الاقتصادية - السعودية تتزايد المطالب بضرورة تعديل نظام المناقصات والمشتريات الحكومية، فالنظام الحالي لم يعد يتلاءم مع متطلبات التنمية الحديثة وفيه الكثير من الثغرات التي شجعت على الفساد واستغلاله لمزيد من النفوذ والانتفاع الشخصي، وجاءت الدراسة التي أجرتها "مؤسسة السعفة" إحدى مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في تعزيز قيم النزاهة والشفافية بالتعاون مع معهد ماكنزي الدولية للاستشارات لتؤكد على الحاجة الماسة للتعديل. الدراسة أبانت عن العديد من المشكلات في النظام الحالي في إجراءات الطرح وتحديد المواصفات في وثائق المنافسة لتلائم منتجات أو موردين بعينهم، وعدم وضع معايير اختيار ثابتة للموردين قبل الإعلان عن المنافسة، وتفاوت جودة وجود إعلانات المنافسات ونتائجها. وثائق المنافسة غالبا ورقية ولدى مكتب الجهة الحكومية فقط وقد تنفد النسخ، كما أن تسعير وثائق المنافسة غير موحد وأحيانا مجحف، وقد يتمكن الموردون من تقديم عروض منخفضة الأسعار والفوز بالمنافسات من خلال التواطؤ مع المشرفين على المشروع، إضافة إلى قصر المدة الممنوحة لتقديم العروض مع اطلاع أحد المتنافسين على تفاصيل المشروع قبل الطرح. كما بينت الدراسة أن هناك مشكلات أساسية في إجراءات الترسية والتنفيذ وتفاوت في إجراءات الإعلان عن نتائج ترسية المنافسات وعدم شفافيتها، وإمكانية تواطؤ بعض المتنافسين مع الجهة الحكومية لتقديم عرض متدن للفوز بالمنافسة ومن ثم التغاضي عن تنفيذ بعض عناصر المشروع، كما لا توجد وسيلة رسمية للمتنافسين غير الفائزين للحصول على مبررات عدم فوزهم، ولا توجد أيضا قناة رسمية لدى الجهة المسؤولة عن المناقصة للشكاوى المتعلقة بالمخالفات. وطالبت الدراسة بعدد من التوصيات ومنها: إنشاء موقع إلكتروني مركزي للمنافسات والمشتريات الحكومية يحتوي على التفاصيل الكاملة حول نظام المشتريات ولائحته التنفيذية، وتوفير المعلومات اللازمة حول الإجراءات والمبادئ التوجيهية الخاصة بالمشتريات والمنافسات. ويمكن من خلال الموقع الإلكتروني المركزي للمنافسات والمشتريات الحكومية زيادة الشفافية والكفاءة فيما يتعلق بالمشتريات العامة، أسوة بما قام به الاتحاد الأوروبي بتوحيد المشتريات العامة لجميع الدول الأعضاء في موقع إلكتروني واحد، ما يساهم في تحسين كفاءة عملية الشراء، وتحسين فرص الوصول إلى الأسواق والمشاركة والتنافس ما من شأنه أن يؤدي إلى التوفير في كلفة المشتريات والحصول على قيمة أفضل، وتعزيز الشفافية والنزاهة في المشتريات الحكومية من خلال سهولة الوصول إلى المعلومات. كما أوصت الدراسة بمراجعة إجراءات الترسية والطرح، وآلية اختيار اللجان وترسية العروض، وإلزام الجهات الحكومية بإعلان الفائزين والآلية المتبعة للطرح، وكذلك إتاحة الفرصة للاعتراض ومعرفة سبب الاستبعاد للمستبعدين وغيرها من التوصيات. الدراسة قيمة جدا وتستحق الاطلاع وهي موجودة على موقع مؤسسة السعفة، ولكن المهم هو دخولها حيز التطبيق من قبل جميع الوزارات والجهات الحكومية، فكثير من مشكلات التنمية تتعلق بتأخر تنفيذ المشاريع وهو ما يرتبط بشكل أو بآخر بشبهات الفساد ومجاملة غير المؤهلين الذين يتسللون عبر ثغرات النظام القديم ويحرجون الدولة ويضرون بمستقبل أبنائنا.