عبدالله المديفر اليوم - السعودية استضفت الداعية الكويتي أحمد القطان في برنامجي التليفزيوني لقاء الجمعة، وبعيداً عن ما دار في الحوار، أدهشتني في اللقاء قصة والده «رحمه الله»، حيث أصيب عبدالعزيز القطان - والد الشيخ أحمد - بالشلل بعد صاعقة ضربته وهو على ظهر سفينة في البحر، وهذه الحادثة أبعدته عن العمل واستقر في منزله يصارع الفقر والمرض، حتى ذكروا له شيخا يقرأ القرآن على المرضى ويرقيهم، فأرسلوا في طلبه وحضر إلى بيت عبدالعزيز القطان المتواضع، وعندما شاهد حاله قال له: (سأقرأ عليك بخمس ربيات)، فامتعض المشلول عبدالعزيز من كلامه، وقال له: (أنا مريض وفقير، وأقتات على بيع علب الحلويات والكبريت في بسطة صغيرة أمام باب بيتي، ولا أستطيع تأمين الربيات الخمس، وكل ما ستفعله هو النفخ بالهواء، فلماذا هذا التعقيد؟!)، فما كان من الشيخ الراقي إلا أن رد بحسم: إما أن تدفع الخمس ربيات أو أغادر البيت، فرد المشلول بقوله: (بل غادر، وهذا الدين الذي معك لا أريده). وأخذ بعدها ردة فعل عنيفة من الدين والمتدينين، وفي نفس التوقيت علم عبدالعزيز القطان أن هناك إرسالية طبية أمريكية فيها دكتور ماهر اسمه سكودر، فقرر الذهاب إليه، وكان يزحف من بيته إلى مكان الإرسالية، ووصلها وهو في قمة التعب وأغمى عليه عند بوابة الإرسالية، وشاهده الطبيب من النافذة وأمر الفريق الطبي بإنقاذه ومساعدته، واهتم بعلاجه حتى شفي، وبعد الشفاء وضع في جيبه خمس ربيات، وهذا الموقف ضاعف من شدة سوء موقف الراقي في نفس عبدالعزيز القطان، وبعد سنين طويلة وفي منتصف الثمانين يصاب عبدالعزيز بسرطان البروستاتا، ويرافقه ابنه الشيخ أحمد القطان في المستشفى، وكان لا يستطيع التحكم بمسالكه، فكان الشيخ أحمد بلحيته الطويلة ينظف والده بنفسه ويزيل النجاسات بيديه، عندها التفت عبدالعزيز لابنه أحمد وقال له: (يا ولدي، هذا الدين الحقيقي وهذا هو الإسلام)، وكان عبدالعزيز القطان طيلة السنوات الماضية لا يصلي ولا يقيم شيئا من واجبات الدين، وبعد هذا الموقف قال: (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الجنة حق وأن النار حق)، وطلب من ابنه ماء وفوطة للوضوء ليصلي الصلاة الأولى له بعد كل هذه السنين، وفي الغد توفي رحمه الله. إنها قصة عظيمة لأثر المعاملة على الناس، وتذكروا أن الرسول الخلوق محمد «صلى الله عليه وسلم» كان يميط الأذى عن الطريق، ويضع اللقمة في فم زوجته، وأخبرنا أن زانية غفر الله لها ذنبها لأنها سقت كلباً عطشان. علاقتنا مع الناس هي جزء من علاقتنا مع الله.