خرجت دعد شرعب، المستشارة الأردنية للعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، عن صمتها، معلنة تحديها للنظام الليبي الحالي أو السابق والحكومة الأردنية بإثبات تورطها بأي قضية مالية أو حتى سياسية طيلة فترة عملها لاثنين وعشرين عاما في ليبيا. وتحدثت شرعب في لقاء خاص مع CNN بالعربية، هو الأول مع وسيلة إعلام منذ الإفراج عنها في الثالث والعشرين من أغسطس/آب الماضي، عن فترة إقامتها في ليبيا، والعلاقة التي جمعتها بالزعيم الليبي الراحل. وأكدت شرعب اتسام شخصية القذافي بالغرابة، مضيفة بالقول إنها "تستحق الدراسة،" معتبرة أن حالة "جنون العظمة" التي أصابته مؤخرا، خلقها لديه المقربون منه خاصة بإطلاق وصف أنه ملك ملوك إفريقيا، بحسبها. أما عن علاقة القذافي بأبنائه، فقالت إنها اتسمت بالرسمية جدا لافتة إلى أن أبناءه كان يهابون منه، فيما تحفظت شرعب على تقييم ما آل إليه القذافي بعد الثورة بالقول إن مصيره يقدره أبناء شعبه وهم أقدر على تقييمه." وأعربت شرعب بالمقابل عن استغرابها من "انقلاب بعض رموز النظام على القذافي" مضيفة بالقول "لا أستطيع تفهم أن يعمل أحد رموز النظام مع القذافي عشرين أو ثلاثين عاما وفي كنف النظام معززا مكرما، ولا داعي لذكر أسماء باتت معروفة اليوم، أما بالنسبة للشعب الليبي ومن قام بالثورة هؤلاء من يقف وراء الثورة الحقيقية." وأوضحت شرعب بالقول إنها لم تكن تختلط كثيرا بالعامة من الناس في ليبيا، وان الأخطاء التي كان يرتكبها القذافي لم تمسها وكانت مسألة شخصية تتعلق به خاصة أنها لم تكن تلتق به إلا في المرات التي كانت تزور بها ليبيا للعمل. الاتهامات والاحتجاز ونفت شرعب الاتهامات التي وجهتها إليها بعض الجهات الرسمية والإعلامية الأردنية والليبية حول احتجازها لمدة عشرين شهرا في ليبيا، على خلفية قضية مالية، داعية كل الأطراف بإظهار "ما يثبت ذلك." وأكدت شرعب أيضا أنه لا تربطها بالقذافي سوى علاقة احترام متبادل، وأنها لم تكن على خلاف مع أي طرف في ليبيا سواء من رجالات النظام أو غيره، مشيرة إلى أن القذافي لم يسيء معاملتها سوى لاحتجازه الأخير لها. ولم تستبعد شرعب من جهتها أن يكون وراء احتجازها ضغينة من أحد العاملين بالنظام، مشيرة إلى أن طبيعة عملها ضمن "الدائرة الضيقة" للرئيس القذافي، لا بد أن يكون قد خلق لها بعض العداوات، لكنها نفت أن تكون على خلاف مع أحد. وتتحدى شرعب بلهجة واثقة الحكومة الليبية ونظيرتها الأردنية بوجود أية قضايا عليها، قائلة: "من لديه قصاصة ورقة أو إثبات واحد فليظهره يتعلق بوجود قضية مالية أو سياسية علي." وكشفت شرعب عن تعرضها "لخدعة" بحسب وصفها، من العاملين بالنظام الذين أخبروها بلقاء سيجمعها بالقذافي، لتجد نفسها منقولة إلى أحد المقرات المعروفة لدى النظام باحتجاز المقربين منه من أمثال رئيس الوزراء والوزراء وأبناء القذافي في حال حدوث خلاف معه. وقالت شرعب: "في السابع والعشرين من شهر كانون الثاني 2010 أبلغتني القيادة بأن الرئيس يريد رؤيتي في سرت وذهبت إلى هناك ثم عدت إلى طرابلس لأنهم أخبروني انه غادر إلى أديس أبابا، وعندما وصلت إلى مطار معيتيقة أخبرني رجل يدعى جمعة أن رئيس الأقلام لدى النظام وأحد مساعدي القذافي، أحمد رمضان، يريد رؤيتي في أحد المقرات، واقتادوني حينها إلى محل الاحتجاز وكان في استقبالي عبد الحميد السايح الذي علمت لاحقا انه مسؤول مكافحة الإرهاب في ليبيا." وبقيت شرعب في محل إقامتها في الاحتجاز في طرابلس بحسبها دون التواصل مع العالم الخارجي، سوى معرفة أخبار ليبيا من خلال محطات التلفزة، بعد أن طلبت من مرافقها وشقيقتها العودة أدراجهم إلى الفندق ومضى على مكوثها عشرين شهرا. تقول شرعب إن مفاوضات قليلة تمت بينها وبين أحد المسؤولين في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2010 في النظام بعد احتجازها بأشهر، للإدلاء بشاهدة أمام النائب العام عبد الرحمن العبار تتعلق بأمن الدولة مقابل الإفراج عنها، في الوقت الذي عرض عليها مبلغ مالي للسكوت عن "احتجازها" وعدم التوجه لرفع دعوى أمام المحاكم الدولية لمقاضاة الحكومة الليبية. وفي الوقت الذي رفضت فيه شرعب "المبلغ المالي" وفقا لها، أشارت إلى أن المسؤولين لم يعادوا الطلب إليها بتقديم شهادتها، وأعربت عن استغرابها من تجاهل متابعة الإفراج عنها، وتابعت بالقول:" بقيت حتى الأيام التي سبقت الثورة وشاهدت عائلتي مرتين في مبنى الجنايات العامة وعند المرة الثالثة التي كان من المفترض أن نلتقي جميعا بالرئيس لكن أحداث الثورة سبقت كل شيء وغادرت عائلتي وعدت إلى مقر الاحتجاز حتى أغسطس/آب." وتلفت شرعب إلى أنها نجت من الموت بمعجزة إلهية مع بدء قصف قوات الناتو لمقر الاحتجاز، فيما ساعدها على الهرب مواطن ليبي كان يعمل في المقر في صنع القهوة والشاي حيث تم إرسالها إلى سجن أبو سليم في الثامن عشر من أغسطس 2011. وتروي شرعب فترة تواجدها في سجن أبو سليم الذي سعدت بانتقالها إليه لاعتباره مقرا آمنا كان يأوي ما يزيد عن عشرة آلاف سجين ليبي سياسي، مشيرة إلى أنها مكثت في مقر الإدارة دون الاختلاط بالسجناء في ظروف صحية ونفسية سيئة وإلى حين وصول الثوار إلى المنطقة المحيطة بأبوسليم وبدء الناتو قصف الأسوار الخارجية له. وبينت شرعب أن مكوثها في سجن أبو سليم لم يطل، خاصة بعد بدء قوات الناتو لقصف أسوار السجن الكبير وإطلاق تكبيرات من المسجونين احتفاء باقتراب الناتو والثوار. وتدين شرعب بحسب قولها إلى مواطن ليبي لا ينتمي إلى أي طرف من النظام أو غيره، اقتحم السجن بعد قصفه باحثا عن مقيمين، واستطاع إخراجها هي وثلاثة من الممرضات الليبيات. ونقلت شرعب في اليوم التالي إلى منزل احد الليبيين في منطقة عين زارة، وتمكنت حينها من بدء اتصالاتها مع أهلها والمسؤولين لإيجاد طريقة للخروج من البلاد، وتبنى بحسبها "عناصر من ثوار الزنتان وموظف كان يعمل لديها قبل الثورة انضم إلى صفوف الثوار حيث تم نقلها إلى "رأس جدير" الحدودية مع تونس، لتغادر بعدها إلى جزيرة "جربة التونسية" ومن قم ثم إلى عمان في طائرة أرسها إليها الأمير السعودي الوليد بن طلال، بعدما ودعت الثوار بحسبها. وأكدت شرعب التي تمتلك العديد من الشركات الاستثمارية من بينها شركة نفطية تدعى prime oil أسستها عام 1988، أنها لم تستطع لليوم أن تعرف حقيقة وخلفيات احتجازها لدى النظام الليبي. وكانت شرعب تتنقل بين ليبيا ولندن وقبرص وعمان وعدد من البلدان الأخرى لإنجاز أعمالها، فيما تزوجت في وقت سابق من رجل سعودي وأنجبت منه طفلتها الوحيدة. وفي الأثناء، حملت شرعب مسؤولية احتجازها طيلة تلك المدة إلى وزير الخارجية الأردني ناصر جودة والحكومة الأردنية متسائلة عما كانت تنتظره للسعي للإفراج عنها باعتبارها مواطنة أردنية محتجزة لدى النظام الليبي، خاصة بعد قيام الثورة هناك. وأعربت شرعب عن استغرابها من شن الصحافة الأردنية هجمة عليها، واصفة إياها بالهجمة المبرمجة، فيما أشارت إلى أنها غير مقتنعة بالصريحات الرسمية الأردنية وبالتقاعس الأردني في متابعة قضيتها، ملمحة إلى أن الأولوية كانت للمصالح السياسية بين الأردن وليبيا. حياة سيدة الأعمال وعن حياة شرعب سيدة الأعمال التي أسست شركات استثمارات عديدة إضافة إلى عملها كمستشارة لدى شركات أجنبية وحصولها على وكالات لشركات أجنبية من بينها شركة تالاس الفرنسية المختصة بالاتصالات والأقمار الصناعية، تؤكد أنها عملت بجد حتى حققت النجاح الذي وصلت إليه، رافضة جملة وتفصيلا "استفادتها" من أموال النظام الليبي. وقالت شرعب إن لديها شركة المجموعة العربية التي أسست بطلب من الرئيس الليبي ولم تتلقى دعما منه وهي الآن بصدد التصفية. وأوضحت شرعب أنها عملت طيلة تلك المدة كمستشارة لدى الرئيس القذافي في شركة "الاستثمارات الليبية الخارجية لافيكو" وتقييم المشاريع الاستثمارية، مؤكدة أنها كانت تتقاضى عمولاتها من الشركات الأجنبية التي عملت مستشارة فيها. وعينت شرعب في "لافيكو" قبل 22 عاما، بعيد لقاء تم بطريق الصدفة بينها وبين القذافي في مؤتمر عقد لاتحادات النساء العربيات في لبيبا حضرته بدعوة شخصية من رئيس الاتحاد النسائي الليبي آنذاك، حيث جرت مناقشة مفتوحة مع القذافي.