د. فهد بن عبد الله الحويماني الاقتصادية - السعودية مع البدء في تطبيق قرار السماح للمؤسسات الأجنبية بامتلاك الأسهم السعودية وفقا للآلية التي تم إعلانها أخيرا، ينشأ سؤال بديهي عما إذا كان هناك ما يمنع مؤسسة أجنبية تمتلك أسهما سعودية من القيام بإدراج حصتها من تلك الأسهم في بورصات دولية، مثل الأسواق الأمريكية والأوروبية؟ في الواقع إنه لا يوجد مانع قانوني ولا فني من القيام بذلك، بل إن هناك عددا كبيرا من أسهم الشركات العربية والعالمية مدرج في بورصات دولية، وإن هذه الطريقة أثبتت جدواها وفوائدها للمستثمرين الأجانب من جهة وللشركات المدرجة أسهمها خارجيا. طريقة الإدراج ليست صعبة، فبعد قرار السماح للمؤسسات الأجنبية بتملك الأسهم السعودية ينتفى فورا العائق الرئيس المتمثل في امتلاك الأجانب الأسهم السعودية. وعلى الرغم من أن البعض قد يعتقد أن هناك فرقا بين امتلاك الأسهم من قبل مؤسسة مصرح لها وبين امتلاك الأسهم من قبل أفراد عاديين، إلا أنه في واقع الأمر لا يوجد فارق حقيقي طالما أنه رسميا وعمليا تبقى الأسهم باسم الجهة المصرح لها بامتلاك الأسهم. لذا فمن المتوقع أن نسمع قريبا عن مؤسسات أجنبية تتقدم إلى هيئة السوق المالية السعودية بطلب السماح لها بإصدار شهادات إيداع أمريكية أو عالمية مقابل ما تمتلكه من أسهم سعودية. فيما يلي استعراض لأهم مبررات السماح لأي مؤسسة أجنبية مرخص لها امتلاك الأسهم السعودية من القيام بإصدار شهادات إيداع في سوق خارجية، وفوائد القيام بذلك: 1. ليس في آلية إدراج الأسهم السعودية في الخارج أي مخالفة لقواعد السماح للشركات الأجنبية بالاستثمار في الأسهم السعودية، كون ذلك ليس له تأثير في نسبة التملك، ولن يكون هناك أي تأثير في أي من القواعد المنظمة لذلك. مثلا مؤسسة أجنبية احترافية قد تقوم بتملك 100 مليون سهم من أسهم شركة سابك، البالغ عددها ثلاثة مليارات سهم. 2. عندما تقوم هذه المؤسسة بإصدار شهادات إيداع في بورصة نيويورك، على سبيل المثال، فإن الأسهم لا تزال مسجلة باسم المؤسسة المالية، وأي تداولات لهذه الأسهم لا يؤثر في ملكية المؤسسة الأجنبية، ولا في التزاماتها أمام هيئة السوق المالية. 3. في الواقع إن السوق المالية السعودية "تداول" أعلنت عن استعدادها لاستقبال طلبات أسهم الإدراج المزدوج لأي شركة أجنبية، وبالفعل تقدمت شركة خليجية "شركة إشراق العقارية الإماراتية" المدرجة حاليا في سوق أبو ظبي المالية بطلب الإدراج المزدوج في السوق السعودية. 4. من ناحية استراتيجية واقتصادية، الأولى أن يتم إدراج الأسهم السعودية في الخارج، بدلا من إدراج الأسهم الأجنبية في المملكة، وذلك لأن المنفعة الكبرى من الإدراج المزدوج، أو من شهادات الإيداع المتداولة، تعود لمصلحة الشركة التي يتم إدراج أسهمها خارجيا، حيث إن ذلك يرفع من مستوى سيولة التداول ويساعد على منح السهم سعره المستحق، والأهم من ذلك أنه يسمح للشركة "متى تم استيفاء المتطلبات النظامية" برفع رأسمالها من مصادر أموال أجنبية. 5. إن السماح للمؤسسة الأجنبية المرخصة بإدراج حصتها من الأسهم في بورصة خارجية من شأنه أن يشجع المؤسسات الأجنبية الاحترافية على التقدم بطلب تملك الأسهم السعودية، حيث من الواضح أن الشروط والقواعد التي أصدرتها الهيئة بخصوص ضوابط تملك الأسهم السعودية تعتبر صعبة إلى حد كبير، ما قد يقلص من عدد المؤسسات الراغبة في الاستثمار في السوق السعودية. وفي المقابل، هناك مؤسسات أجنبية كبرى تعمل في مجال الوساطة، وتتمتع برؤوس أموال كبيرة، لديها الرغبة في التعامل مع السوق السعودية، لا كمالك مباشر للأسهم، بل كوسيط يعمل في مجال شهادات الإيداع. 6. الفكرة ببساطة هي أن تقوم المؤسسة الأجنبية بامتلاك حصة معينة من واحدة أو أكثر من الشركات السعودية المدرجة محليا، ومن ثم تقوم بالترتيب مع أحد المصارف المتخصصة، حيث تقوم بإصدار أسهم دولية مقابل هذه الحصص، وتقوم بإدراجها في إحدى البورصات، مثلا بورصة نيويورك، ويتم تداول تلك الأسهم بالدولار الأمريكي، تماما كأي أسهم أمريكية متاحة للمتداولين كافة. وعندما تتسلم المؤسسة الأجنبية أي أرباح موزعة تقوم بتحويلها بالدولار وإيداعها في حسابات ملاك الأسهم في الخارج، وتقوم كذلك بتزويد الملاك بجميع القوائم المالية والمعلومات المتعلقة بالشركة. 7. هذه الترتيبات وما يتم من تداول خارجي ليس له تأثير في ضوابط الاستثمار الأجنبي في الأسهم السعودية، كون ما يعني هيئة السوق المالية و"تداول" هو أن المؤسسة الأجنبية مؤهلة ومرخصة وتمتلك أسهما سعودية باسمها وتلتزم بجميع الضوابط المنظمة لذلك، ولا يعنيها كيف تتصرف المؤسسة الأجنبية بما لديها من أسهم. كما أن ذلك لا يعني أن الأفراد الأجانب سيمتلكون أيا من هذه الأسهم المتداولة في البورصة الخارجية، بل إن الملكية تبقى طوال الوقت لمصلحة المؤسسة المرخصة. هناك عدد كبير من الشركات العالمية التي تقوم بإدراج أسهمها في البورصات الدولية، وتشمل شركات معروفة مثل نوكيا الفنلندية وسيمنز الألمانية وبريتش بتروليوم البريطانية ونستله السويسرية ويوني ليفر البريطانية وتشاينا موبايل الصينية وألكاتيل لوسنت وتوتال الفرنسيتين، وغيرها من الشركات المعروفة. ويتم ذلك بقيام إحدى المؤسسات المالية بامتلاك عدد من الأسهم الأجنبية وتولي جميع المهام اللازمة لامتلاك الأسهم الأجنبية، ومن ثم تقوم بإصدار شهادات إيداع مقابل ذلك وتقوم بالتنسيق مع إحدى البورصات لإدراج تلك الشهادات فيها. بعد ذلك تقوم المؤسسة المالية بتولي عمليات المقاصة والحفظ وضبط السجلات وتسلم الأرباح الموزعة وإيداعها في حسابات المستثمرين، وما إلى ذلك، وتحقق مقابل ذلك رسوما مالية معينة. الحقيقة إن إدراج الأسهم السعودية بهذه الطريقة يحقق عددا من الأهداف التي لا تتحقق بشكل جيد بحسب الطريقة الحالية، التي هي مجرد وسيلة لامتلاك الأسهم السعودية دون حق التصرف فيها. فإلى جانب كون ذلك يشجع على امتلاك الأسهم السعودية من قبل المؤسسات الأجنبية، فإنه كذلك يؤدي إلى رفع جودة البيانات المالية وزيادة مستوى الإفصاح، إضافة إلى فتح قنوات جديدة أمام الشركات السعودية لرفع رؤوس أموالها من مصادر خارجية. كذلك عندما يتم تداول الأسهم من قبل عدد كبير من الأفراد في الخارج "مع بقاء الملكية باسم المؤسسة المرخصة" فإن ذلك يؤدي إلى رفع جودة عملية تثمين أسهم الشركة، حيث تكون أسهمها مسعرة بأفضل الأسعار وأكثرها عدالة. لاحظ أن ذلك لا يتحقق بشكل كامل في حالة الامتلاك الخامل، أي عندما تقوم المؤسسة الأجنبية بامتلاك الأسهم وحفظها في أدراجها. المكسب الآخر من هذه الطريقة أن إدراج الأسهم السعودية في البورصات الأجنبية يعود بفائدة مباشرة للشركة ذاتها، وذلك لأن هناك علاقة مباشرة بين شهرة الشركة في الأسواق المالية وإقبال الناس على منتجاتها وخدماتها، فيكون الإدراج عبارة عن دعاية مجانية للشركة. يوجد حاليا نحو 300 شركة أجنبية مدرجة في بورصة نيويورك، 180 منها مدرجة على المستوى الثالث و120 شركة مدرجة على المستوى الثاني، إلى جانب أكثر من ألفي شركة مدرجة في البورصات غير الرسمية. معظم هذه الشركات تأتي من دول مثل الصين "66 شركة" وبأعداد متقاربة لكل من بريطانيا والأرجنتين والبرازيل والمكسيك واليابان، وشركة تركية واحدة.