الكافيين هو المخدر الذي لا يستطيع معظمنا العيش بدونه – ولكن هل نملك أي فكرة عن مقدار الكافيين في الجرعة اليومية؟ اليكم التفاصيل وفق تقرير "مكة أون لاين": بهذا السؤال انطلقت صحيفة الجارديان البريطانية، لتعد تقريرا مطولا عن مضار الكافيين الموجود في القهوة، وكذلك مشروبات الطاقة التي حظرت السعودية الإعلان عنها في وسائل الإعلام كافة، ورعاية الأنشطة الرياضية والاجتماعية، أو توزيعها بالمجان، مع إلزام الشركات المصنعة بكتابة عبارة باللغتين العربية والإنجليزية تتضمن التحذير من خطرها. جاء في تقرير نشر أخيرا: هنالك كيس محكم الإغلاق في داخله بودرة بيضاء، مجهز على مكتبي حتى قبل أن أصل. سيتعرف الكيميائيون على هذه المادة باسم «زانثين الميثيل» وهي تتكون من بنى كريستالية صغيرة. لقد كنت تحت تأثير هذا المخدر كل يوم تقريبا على مدى 25 عاما. إنه الكافيين الذي يجعلنا نشعر بالراحة عند تناوله باعتدال، ولكنه مخدر دائما ما يتم الاستخفاف به. يجب استهلاك نحو 50 كوبا من القهوة دفعة واحدة، أو 200 كوب من الشاي، لنصل إلى مستوى مميت من الكافيين – ولكن إذا اتجهنا مباشرة إلى البودرة، فيمكننا الحصول على كثير من الكافيين وبسرعة شديدة. البودرة القاتلة --------------- في التاسع من أبريل 2010، ارتاد مايكل بيدفورد (23 عاما) حفلة بالقرب من منزله الواقع في مانسفيلد، حيث تناول ملعقتين كاملتين من بودرة الكافيين التي اشتراها عبر الانترنت، وابتلعها بمشروب طاقة. بدأ بالتخبط في الكلام ثم تقيأ، وأخيرا انهار ومات. وعلى الأرجح أنه تناول أكثر من 5 جرامات من الكافيين. وقال الطبيب الشرعي إن سبب الوفاة «آثار تسمم القلب» بالكافيين. ما مقدار الكافيين الذي يستهلكه الشخص يوميا؟ عندما يسأل أحد عن عادات الكافيين الخاصة بنا، نعمد إلى ذكر عدد أكواب القهوة التي نشربها. ولكن هذا مقياس غير مناسب على نطاق كبير. كوب واحد من القهوة 40 ملليترا (الحجم المستخدم غالبا في دراسات استهلاك الكافيين) قد يحتوي على أقل من 60 ملجراما من الكافيين، بينما كوب بسعة 450 ملليترا قد يصل تقريبا إلى 10 أضعاف تلك الكمية، وكلاهما يقع تحت مسمى الكوب الواحد من القهوة. مقياس الجرعات ---------------- وفي جهد لجعل هذا الأمر أسهل، ابتكر مقياس يسمى ب «جرعة الكافيين القياسية». تعادل الجرعة القياسية 75 ملجراما، أي ما يعادل تقريبا جرعة من «الايسبريسو»، أو 150 ملليترا من القهوة، أو عبوة 250 ملليترا من مشروب الطاقة، أو عبوتين 350 ملليترا من المشروبات الغازية، أو نصف لتر من المشروبات الغازية للحمية (دايت). يستهلك الشخص ما يقرب من أربع أو خمس جرعات يوميا، وعند استهلاك جرعتين يشعر بأنه بطيء، بينما يشعر بالنشاط المفرط عند استهلاك 7 جرعات. ليس من السهل معرفة مقدار الكافيين الذي يحتويه الكوب اليومي من القهوة. فخبير السموم الجنائي بروس جولد بيرجر اعتاد العمل في بالتيمور، حيث كان يقوم بالتعرف على العقاقير المميتة في دم ضحايا الجرعات الزائدة، ولكنه حوّل انتباهه إلى سؤال أكبر: ما مقدار الكافيين الذي نحصل عليه من مشروباتنا؟ قام هو وزملاؤه بتحليل مكونات مشروبات القهوة، ونشر النتائج 2003. لقد وجدوا اختلافات هائلة في مقدار الكافيين بين شركات القهوة المختلفة وأيضا بين أنواع القهوة من الشركة نفسها. وفي سياق تجاربه، اشترى كوب قهوة 480 ملليترا من أحد فروع «ستاربكس» لستة أيام متتالية. وفي كل مرة كان يطلب المشروب ذاته. ووجد في الكوب الأقل احتواء على الكافيين، 260 ملجراما، فيما احتوى كوب آخر على ضعف هذه الكمية، في حين وجد في كوب ثالث كمية كافيين هائلة 564 ملجراما. توازن عبقري ------------- ومن أجل دراسة نشرت في 2012، قام الباحث الأسكتلندي توماس كروزير وزملاؤه بشراء 20 كوبا من الايسبريسو من مقاهي مدينة جلاسكو، ووجدوا أن الكافيين فيها تفاوت بين 56 و196 ملجراما لكل 28 ملليترا. كما وجدوا 4 مقاه تقدم ايسبريسو يحتوي على أكثر من 200 ملجرام من الكافيين. وتساعد دراسات كروزير وجولد بيرجر في الإجابة على سؤال طرحه كثيرون من شاربي القهوة: لماذا يضعك كوب واحد من القهوة في بعض الأيام في توازن مطلق وعبقري ومسترخ ومفعم بالحيوية، وفي أيام أخرى لا يكفي حتى لتفتح عينيك؟ وفي أحيان أخرى، يرسلك ذات الكوب من ذات المقهى إلى القمر هائجا ومتلهفا مع تسارع نبضات قلبك؟ السبب هو اختلاف معدلات الكافيين في القهوة بشكل درامي، تبعا لظروف الزراعة الطبيعية وتنوع نبتة القهوة وقوة التخمير. خبير العقاقير ------------- يقول الباحث في العقاقير رولاند جريفيثس: أنا خبير في الآثار النفسية للعقاقير والأدوية، لذا فأنا مهتم بآثار العقاقير التي تعدل المزاج..الكافيين بالنسبة إلي على الأرجح أكثر المركبات إذهالا، لأنه بكل وضوح نفسي المفعول، ولكنه مع ذلك مقبول كليا في جميع أنحاء العالم. ويضيف: مع أن الكافيين لا يعد عقارا يساء استخدامه، إلا أنه يحمل كل الصفات وهي أنه يعدل المزاج، ويولد تأثيرا جسديا لدى الانقطاع عنه. وكان جريفيثس يستهلك الكافيين بكثرة عندما بدأ بتجاربه، ويقول: أعتقد أن استهلاكي كان يصل إلى 500 - 600 ملجرام في اليوم، وربما أكثر. أي أكثر من لتر من القهوة الجيدة. وعندما قرر دراسة آثار انسحاب الكافيين من الجسم، فعل ذلك بالطريقة الصعبة وعلى الصعيد الشخصي حيث انتقل من 7 جرعات يوميا إلى الصفر، مع التركيز الكامل على الفوضى التي تركها على جسمه وعقله. قام جريفيثس وزملاؤه كجزء من دراسات جدية باستخدام أنفسهم كفئران تجارب، معرضين أنفسهم لجرعة يومية 100 ملجرام من الكافيين. في إحدى التجارب، تم قطع الكافيين عنهم دفعة واحدة لمدة 12 يوما. عانى 4 من ال7 أشخاص تحت الدراسة، من أعراض شملت الصداع والفتور وعدم القدرة على التركيز. وفي المرحلة الثانية، قام الباحثون الذين ما زالوا على الجرعة اليومية من الكافيين (100مج) بإيقاف تناول الكافيين لأيام فردية يفصل بينها أكثر من أسبوع. في هذه الحالة أظهر كل من الحالات السبعة، آثارا للانسحاب ذات دلالة إحصائية. لم يقم هؤلاء العلماء بالانسحاب من جرعات هائلة من الكافيين، بل مجرد الكمية الموجودة في نحو 150- 240 ملليترا من القهوة، أي جرعة وثلث. وهذا كل ما يحتاجه الشخص ليتعلق بالكافيين. فضل الكفايين ------------- تدين إحدى شركات المشروبات الغازية بنجاحها إلى الكافيين، إذ احتوت تركيبتها الأولية على 80 ملجراما من الكافيين لكل حصة 250 ملليترا، وتم تسويقها كشراب مقو. كان ذلك في عام 1909 عندما حاولت وفشلت الحكومة الفدرالية الأمريكية للمرة الأولى في تطويق بزوغ اقتصاد الكافيين، مما ترك فراغا استمر إلى يومنا هذا. لطالما مارست هيئة الدواء و الغذاء الأمريكية FDA دورا تنظيميا مزدوجا للكافيين، حيث تقوم بتنظيمه في حال تمت تعبئته كدواء من غير وصفة، وتقوم غالبا بتجاهله عند دمجه مع المشروبات أو عند تصنيفه كمكمل غذائي. ولكن يبدو أن الجيل الجديد من منتجات الطاقة قد لفت انتباههم. وتتقدم المملكة المتحدة على الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بتصنيف الكافيين. بدءا بشهر ديسمبر، قامت وكالة معايير الغذاء Food Standards Agency بطلب تصنيفات جديدة لمشروبات الطاقة. حيث ستلزم المشروبات ذات تركيز كافيين يبلغ أكثر من 150 ملجراما حمل تحذير: «محتوى عال من الكافيين، لا ينصح به للأطفال أو الحوامل أو المرضعات». ويجب أن يوضع التحذير في نفس مجال الرؤية كاسم المشروب مع إظهار كمية الكافيين.