ذكر تقرير أمس السبت أن مواطنون سعوديون مستاؤون طالبوا وزير سعودي بإيضاح حول تصريحات مستشار له قال فيها إن المواطن السعودي صاحب الدخل 3 آلاف ريال لا يستحق سوى 47 متراً مربعاً فقط للسكن. وتعاني السعودية - أكبر اقتصاد عربي - من أزمة إسكان متفاقمة. وتؤكد دراسة حديثة بأن 78 في المائة من السعوديين لا يمتلكون مساكن خاصة بهم بل يعيشون في شقق مستأجرة، في مقابل 22 في المائة فقط يمتلكون منازل خاصة مما يدل على أزمة سكنية تواجه الشعب السعودي. وفي مارس/آذار الماضي، قال مستشار وزير الإسكان السعودي عباس هادي إن الرسم البياني لدخل المواطن السعودي ومدى المساحة التي يستحقها موضحاً البيان أن المواطن السعودي صاحب الدخل 3 الآلف ريال يستحق 47 متراً مربعاً فقط كما أن ثلث الراتب سيذهب للمسكن". ووفقاً لصحيفة "سبق" الإلكترونية، طالب مواطنون من وزير الإسكان السعودي شويش الضويحي، إيضاح ما تم تداوله أخيراً من تصريحٍ أثار حفيظتهم واستغرابهم نُسب لمستشاره عباس هادي، جاء فيه "أن المواطن السعودي صاحب الدخل 3 آلاف ريال لا يستحق إلا 47 متراً مربعاً فقط للسكن، وأن ثلث راتبه سيُقتطع للمسكن". وعبّر عددٌ من المواطنين للصحيفة السعودية واسعة الانتشار عن استيائهم من مثل هذا التصريح المُحبط، مطالبين الوزير بإيضاحه، والعمل السريع على إصلاح أوضاع السوق الإسكاني بما يتناسب ودعم ولاة الأمر لمشاريع الإسكان حتى يستطيع المواطن السعودي مهما كان دخله أن يحصل على السكن المناسب له ولعائلته في الوقت المناسب من عمره. وشدّد المواطنون في مطالبتهم على أهمية شرح خطة الوزارة وإستراتيجيتها في حل "أزمة السكن"، وجهودها في دعم قطاع الإسكان الذي يعتبر حالياً هاجساً عند الكثير من المواطنين، وما قدمته حتى الآن من مشاريع لتخفيف معاناتهم من ارتفاع الإيجارات، وحمايتهم من استغلال العقاريين وأصحاب الوحدات السكنية لظروفهم. وحول هذا التصريح المنسوب لمستشار وزير الإسكان، قال المواطن السعودي سعيد السفياني "بصراحة فاجأني تصريح المستشار ولم أتوقع أن يجرأ أحد المسئولين على قول ذلك من الوزارة التي تعقد عليها آمال المواطنين في حل أزمة السكن". وطالب "السفياني" وزير الإسكان بشرح خطة وزارته في توفير السكن للمواطنين، فهو بحكم منصبه يعلم جيداً الظروف القاسية التي يعانيها أغلب المواطنين خاصة ذوي الدخل المحدود، وقال: "نريد إنجازاً على الواقع والبُعد عن التصريحات الرنانة التي لا تخدم المجتمع". ولا يُخفي المواطن السعودي حميد الدوسري أن الأمر تجاوز إلى حدٍّ خطيرٍ، قائلاً "كنت أعتقد فيما مضى أن أزمة السكن بسبب العقاريين ومبالغتهم في أسعار الأراضي، والآن تبين أن بعض المسئولين في وزارة الإسكان هم جزءٌ من المشكلة؛ لأنهم يعيشون في أبراجٍ عالية ولا يعلمون ما يدور في المجتمع، فكيف 47 متراً مربعاً تكفي مواطناً هو وعائلته ليسكن فيها". وأضاف "من الغريب أن تتخيل بلداً شاسعاً كالمملكة يعاني أغلب سكانه من عدم توافر سكن مناسب في ظل تحكم قلة من العقاريين.. حتى السكن المدعوم من الدولة يقال إنه يذهب في بعض الأحيان لما لا يستحقونه ويبقى المستحق يعاني". وقال إن "هذا لا يتماشى مع دعم خادم الحرمين الشريفين، وتوجيهاته لمشاريع الإسكان بأكثر من 250 مليار ريال في مختلف المناطق". وطالب وزير الإسكان بالمسارعة في حل مشكلة السكن نهائياً". ولم يجد المواطن السعودي حسن المالكي جواباً حول رؤيته لجهود وزارة الإسكان في وضع خطط وبرامج للمساعدة على انفراج أزمة السكن، حيث قال "حقيقة لا أعلم". لكنه أوضح "راتبي لا يتجاوز 3 آلاف ريال كمستخدم في إحدى الوزارات، وأسكن في بيت شعبي بوسط الرياض بأكثر من 20 ألف ريال إيجار سنوي.. وظروفي المالية تتردّى يوماً بعد آخر، خاصة مع غلاء الأسعار المتفشي، قدمت الطلب الإسكاني ولا أزال في قائمة الانتظار الطويلة". وقال المالكي "أزعجني كلام أحد مسؤولي الوزارة الذي يقول إنني استحق أمتاراً قليلة للسكن.. وإن ثلث راتبي سيخصّص لتسديد قيمتها.. فبالله عليكم هذه المساحة هل تكفي لبناء غرفة صغيرة ومطبخ. فكيف تخصص لسكن مواطنٍ مع عائلته وفوق ذلك يُؤخذ ثلث راتبه". ويرى المواطن منصور الحربي الأمر بنظرة مختلفة، قائلاً إن ا"لسكن أصبح من أهم الأمور في الحياة المعاصرة فلن يعمل المواطن جيداً ولن ينتج ولن يفكر بشكل صحيح حتى يستقر في منزله الخاص". وأضاف "نأمل من وزارة الإسكان التي تتولى هذه المسئولية الكبيرة سرعة إيضاح ما قاله المستشار عباس هادي، وهل هو يعكس وجهة نظر الوزارة أم يعبر عن رأيه الشخصي؟ فلقد أثار تصريحه الكثير من المخاوف لدى المواطنين الذين كانوا يمنون النفس بالحصول على سكنٍ مناسبٍ في مساحته وموقعه يعوضهم عن سنوات معاناتهم، ليصدمهم هذا التصريح بأنهم لا يستحقون سوى مساحة صغيرة لا تكفي أبداً". وفي العام الماضي، قال تقرير للبنك السعودي الفرنسي إن المملكة تحتاج لبناء 1.65 مليون مسكن جديد بحلول العام 2015 لتلبية الطلب المتزايد على المساكن وقال إن من المتوقع أن تحتاج شركات التطوير العقاري الخاصة والحكومية لبناء نحو 275 ألف وحدة سنوياً حتى العام 2015. ووفقاً لمراقبين، فإن مشاكل السوق العقارية في السعودية هي بسبب "ضعف دخل المواطن حيث أن نحو 60 في المائة من المواطنين دخلهم أقل من 7 آلاف ريال وهو ما يقلل فرصهم في الحصول على التمويل". ويتجاوز عدد السكان في السعودية 27 مليون نسمة 70 بالمائة منهم دون سن الثلاثين. ويقف غياب قانون الرهن العقاري - والذي يجري إعداده منذ نحو عشر سنوات - عائقاً أمام شريحة متوسطي الدخل التي يأتي منها معظم الطلب على المساكن. ويقول خبراء بالقطاع العقاري إن الفجوة بالقطاع تتركز في تلبية طلب شريحة أصحاب الدخل المنخفض وإلى حد ما شريحة أصحاب الدخل المتوسط إذ لم تكن شركات التطوير العقاري تركز فيما مضى سوى على بناء مساكن لأصحاب الدخل المرتفع والتي لا تمثل سوى عشرة بالمائة من الأسر.