى 50 بالمائة، لتصل مستويات تقارب من 590 إلى 615 مليار ريال، مقارنةً بالمقدر البالغ 410 مليار ريال، أي بزيادة فعلية عن المقدر يتوقع أن تناهز من 180 إلى 205 مليار ريال. وأشار العمري إلى أن هذا يعني أن الميزانية الفعلية للدولة من المتوقع أن تحقق فائضاً ملفتاً قياساً على الأزمة المالية العالمية التي تمر بها الاقتصادات حول العالم، وتوقع أن يتراوح هذا الفائض بين 21 إلى 46 مليار ريال، موضحا أنه يُشكل نحو 1.1 إلى 3.25 بالمائة من حجم الاقتصاد السعودي مع نهاية العام 2009. وأرجع العمري هذه التقديرات الإيجابية في ميزانية الدولة الفعلية للعام الحالي إلى تخطي متوسط سعر برميل النفط حاجز 59 دولارا، مقارنة بمتوسط كان قد قدر عند مستويات 40 دولارا في موازنة العام الماضي التقديرية. وقال العمري "هذا الفائض بدوره كفيلٌ بإعطاء عدد كبير من المؤشرات المتينة حول مستقبل الاقتصاد السعودي، مع عدم إغفال السياسة التوزيعية للمصروفات المقدرة للعام القادم، التي من المتوقع أن تتركز على تحسين مستويات المعيشة بصورةٍ أكبر تساهم في تعزيز قدرة الفرد على مواجهة تحديات غلاء المعيشة بالدرجة الأولى، إضافةً إلى زيادة الإنفاق على الجوانب التعليمية والتدريب والتأهيل، والقطاع الصحي بمختلف تفرعاته". وتوقع العمري زيادة إنفاق على تنمية وإصلاح البنى التحتية في مجال الخدمات البلدية والقروية والصرف الصحي والنقل والمواصلات داخل وبين المدن والقرى، مضيفا "بالتأكيد أن زياداتٍ سخية بمثل هذه الصورة المتوقعة، ووفق منهجية تأخذ بعين الاعتبار ضرورة معالجة العديد من الاختلالات التي كشفتها مؤخراً السيول والفيضانات التي تركت آثاراً مدمرة وراءها". من جهة أخرى، أكد المدير التنفيذي لشركة "ثراء للاستشارات المالية" عبد الله البراك، أن بلوغ مستوى حجم الميزانية العامة للدولة هذا العام مستويات 600 مليار ريال منطقي جدا. وقال البراك "إذا ما أخذنا في الحسبان متوسط سعر برميل النفط 59 دولارا، مقارنة بمتوسط العام الماضي الذي اقترب من حاجز 100 دولار، فإن التقديرات الأولية تشير إلى أن ميزانية هذا العام قريبة من مستوى 600 مليار ريال مقارنة ب 1.1 تريليون ريال كميزانية فعلية في العام الماضي". وأشار البراك إلى أن العام 2008 كان عاما استثنائيا، وقال "من غير المنطقي أن يصل سعر برميل النفط لمستويات تجاوزت 140 دولارا في العام الماضي، مما تسبب في ارتفاع موجة التضخم آنذاك". وتوقع البراك وجود فائض جيّد في ميزانية الدولة الفعلية للعام الحالي، مرجعا ذلك إلى السياسة المالية المتحفظة للمملكة، وهي السياسة المالية التي أثبتت ملاءتها ونجاحها التام في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعيشها العالم. إلى ذلك، توقع الخبير الاقتصادي فيصل العقاب أن تكون ميزانية الدولة الفعلية للعام الحالي إيجابية للغاية، وقال "في ظل الأزمات المالية التي تعيشها الكثير من دول العالم، فإن المملكة من المتوقع ألا تشهد عجزا في ميزانية هذا العام الفعلية، وهو أمر يؤكد على متانتها الاقتصادية.