مكة أون لاين - السعودية كل إنسان له (جوّه) الخاص بالسفر وله طقوسه المقدسة، وعادة ما أعطي بعض الدول والمطارات أسماء لمواقف وأحداث صارت فيها، لتظل عالقة في الذاكرة. مطار فرانكفورت الدولي منحته اسم (مطار تركي الدخيل) وذلك بعد انتظار دام ثماني ساعات، أنهيت فيها كتاب الدخيل من الدفة إلى الدفة. مطار جون كينيدي في نيويورك استحق اسم (مطار الحرامية) لكثرة أحداث السرقات فيه، خصوصا للحقائب الكبرى في الرحلات الدولية! أعرف صديقا اشترى سبعة آيبادات وثلاثة آيفونات كهدايا سُرقت في مطار كينيدي، وتحول الأمر لظاهرة مزعجة، حيث قامت إدارة المطار بتزويد كافة المناطق التابعة لتحميل وتنزيل حقائب المسافرين بكاميرات مراقبة بعد تزايد أعداد الشكاوى. في المقابل وخلال زيارتي الأخيرة لمطار سريلانكا الدولي في العاصمة كولومبو، لم يكن هناك مفر من تسميته، ب(مطار الدموع)! وفي مطار كولومبو ترى تسونامي من الحزن يدلق إلى كل زاوية فيه. مطار الدموع لأنه يشهد وبشكل يومي توديع الأهالي لأهم عنصر في أي عائلة بالعالم: الأم! ما زال المشهد حاضرا لعائلة سريلانكية مكونة من خمسة أطفال وهي تودع أمّها، ثلاثة منهم تحت سن العاشرة وبنت - تبدو- في المتوسطة، وولد يكبر أخته قليلا. يبدو أن الأم ستعمل عاملة منزلية في دولة خليجية، ولكن أي كلمات تصف مشهد البكاء والحرقة والإحساس بالعجز والفقر، وعدم الحيلة، لأطفال بهذه السن وهم يودعون أمهم لرحلة مجهولة قد تمتد لسنوات، ولا تدري ماذا تحمل لها شواطئ الأيام من آمال وآلام. هل ستكون هذه الأم محظوظة بعائلة تعمل لديها تحترم فيها إنسانيتها وتعاملها بلطف؟ أم سيسقط حظها العاثر في يد من يسومها سوء العذاب بلا رحمة ولا رأفة؟ المشي في مطار كولمبو.. تماما كالمشي على جسر من المعاناة فوق نهر من الدموع! وعلى ذكر سريلانكا سيلحظ المسافر المراقب أن كثيرا من أهل البلد يشرب البيبسي (أو الكولا) حارا بدون تبريد! ستلحظ كذلك عندما تتجاوز فندقك الفاخر وشاليهك المترف، وتتغلغل في أزقة المدينة، أن كثيرا منهم - برغم الحر والرطوبة - لا يستخدم مكيفا! وعند السؤال والبحث يأتي الجواب سريعا: الفقر! الناس لا تستطيع توفير ثلاجة بالمنزل فضلا عن مكيف، وحتى لو كنت محظوظا وحصلت على مكيف أو ثلاجة فإنه لا طاقة لك بتسديد فاتورة الكهرباء باهظة التكلفة! لذلك أصبح روتينا وتعود الناس على الحياة بلا مكيف. انتهت المساحة المخصصة، ولم تنته حكايا سريلانكا.