مع مطلع هذا الأسبوع، وافق مجلس الوزراء السعودي على تفويض وزير ماليتها، بالتوقيع مع وزارة الخزانة في الولاياتالمتحدة الأميركية على مشروع اتفاقية بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة الولاياتالمتحدة الأميركية لتحسين الامتثال الضريبي الدولي وتنفيذ قانون الامتثال الضريبي للحسابات الأجنبية (فاتكا). الاتفاقية بين البلدين وصلت لآخر مراحلها، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منها مع مطلع العام 2015. اتفاقية "فاتكا" أحدثت ضجة في المجتمع الدولي، خصوصا بعد أن توسعت الحكومة الأميركية في مد أذرعها لتعقّب كل من يحمل الجنسية الأميركية لكشف البيانات المالية للسلطات المختصة. في عام 2010 وافق الكونغرس الأميركي على قانون الامتثال الضريبي للحسابات الأجنبية أو ما يسمى اختصارا FATCA، والذي يهدف إلى إعطاء صلاحيات أكبر للسلطات المختصة خارج الحدود الأميركية، مثل مصلحة الضرائب وغيرها للوصول إلى البيانات المالية لكل من يحمل الجواز الأزرق. "فاتكا" الذي سينعش خزينة الضرائب الأميركية كان الهدف منه تعقب الأميركيين المتهربين من كشف بياناتهم المالية، خصوصا من لديهم جنسيات أخرى بجانب الجنسية الأميركية. السعوديون الحاصلون على الجنسية الأميركية ستطالهم ذراع العم سام لتفقد حساباتهم المالية داخل الحدود السعودية. وبحسب القانون الفيدرالي فكل مواطن أميركي بالغ أو من لديه الإقامة الأميركية يجب عليه الإفصاح عن دخله السنوي لمصلحة الضرائب بغض النظر عن مقر إقامته، ومن ثم ستقوم مصلحة الضرائب من التأكد من هذه البيانات وتحديد القيمة المالية لما سيدفعه المواطن الأميركي لخرينة الدولة، لكن العائق القديم هو أن مصلحة الضرائب ليس لديها السلطة للوصول إلى هذه البيانات خارج الحدود، لذا قامت بالاستعانة بفاتكا. ويقدر عدد السعوديين الحاملين للجنسية الأميركية ب200 ألف، وقد حصل أغلبهم على الجنسية بالولادة على الأراضي الأميركية في حقبة السبعينات والثمانينات الميلادية مع أولى طلائع الابتعاث. وهذا العدد مرشح للازدياد مع تكاثر أعداد المواليد للطلبة المبتعثين في الفترة الراهنة، مما يعني استثمارا مستداما لتغذية الخزانة الأميركية بالضرائب لكل من يتمتع بالجواز الأزرق. وفي أول تجاوبها مع الاتفاقية الجديدة، قامت البنوك السعودية كغيرها من عشرات البنوك حول العالم باستحداث أنظمة وقوائم معلومات لتزويد الحكومة الأميركية ببيانات كل مواطن أميركي تزيد قيمة ممتلكاته المسجلة في البنوك السعودية على 50 ألف دولار، أو بلغت قيمة ممتلكاته 70 ألف دولار في أي وقت خلال السنة الضريبية. يذكر أن مكان الميلاد المسجل على الهوية الوطنية هو أولى الخطوات لتمييز حامل الجنسية الأميركية، إضافة إلى أية معلومات مرتبطة بالحساب البنكي وتدل على علاقة بالولاياتالمتحدة مثل العناوين والهواتف والتحويلات البنكية من أو إلى الولاياتالمتحدة، بالمقابل ستقوم الحكومة الأميركية بالحجز على 30 بالمئة من مدخرات البنك في السوق أو الحسابات الأميركية إذا لم يلتزم بالإفصاح عن هذه المعلومات. المستهدف الأكبر من هذا التقصي هي الحسابات الضخمة للمواطنين الأميركيين المتهربين من الإفصاح عن دخلهم السنوي خلف جنسيات أخرى. ووفقا للتقارير الأميركية فأعداد المتقدمين للتنازل عن جنسيتهم الأميركية في ازدياد مستمر حول العالم، ففي عام 2012 تقدم 933 أميركيا للحصول على شهادة التنازل عن الجنسية الأميركية، وفي عام 2013 تزايد العدد إلى 3014 شخصا، أما في النصف الأول من هذا العام فبلغ العدد 1579. وبحسب القانون الأميركي فعلى كل من يرغب بالتنازل عن الجنسية أن يتقدم إلى السفارة الأميركية شخصيا، وأن يوقع على الحلف باليمين للتنازل عن جنسيته الأميركية، وبعد أن تقوم السلطات الأميركية بإجراءاتها، وفي حال الموافقة سيتم تزويد الشخص المتنازل بوثيقة تثبت التخلي عن الجنسية الأميركية. يذكر أن الأطفال أو القصر الحاملين للجنسية قد لا يحق لهم التنازل حتى يبلغوا السن القانونية، حتى الوالدان قد لا يحق لهما المطالبة بالتنازل عن الجنسية الأميركية لأبنائهما.