مكة أون لاين - السعودية يزعم من لا خبرة له بتاريخ العرب أن «مارية» اسم أعجمي، وهو عربي صميم عرفته العرب به وتغنت به في أشعارها. والبحث في تاريخ العرب وأشعارهم وتقليب صفحات حياتهم أمر ماتع يفتح للباحث أفاقا ويجلي له غوامض ويكسبه أخلاقا وشرفا. قال حسان بن ثابت في الجاهلية يمدح الغساسنة، وهم ملوك الشام من الأزد، وقد انتسبوا لأمهم التي يقال لها مارية:لله در عصابة نادمتهم يوما بجلق في الزمان الأولأبناء جفنة حول قبر أبيهم قبر بن مارية الكريم المفضلبيض الوجوه كريمة أحسابهم شم الأنوف من الطراز الأولفمن شهرة الاسم وشهرة صاحبته انتسب هؤلاء الملوك الأزديون إلى أمهم مارية، ولم يكن ذلك عيبا أو نقصا في سمعتهم أو مكانتهم. ومما جاء في أشهر أمثال العرب قولهم عند المبالغة في قيمة الشيء، ورفع قيمته الحسية والمعنوية: «خذه ولو بقرطيّ مارية». ومارية المقصودة قيل هي بنت أرقم بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة بن عوف من الأزد، وكان في قرطيها دُرَّتان كبيض الحمام لم يُرَ مثلهما، ولم يُدْر ما قيمتها، فضرب الناس بهما المثل فقالوا: «أنفس من قرطي مارية». وذكر الميداني أنها أهدت قرطيها إلى الكعبة وعليهما درتان كبيض الحمام، ولهذا يضرب بهما المثل في الشيء الثمين ولا يفوتنَّك بأي شيء يكون. قال أبو العلاء المعري:ما رَبَّةُ التاجِ وَالقُرطَينِ مارِيَةٌ إِلا كَمارِيَةٍ في إِثرِها ذَرَعُوقال أبو نواس:كَأَنَّ إِكليلَهُ تاجُ اِبنِ مارِيَةٍ إِذ راحَ مُعتَصِبا بِالوَردِ وَالآسِويقال في كتب التاريخ إن هذين القرطين وجدا بعد فترة عند فاطمة بنت أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان، وفاطمة هذه هي أخت أربعة من الخلفاء، وزوجها هو الخليفة العادل الشهير عمر بن عبدالعزيز. قال الزركلي في الأعلام «وذكروا عن قرطيها أنه كان فيهما لؤلؤتان عجيبتان، وأنها أهدتهما إلى الكعبة. وقيل: جلبا إلى بلاد الشام، وقُوِّما بأربعين ألف دينار! ويحكى أن الخليفة عبدالملك بن مروان وهبهما إلى ابنته فاطمة حين زوجها لعمر بن عبدالعزيز، فلما ولي عمر الخلافة قال لها: إن أحببت المقام عندي فضعي القرطين والحلي في بيت المال، فأجابته إلى ما أراد». وفي التاريخ العربي أيضا يقال إن هذين القرطين لامرأة من قبيلة الأزد، وهي مارية بنت أرقم بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة جدة الغساسنة ملوك الشام المذكورين في قصيدة حسان. وهذان القرطان قد اختفى أثرهما وجهل تأريخهما مع تقادم الأعوام والأزمنة. ولم يكن هذا الاسم معروفا في الغساسنة فقط، بل نقل النسابون أن في أجداد القرشيين من كانت تعرف بمارية. فجدة مروان بن الحكم والد الخليفة الأموي الشهير عبدالملك بن مروان تسمى (مارية بنت موهب الكندية)، وهي والدة أمه آمنة، وقيل إن مارية الكندية هذه هي الملقبة بزرقاء اليمامة، وهي نسبة لا أظنها تثبت، ولعلها كانت تلقب بالزرقاء، كما ذكره بعضهم لزرقة عينيها. وقد تزوج سعد بن أبي وقاص بامرأة يقال لها (مارية بنت قيس بن معد يكرب الكندي)، وله من الولد منها عمر الذي قتله المختار، ومحمد بن سعد. وفي جدات النبي صلى الله عليه وسلم (مارية بنت كعب بن القين بن جسر القضاعية)، وهي أم كعب بن لؤي. وبعض المراجع تجعلها ماوية، وهو خلاف أكثر النسخ. وقال ابن السائب الكلبي عن القبيلة العربية الشهيرة (غفار)، وهي قبيلة أبي ذر الغفاري: أم غفار ونعيلة (مارية بنت الجعيد العبدية). ومارية العبدية هذه لها قصة وشرف لا ينتهي عند العرب، فقد قالها ابن حبيب في المحبر في فصل النسوة اللواتي كانت إحداهن إذا أصبحت عند زوجها كان أمرها إليها إن شاءت أقامت وإن شاءت تركته وذلك لشرفهن وقدرهن. وختاما كانت تلك بعض أخبار العرب وبعض آدابهم وأسمائهم. [email protected]