يرى الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الأحزاب وتيارات اليمين الديني والمؤسسة العسكرية والقوى المدنية تتحمل مسؤولية ما يعتبره إخفاقا في تحقيق الانتقال الديمقراطي في مصر بعد الاطاحة بحسني مبارك في فبراير شباط 2011، وذلك طبقا لما جاء في تقرير "رويترز" اليوم، واليكم التفاصيل: يقول حمزاوي في كتابه (هامش للديمقراطية في مصر.. محطات وقضايا تحول لم يتم) إن "ثورات المواطنين الديمقراطية لا تغير مجتمعاتها ودولها بين ليلة وضحاها بل هي تطلق طاقات التغيير الفردية والجماعية وقد تنجح شريطة الحفاظ على قوة دفعها ومكتسباتها الأولى." ويضيف المؤلف وهو برلماني سابق أن "ثورة 25 يناير" لم تحقق الانتقال الديمقراطي المنشود. ويحمل جماعة الإخوان "قسطا كبيرا" من المسؤولية بسبب عملهم طوال سنة من حكم الرئيس السابق محمد مرسي على "السيطرة على الدولة والهيمنة على الحياة السياسية وبناء شبكة تحالفات إقليمية ودولية مؤيدة لحكمهم... وتجاهلوا المساعي الحقيقية لإصلاح مؤسسات الدولة." ويسجل أيضا أن الأحزاب والقوى المدنية تتحمل جانبا من مسؤولية الإخفاق لأنها "عجزت عن تقديم رؤى وأطروحات جادة لبناء الديمقراطية... واكتفت عند بعض المحطات بالرفض والمعارضة" مشددا على أن ما يصفه بالخطأ الأكبر لهذه القوى هو "استدعاء الجيش إلى الحياة السياسية مجددا" حيث عزل مرسي في الثالث من يوليو تموز 2013. ويرى أن البديل الآخر لعزل مرسي "(كان) أن تصر القوى والتيارات الديمقراطية على... الضغط الشعبي السلمي والمتواصل بهدف حمل الدكتور محمد مرسي على قبول الانتخابات الرئاسية المبكرة. واليوم تقع هذه القوى والتيارات في خطأ جديد وتكرس الاستقطاب بينها وبين اليمين الديني." والكتاب الذي يقع في 455 صفحة كبيرة القطع أصدرته (الدار المصرية اللبنانية) في القاهرة ضمن سلسلة جديدة عنوانها (مسارات المرحلة الانتقالية.. من 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2013). وتؤرخ هذه السلسلة للتحولات السياسية في مصر على مدى 30 شهرا شهدت خلع مبارك ثم عزل مرسي بعد احتجاجات مليونية حاشدة على سياساتهما. ويقول الناشر محمد رشاد في مقدمة الكتاب إن هذه السلسة تسعى لرصد "أسباب فشل المرحلة الانتقالية في الوصول إلى الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة بعد ثورة عظيمة. ثورة 25 يناير" مضيفا أن هذه الكتب ستمثل "المادة الخام لعمل المؤرخين فيما بعد" حيث صدر ضمن هذه السلسلة كتابان هما (رئيس انتقالي.. ثورة مستمرة) لكمال الهلباوي و(للجماعة لا لمصر) لعماد جاد. ويقول حمزاوي إن جماعة الإخوان المسلمين والقوى المتحالفة معها اثناء حكم مرسي "تورطت في عصف بسيادة القانون وممارسات استبدادية استعدت قطاعات واسعة من المجتمع... وقعت أيضا انتهاكات لحقوق الإنسان... اعتبرت كافة هذه الخطايا منهية لشرعية رئاسة الدكتور مرسي الأخلاقية والقانونية والسياسية." ويرى ان ذلك كان سببا كافيا للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة وهو ما رفضه مرسي الذي أصر حتى يومه الأخير في الحكم على التمسك بما قال إنه "الشرعية". ويضيف أن جماعة الإخوان بعد عزل مرسي "تورطت في أعمال العنف الأهلي وانتهاكات حقوق الإنسان وتحريض على العنف... يتعين على اليمين الديني قبول مبدأ المساءلة والمحاسبة واحتمال نتائجها". كما يطالب قوى وجماعات اليمين الديني بتحديد علاقتها بالدولة الوطنية وإعلان الولاء للدولة وتماسكها ووحدة ترابها. ولا يرحب المؤلف بما جرى من ترتيبات للمشهد السياسي بعد عزل مرسي قائلا إن "نخب المال والأعمال وأذرعها الإعلامية قد سقطت أيضا في ذات الاختبار (الديمقراطية) سقوطا مروعا... النخب المصرية هي غير الجاهزة لكلفة الديمقراطية والمستعدة دوما للتخلي عنها والانقلاب عليها" في حين يصف وعي الشعب بأنه "حضاري ومبهر" لكن تشوها أصابه بسبب ما يعتبره عبثا من النخبة وإهدارها لقيم الديمقراطية. غير ان المؤلف في موضع آخر بالكتاب يقع في ما يمكن أن يكون تناقضا أو إساءة إلى "الوعي الشعبي الحضاري المبهر" حين يرجع تعثر التحول الديمقراطي إلى "الهيمنة الراهنة لمزاج شعبي غير مكترث بالحريات ويقبل المقايضة على حقوق الإنسان بحثا عن أمن لن يأتي به أبدا تكرر الانتهاكات ولن تمكن له فاشية الرأي الواحد" في إشارة إلى ما يراه مراقبون إقصاء للأصوات المعترضة على ترتيبات ما بعد عزل مرسي في يوليو تموز 2013. ويقول إنه إذا كان عام مرسي في الحكم "انتهى بانقلاب على صندوق الانتخاب... وعلى الشرعية الانتخابية فإن عام رئاسته شهد انقلابه هو على الشرعية الدستورية وسيادة القانون... وأخونة الدولة والتدخل السافر في السلطة القضائية إلى إعلان الاستبداد 21 نوفمبر 2012" في إشارة إلى إعلان دستوري وسع به مرسي سلطاته وحصن به قراراته السابقة واللاحقة من الطعن أمام القضاء.